أداة بسيطة للكشف عن الغازات الضارة

باحثون من جامعة «كاوست» يطورون مواد مسامية لاستشعارها

تُمتَص جزيئات ثاني أكسيد الكبريت (أحمر وأصفر) بشكلٍ انتقائي بواسطة مسام الإطار المعدني العضوي
تُمتَص جزيئات ثاني أكسيد الكبريت (أحمر وأصفر) بشكلٍ انتقائي بواسطة مسام الإطار المعدني العضوي
TT

أداة بسيطة للكشف عن الغازات الضارة

تُمتَص جزيئات ثاني أكسيد الكبريت (أحمر وأصفر) بشكلٍ انتقائي بواسطة مسام الإطار المعدني العضوي
تُمتَص جزيئات ثاني أكسيد الكبريت (أحمر وأصفر) بشكلٍ انتقائي بواسطة مسام الإطار المعدني العضوي

في إطار جهود العلماء لمكافحة ظاهرة التلوث، طَوّر باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) مادة مسامية ذات جيوب مُصممة خصّيصاً ومُدمجة في بِنيتها، وذات قدرة واعدة على استشعار الغازات الضارة. ولصنع أداة استشعار إلكترونية يمكنها اكتشاف آثار غاز ثاني أكسيد الكبريت، قام الباحثون بطلاء طبقة رقيقة من تلك المادة على قطب كهربائي. وتعد أداة الاستشعار تلك خطوة مهمة نحو الوصول إلى أجهزة عملية تستطيع اكتشاف الغازات الخطرة في الهواء آنياً وفي الوقت الحقيقي.
ورغم توافر كثير من الأجهزة التحليلية بالمختبرات، التي يمكنها الكشف عن آثار غاز بعينه في الهواء، فإنها عادة ما تكون معدات كبيرة ومُكلفة ومستهلكة للطاقة. لذلك، فإن هناك حاجة ماسة إلى أدوات استشعار صغيرة ومنخفضة التكلفة وموفرة للطاقة، التي يمكن نشرها، على سبيل المثال، على نطاق واسع حول المناطق الصناعية لمراقبة جودة الهواء باستمرار.
إحدى الطرق الواعدة للحصول على أدوات الاستشعار تلك؛ تتمثل في استخدام المواد المسامية المعروفة باسم الأُطر أو الهياكل المعدنية العضوية (MOFs). تشكّل تلك الأُطر من ذرات معادن وروابط عضوية مختلفة، ومن خلال دمج جيوب مصممة خصيصاً داخل بنيتها، يستطيع الباحثون تصنيع مواد تمتص بشكل انتقائي غازات محددة. وأخيراً... تضافرت جهود مجموعتين بحثيتين في كاوست، بقيادة عالم المواد محمد الداودي، والمهندس الكهربائي خالد سلامة، لتطوير أدوات لاستشعار الغاز مبنية على تلك الأطر المعدنية العضوية.
اكتملت الخطوة الأولى في عام 2015، عندما صنع الفريق مستشعراً يُبرهن جدوى المفهوم، وذلك عن طريق طلاء طبقة من الأطر المعدنية العضوية على قطب كهربي. تستشعر الأداة الغازات بالطريقة نفسها التي تستشعر بها الشاشات التي تعمل باللمس. ويُغيِّر الغاز السعة الكهربائية لأداة الاستشعار المصنوعة من الأطر المعدنية العضوية، وهي خاصية إلكترونية يمكن قياسها مباشرة باستخدام القطب الكهربائي. ويعمل الفريق الآن على تحقيق تطبيقات محددة.
توضح فاليريا تشيرنيكوفا، طالبة الدكتوراه التي تعمل في هذا المشروع تحت الإشراف المشترك للأستاذ محمد الداودي والأستاذ المساعد خالد سلامة، أن عملهم الحالي يهدف إلى تحديد المادة المثالية من الأطر المعدنية العضوية، من حيث الحساسية والانتقائية، للكشف عن ثاني أكسيد الكبريت.
اختار الباحثون نوعاً من الأطر المعدنية العضوية أساسه عنصر الإنديوم (عنصرٌ فلزي كيميائي نادر، وناعم إلى أبعد حد، ويُستخدم لطلاء محامل الآلات ذات السرعة الفائقة) يسمى MFM - 300؛ لصُنع أداة الاستشعار، وتمكّنوا من زرع غشاء رقيق من المادة على القطب الكهربائي تحت ظروف معتدلة لا تتسبب في إتلاف دائرة أداة الاستشعار. شكّلت المواد الناتجة جيوباً مُبَطّنة بمجموعتي «هيدروكسيل» - OH (تسمى مجموعة الأكسجين - والهيدروجين التي ترتبط برابطة تساهمية مع ذرة الكربون مجموعة الهيدروكسيل)، و4 مجموعات «ميثاين» C - H (مجموعة عضوية تتركب من ذرة واحدة من الكربون وذرة واحدة من الهيدروجين وترتبط بغيرها برباط ثلاثي)، ما يربط جزيئات ثاني أكسيد الكبريت بشكلٍ انتقائي. استطاعت أداة الاستشعار الكشف عن ثاني أكسيد الكبريت بتركيزات لا تتجاوز بضعة أجزاء من المليار، وذلك خلال الاختبارات المعملية باستخدام أخلاط بسيطة من الغازات.
يحتوي الهواء الحقيقي على خليط أكثر تعقيداً من الغازات، لذا تتمثل الخطوة التالية لاستخدام تلك التقنية في تطوير مصفوفات من أدوات الاستشعار؛ من أجل تجميع استجابات مواد أطر معدنية عضوية متعددة، على حد قول تشيرنيكوفا، التي تضيف: «ستُعالَج البيانات باستخدام أساليب إحصائية وخوارزميات للتعلم الآلي؛ لتحسين دقة استجابة أداة الاستشعار. ويُطلَق على هذه الأداة عادة (الأنف الصناعية)».



لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»