مُبادرة «دراجة لكل مواطن» تنعش حرفة «العجلاتي» في مصر

أصحابها ينتشرون بشكل لافت في المناطق الشعبية والقرى

مُبادرة «دراجة لكل مواطن» تنعش حرفة «العجلاتي» في مصر
TT

مُبادرة «دراجة لكل مواطن» تنعش حرفة «العجلاتي» في مصر

مُبادرة «دراجة لكل مواطن» تنعش حرفة «العجلاتي» في مصر

فيما تهدف مبادرة «دراجة لكل مواطن» الحكومية إلى نشر ثقافة استخدام الدراجات الهوائية بين المصريين كوسيلة مواصلات صديقة للبيئة، من خلال توفيرها بأسعار رخيصة، فإنّها ساهمت كذلك في عودة الاهتمام بحرفة «العجلاتي» التي كادت أن تختفي خلال السنوات الماضية بسبب تراجع استخدام الدراجات، وشهدت الحرفة نشاطاً ملحوظاً منذ أن بدأت الحكومة تدشين العديد من المشروعات والمُبادرات لتسهيل قيادة الدراجات في شوارع القاهرة، وتنظيم أنشطة رياضية تدعم هذا التوجه، خاصة عقب ظهور الرئيس عبد الفتاح السيسي يقود دراجته في مناسبات عديدة.
وتهدف المُبادرة الحكومية الجديدة إلى تغيير ثقافة الانتقال اليومية للمواطنين، وتشجيعهم على استخدام الدراجات الهوائية بدلاً من وسائل التنقل المستهلكة للوقود والملوثة للبيئة، وتتضمن توفير الدّراجات بسعر مناسب للمواطنين.
وشهدت حرفة «العجلاتي»، وهي صيانة الدراجات الهوائية، سنوات من التراجع وعدم الاهتمام، أدّى إلى إغلاق العديد من الورش بسبب كساد السّوق الناتج عن انحسار ثقافة استخدام الدراجات الهوائية.
محمد رُزّة (43 سنة)، صاحب ورشة لصيانة الدّراجات في حي عابدين التاريخي بوسط القاهرة، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الحرفة عانت طوال السنوات الماضية من الكساد، واضطر الكثير من أصحاب الورش إلى إغلاقها والبحث عن مهن أخرى، لكنّني رفضت ذلك رغم الصعوبات التي واجهتني، وكنت أقول لنفسي دائماً إنّ الأوضاع ستتحسن يوماً ما، كما أنّني لا أعرف حرفة غيرها، إذ ورثتها والورشة عن أبي الذي ورثها عن جدي».
واتخذت الحكومة العديد من الخطوات خلال العامين الماضيين لتشجيع مواطنيها على استخدام الدراجات الهوائية كوسيلة مواصلات بديلة، حيث بدأت مشروعاً تحت اسم «سكتك خضراء» بالتعاون مع كل من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، والسّفارة الدنماركية في القاهرة، بهدف تشجيع كافة فئات المجتمع على استخدام الدّراجات الهوائية كوسيلة مواصلات بديلة عن الوسائل التقليدية، وتحسين الخدمات المُقدمة لراكبي الدراجات، من خلال إنشاء مسارات خاصة في الشوارع، وتخصيص مساحات لركنها على شكل أرفف في الساحات العامة وأمام النوادي والجامعات في العاصمة، على أن تُعمم التجربة في باقي محافظات الجمهورية.
وتشهد الحرفة انتعاشاً لافتاً خلال العامين الماضيين، منذ أن بدأت الحكومة حثّ الناس على استخدام الدراجات، حسب رُزة الذي أوضح قائلاً: «كان لظهور السيسي وهو يقود دراجته تأثير كبير في تحقيق هذه الانتعاشة، وأقبل العديد من الشباب والموظفين والطّلاب وفئات مختلفة على شراء الدّراجات بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، وتوسعت في أعمال الورشة، فبجانب الصيانة، لدينا دراجات جديدة ومستعملة للبيع، كما نشطت لدينا خدمة تأجير الدراجات».
ويبلغ متوسط سعر الدراجات في مصر نحو 3 آلاف جنيه، (الدولار الأميركي يعادل 16.5 جنيه مصري)، كما يشكو البعض من عدم توفر مساحات مخصصة لسيرها في شوارع العاصمة المصرية المكتظة بالسكان والسيارات.
ورث رُزّة هذه الحرفة القديمة عن أبيه وجده، وهو يعتبرها حرفة العائلة، فقد عمل في الورشة منذ أن كان عمره 11 سنة، لذلك يعتقد أنّ «صيانة الدّراجة تختلف عن صيانة أي مركبة أخرى، فرغم بساطتها، فإنّها تحتاج إلى دقة متناهية واحترافية، وهي بالنسبة لي تشبه في دقتها إلى حد كبير صيانة السّاعات، إذ لا يتوقف الأمر عند اكتشاف المشكلة، بل تكمن احترافية الفني في حلها بشكل نهائي وبأقل التكاليف».
ويُعد العمال أكثر الفئات استخداماً للدراجات الهوائية في التنقل اليومي والذهاب إلى أعمالهم، خاصة في المناطق الصناعية والضواحي، وتُخصص الكثير من المصانع ساحات أمام أبوابها لركن دراجات العمال، كما يستخدمها كثيرون في الأعمال التجارية، حيث تُستخدم لنقل البضائع صغيرة الحجم، وتوزيع أنابيب الغاز «البوتاغاز» على المنازل، ويستخدمها أيضاً عمال الأفران في نقل الخبز وتوزيعه على المطاعم أو الباعة.
ويقول علي سيد، فني إصلاح دراجات في حي حلوان «جنوب القاهرة» لـ«الشرق الأوسط» إنّ «الورش التي تقع في مناطق صناعية بها عمال لم تتأثر خلال السنوات الماضية، فالورشة التي أعمل بها تقع بجانب العديد من المصانع الكبيرة، منها مصنع الحديد والصلب، والعمال يستخدمون الدّراجات بشكل دائم في التنقل والذهاب إلى عملهم، وشراء حاجياتهم من الأسواق، لذلك هم زبائن دائمون لدينا منذ سنوات طويلة». ويضيف: «خلال العامين الماضيين بدأت فئات جديدة في شراء الدراجات، بينهم طلاب في الجامعات وموظفين، وشباب يعملون في مهن مختلفة، إذ يبدو أنّ ارتفاع أسعار المواصلات دفع الكثيرين إلى التفكير في وسائل اقتصادية للتنقل، خاصة الذين يعملون في أماكن لا تبعد كثيراً عن منازلهم».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».