الحكيم يستعد لتشكيل جبهة معارضة و«حكومة ظل» من الخبراء

بعد يوم من تحذير الصدر لرئيس الوزراء العراقي

TT

الحكيم يستعد لتشكيل جبهة معارضة و«حكومة ظل» من الخبراء

بعد يوم من تحذيرات أطلقها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وجاءت على شكل «نصائح أخوية» إلى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، ذهب زعيم تيار الحكمة المعارض عمار الحكيم إلى ما هو أبعد من التحذير حين كشف عن توجه لتشكيل جبهة معارضة عريضة والعمل على تشكيل «حكومة ظل» بهدف تعديل مسار الحكومة مع عدم استبعاد سحب الثقة منها طالما أن النية تتجه الآن ومع بدء الفصل التشريعي القادم إلى استجواب نحو 5 وزراء دفعة واحدة.
لكن القيادي السابق في التيار الصدري ونائب رئيس الوزراء الأسبق بهاء الأعرجي استبعد محاولات سحب الثقة من عبد المهدي في الوقت الراهن. المبرر الذي طرحه الأعرجي في بيان أمس هو أن عبد المهدي «مرشح من قبل جهة دينية عليا»، في إشارة ضمنية إلى المرجعية الشيعية العليا في مدينة النجف التي أعطت الضوء الأخضر لاختياره كمرشح توافقي.
غير أن تحذيرات الصدر الأخوية ومساعي الحكيم التي تبدو جادة تعني عدم رضا اثنين من أهم الشركاء السياسيين في البيت الشيعي عن مسار الحكومة التي تقترب من إكمال عامها الأول.
وفي سياق دفاعها عن نفسها فقد أعلنت الحكومة أنها تمكنت من تنفيذ ما نسبته 79 في المائة من برنامجها الحكومي. المفاجأة أن هذه النسبة لم تقنع لا البرلمان بكافة كتله بمن فيها المؤيدة للحكومة ولا كتلة المعارضة. فلجنة متابعة البرنامج الحكومي البرلمانية أعلنت أن النسبة التي أعلنت عنها الحكومة غير صحيحة، حيث إن نسبة الإنجاز لم تتعد الـ36 في المائة بينما تقرير كتلة المعارضة أعلن أن النسبة لم تتجاوز الـ33 في المائة.
الحكيم وخلال لقاء له بمجموعة من النخب والكفاءات المهنية والمجتمعية في مكتبه ببغداد مساء أول من أمس أكد على «مواصلة السعي لتشكيل جبهة المعارضة وحكومة الظل من قبل خبراء في كل مفصل واختصاص، والعمل على استجواب الوزراء ممن يتصفون بالضعف أو الفساد أو التاريخ غير المشرف»، محذراً من «الاستمرار بمعادلة اللامسؤول»، داعياً إلى «أهمية وضوح الفريق المسؤول عن الحكومة كي يتسنى للجمهور مكافأته أو معاقبته». وعد الحكيم أن «وجود المعارضة هو الذي سلط الضوء على تقرير الإنجاز الحكومي، وأن هذه التقارير كانت تمر مرور الكرام من دون اكتراث، وهذا تفسير حي لتقويم المعارضة لأداء الحكومة».
عضو البرلمان العراقي عن تيار الحكمة المعارض فرات التميمي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تشكيل جبهة المعارضة يأتي في سياق تفسير المحكمة الاتحادية بأن كل من هو ليس ضمن الكتلة الأكبر فإن من حقه أن يكون في صفوف المعارضة، وبالتالي تبلورت رغبة من عدد كبير من أعضاء البرلمان في لعب دور المعارضة وهذا الغطاء وفرته كتلة الحكمة النيابية المعارضة بعد طلب تسميتها وبعد تفسير المحكمة الاتحادية بشأن ذلك».
وأوضح التميمي أنه «يجب أن نميز بين من هو جزء من الكتلة النيابية الأكبر التي تشكل الحكومة وبين من هو في جبهة المعارضة». وبشأن تشكيل «حكومة ظل»، يقول التميمي إن «حكومة الظل تعتبر أحد الخيارات للنظم الديمقراطية وتتألف من رئيس وزراء ووزراء ومن خبراء متخصصين بهدف مراقبة الأداء وتقييم لعمل كل وزارة في إطار البرنامج الحكومي الذي أعلنا تقييمنا له كوننا كتلة معارضة والتي تطابقت رؤيتنا مع رؤية لجنة متابعة البرنامج الحكومي البرلمانية». وأوضح أن «هذا لا يعتبر مقدمة لسحب الثقة حيث ما زلنا ضمن الخطوة الأولى في عملنا كمعارضة، وبالتالي يمكن أن ينتج عنه سحب الثقة ويمكن ألا ينتج عنه سحب الثقة إذا ما تمكنت جبهة الموالاة التي هي الكتلة الأكثر عددا في الدفاع عن الحكومة، حيث تجعل من عملية سحب الثقة أمرا صعبا لأنه يبقى مرهونا بتغيير قناعات الكتلتين الرئيسيتين الداعمتين للحكومة وهما (الفتح) و(سائرون)».
من جهته، أكد الباحث الأكاديمي الدكتور إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تشكيل جبهة معارضة كبيرة بين المعارضة التقويمية التي بدأت بائتلاف النصر لن تنتهي بالحكمة، ويعني ذلك في كل الأحوال استقطاب قوى سياسية كبيرة للمعارضة كما يعني ثبات هذا النهج على مستوى العمل السياسي»، مبينا أن «تشكيل هذه الجبهة يعني أننا أمام تحول في المشهد السياسي وفي الأداء السياسي والرؤية السياسية». وأوضح الشمري أنه «لا يمكن أن تكون هناك عودة إلى أن يكون الجميع متوافقا مع الحكومة إضافة إلى أن عملية تشكيل حكومة ظل من قبل خبراء موجودة في الديمقراطيات العريقة لكنها جديدة على مستوى العملية السياسية في العراق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.