المصطلحات غير الدقيقة في الإعلام تهديد لمن يعاني أمراضاً نفسية

المصطلحات غير الدقيقة في الإعلام تهديد لمن يعاني أمراضاً نفسية
TT

المصطلحات غير الدقيقة في الإعلام تهديد لمن يعاني أمراضاً نفسية

المصطلحات غير الدقيقة في الإعلام تهديد لمن يعاني أمراضاً نفسية

مع وقوع حوادث وجرائم مثيرة في بعض دول العالم العربي، تتسابق وسائل الإعلام بجميع تخصصاتها لنقل وإبراز بعض تفاصيلها الدقيقة، التي يراها مسؤولو التحرير بالصحف والقنوات الفضائية مهمة ومفيدة للقارئ أو المشاهد، لكنها قد تضرّ قطاعاً كبيراً من المواطنين الذين يعانون الوصمة الاجتماعية للأمراض النفسية، وتعاطي المخدرات، أو قد يتأثرون بالسرد القصصي المثير لحوادث انتحار ويحاولون تقليدها.
لذلك، حذّر خبراء إعلام وصحة عرب ودوليّون خلال دورة تدريبية، عقدت أخيراً في مدينة شرم الشيخ (جنوب شرقي القاهرة)، من تداول مصطلحات غير دقيقة، في التقارير الإعلامية «المطبوعة والمرئية والمسموعة»، تخصّ المرضى، بسبب الانعكاسات السلبية التي تحدثها المعالجات الصحافية على المرضى والقراء والمشاهدين على حد سواء.
الدكتور خالد سعيد، المستشار الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، يقول إنه «على مدى الشهور الستة الماضية يتم التباحث حول سبل تعزيز التعاون بين المنظمة، والجهات الإعلامية، لتصحيح بعض المفاهيم الصحية الخاطئة في وسائل الإعلام»، مشيراً إلى أن «الصحة بمعناها الشامل ليست غياب المرض، ولكن هي اكتمال المعافاة البدنية والنفسية، وهذه لا يحققها الأطباء والعاملون الصحيون، ولكن يتعاونون فيها مع أركان المجتمع المختلفة، لأن الإعلام يساهم بدوره في تحسين الصحة العامة، عبر نشر القصص التوعوية المميزة».
وتهتم منظمة الصحة العالمية بتصحيح المصطلحات الخاطئة الخاصة بقضايا الصحة النفسية، والإدمان، حالياً، وتعتزم الانتقال لقضايا أخرى لا تقل أهمية، بعدما تسببت بعض الكلمات المستخدمة في بعض التقارير الصحافية والتلفزيونية في تكريس وصمة المرض النفسي، والتمييز ضد المصابين.
ويقول الدكتور ناصر لوزة، استشاري الطب النفسي لـ«الشرق الأوسط»: «الأخبار التي تتعرض لموضوعات الصحة النفسية في الصحافة المصرية على سبيل المثال كثيرة جداً، ومعظمها يحمل مصطلحات غير دقيقة وسلبية تزيد وصمة الإصابة بالمرض، كما أن بعض المحررين يطلقون أوصافاً مثل (مختل عقلياً)، أو (مريض نفسي)، على بعض المتهمين في قضايا جنائية، من خلال نقل كلام المصادر المطلعة على مثل هذه الحوادث، من دون التأكد من إصابتهم بالفعل بمرض نفسي أم لا»، مضيفاً: «قد يحاول أحد المسؤولين أحياناً التقليل من شأن حادثة أو جريمة كبيرة، فيقول للإعلاميين إن الجاني (مختل عقلياً)، حتى من قبل ضبطه وفحصه طبياً، وهو ما قرأته أخيراً بأحد المواقع الإخبارية المصرية، التي نقلت عن مصدر أمني إصابة بعض المواطنين بطلقات نارية، أطلقها مختل عقلي بشكل عشوائي بالقاهرة، قبل القبض عليه».
وتابع لوزة: «وصف بعض الجناة بأنهم (مختلون عقلياً) أو (مجانين) أو (مضطربين نفسياً)، للتقليل من حجم الجريمة، والتنصل في بعض الأحيان من المسؤولية الاجتماعية والأمنية، يؤدي إلى تخفيف العقوبات عن هؤلاء الجناة».
ولفت لوزة إلى أنه تم «وصف أحد المتهمين في قضايا إرهابية منذ سنوات عدة، بأنه (مختل عقلياً) و(مجنون)، قبل الكشف عليه، وتم إيداعه مستشفى أمراض نفسية بالقاهرة، رغم أنه لم يكن مصاباً بأي نوع من الأمراض النفسية، وظل محجوزاً بالمستشفى فترة طويلة، وعندما خرج في إجازة قصيرة من المستشفى، قام بتفجير منشأة سياحية في اليوم الذي خرج فيه، وعوقب الطبيب الذي وقّع له على طلب إجازته بالحبس لمدة 20 عاماً، لكن هذه الأزمة كان سببها وسائل الإعلام ومصادرها، لأنهم أوهموا الجميع بأن المتهم مريض نفسي، وأعفوه من المسؤولية».
وانتقد خبراء إعلام وأطباء وصف بعض وسائل الإعلام المريض النفسي بـ«المجنون»، ولذوي القدرات الخاصة بأنهم «معاقون»، إضافة إلى اعتبار الشخص الذي يعاني من الإدمان متهماً ومجرماً، لكنه مريض يحتاج إلى التعافي والمساعدة، ليعيش حياة طبيعية، وفق الخبراء.
وأوضح أيمن عبد المجيد، مقرر لجنة التدريب باتحاد الصحافيين العرب لـ«الشرق الأوسط»، أن الدورة التدريبية المكثفة شهدت ورشاً وحلقات عصف ذهني، أثمرت عن إصدار توصيات مهمة، من بينها ضرورة الاستناد إلى مصادر موثقة فيما ينشر عن الأمراض، والمرضى، بجانب التوصية بضرورة اهتمام الصحف العربية بصفحات الصحة، التي اختفت من أغلبية الجرائد العربية لصالح أقسام الحوادث والتخصصات الأخرى. ولفت إلى أن «اتحاد الصحافيين العرب يعمل مع منظمة الصحة العالمية على إصدار دليل استرشادي بالمفاهيم الصحية الخاطئة والمفاهيم الصحيحة».
في السياق ذاته، أكد خبراء من منظمة الصحة العالمية مسؤولية بعض وسائل الإعلام في ارتفاع معدلات الانتحار حول العالم بسبب كثرة نشر موضوعات متعلقة بحوادث الانتحار، إذ إنها قد تدفع بانتهاج السلوكيات الانتحارية بداعي التقليد، كما يتعاظم تأثير خبر الانتحار وتزداد وقائع الانتحار التالية عندما يكون المنتحر من المشاهير.
وأوصت منظمة الصحة العالمية، الصحافيين بضرورة التحلي بالمسؤولية خلال تناولهم للحوادث، عبر تثقيف الجمهور بشأن الحقائق الخاصة بالانتحار وكيفية الوقاية منه، ونشر قصص حول كيفية التعامل مع ضغوطات الحياة أو الأفكار الانتحارية وسبل تلقي المساعدة، مع مراعاة عدم تكرار الحديث عن هذه الأخبار من دون داعٍ، ومراعاة عدم استخدام مفردات تضفي إثارة على الحوادث، تجعل منها مسألة طبيعية أو اعتيادية، بالإضافة إلى عدم تقديم وصف تفصيلي لطريقة الانتحار المتبعة وعدم تقديم تفاصيل عن مكان أو موقع الانتحار وعدم استخدام العناوين المثيرة والرنانة وعدم استخدام صور أو تسجيلات، أو روابط على موقع التواصل الاجتماعي.



السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.