الحريري ينفي حصول ضغوط أميركية جديدة على لبنان

أكد أن «لبنان مدعوم» ويتعامل بحزم مع المدرجين على قوائم العقوبات

من اجتماع الرئيس الحريري والوزير بومبيو (دالاتي ونهرا)
من اجتماع الرئيس الحريري والوزير بومبيو (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري ينفي حصول ضغوط أميركية جديدة على لبنان

من اجتماع الرئيس الحريري والوزير بومبيو (دالاتي ونهرا)
من اجتماع الرئيس الحريري والوزير بومبيو (دالاتي ونهرا)

بدّد رئيس الحكومة سعد الحريري، أمس، التقديرات السلبية المسبقة لمفاعيل زيارته إلى واشنطن، وأكد أن لبنان يحظى بدعم أميركي، ويحاول تجنب تبعات العقوبات الأميركية على «حزب الله»، وذلك خلافاً لـ«التهويل» الإعلامي الذي سبق لقاء الحريري بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في واشنطن، مساء أول من أمس (الخميس).
وجاء ذلك خلال حوار موسع أجراه الحريري مع عدد من الصحافيين في واشنطن، في اليوم الخامس من زيارته إلى الولايات المتحدة، حيث التقى عدداً من المسؤولين الأميركيين، وبعد لقاء مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو دام 40 دقيقة في مبنى وزارة الخارجية.
وبدا من إيضاحات الحريري الإعلامية بعد لقائه بومبيو أن هناك فصلاً بين لبنان و«حزب الله»، وهو ما يثبته الاهتمام الأميركي بتثبيت الاستقرار، ويظهر من خلال المساعدات المستمرة للمؤسسات اللبنانية، والدور الأميركي المرتقب في ترسيم الحدود الجنوبية، وتسهيل استخراج النفط والغاز، إضافة إلى الحديث عن عروض للاستثمار الأميركي في قطاعات الكهرباء واستخراج الطاقة في لبنان، وهو ملف جديد يعزز العلاقة بين الولايات المتحدة والمؤسسات اللبنانية، بمعزل عن الموقف الأميركي من «حزب الله» الذي قال الحريري إن لبنان لن يغير في وقائعه أي شيء.
وقالت مصادر قريبة من «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» إن إيضاحات الحريري بدّدت التقديرات السلبية التي سبقت لقاءه مع بومبيو، لجهة إشاعة جو قاتم عن ضغوط إضافية مرتقبة، وعن أن الولايات المتحدة غير مرتاحة لتعاطي لبنان مع ملفات إشكالية، مشيرة إلى أن هذا الجو انعكس طمأنة في تصريحات الحريري في لقائه مع الإعلاميين، تمثل في التشجيع الذي عبر عنه لزيادة فرص الاستثمار، إلى جانب تعزيز الاستقرار، والعمل على الانتقال من وقف الأعمال العدائية إلى وقف لإطلاق النار، بحسب القرار 1701.
وأكد الحريري أنه سمع من الإدارة الأميركية كل الدعم للجيش اللبناني، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو جدد خلال اللقاء الذي جمعه به مساء الخميس دعم بلاده للبنان سياسياً واقتصادياً، من خلال مؤتمر «سيدر» والمؤسسات الدولية، وتطبيق الإصلاحات، كما أكد حرص الولايات المتحدة على مواصلة العمل على حل مسألة تحديد الحدود البرية والبحرية، مشدداً على أن المساعدات الأميركية للجيش اللبناني مستمرة.
وأكد الحريري أن هناك مناقشات تجري مع واشنطن بخصوص مصانع الصواريخ المزعومة التي يديرها «حزب الله»، لكنه لم يدل بأي تفاصيل، وقال إنه تمت مناقشة هذه المسألة في الماضي، وهي الآن قيد المناقشة على مستوى داخلي، وإن هناك أخذاً ورداً مع الولايات المتحدة، ولكن لا يمكن الخوض في التفاصيل، مؤكداً أن حكومته تحاول إيجاد أفضل طريقة لعدم تعريض لبنان للخطر، وفي الوقت نفسه عدم التحول إلى شرطة للإسرائيليين.
وعن العلاقات اللبنانية - السعودية، قال الحريري «إننا نعمل مع السعودية على توقيع 23 اتفاقية محتملة، وكذلك مع الإمارات العربية المتحدة»، معرباً عن أمله في جذب الاستثمارات الخليجية إلى لبنان.
ووصف الحريري علاقة لبنان مع الولايات المتحدة بالمهمة جداً، خصوصاً على صعيد المساعدات التي تقدمها، إن كان للنازحين أو للجيش اللبناني والقوى الأمنية، وقال: «نحن نسعى أيضاً لتطوير هذه العلاقة، على أساس أن تكون هناك استثمارات من قبل شركات أميركية في لبنان، سواء في مجال النفط والغاز أو الكهرباء أو غيرها، كما أننا نعمل بشكل كبير وفعلي على صعيد الحدود البرية والبحرية، لكي نبدأ على الأقل بالمفاوضات بشكل مريح لنا»، وقال: «هم لديهم ملاحظات على لبنان يعرفها الجميع، وهي متعلقة بـ(حزب الله)، وهذا أمر نتوقعه ونعرفه، وهناك دائماً عقوبات تهدد لبنان، لكن واجبي كرئيس حكومة أن أجنب لبنان كدولة هذه العقوبات، وأن أجنب الاقتصاد اللبناني أي تأثير لها. ومن هذا المنطلق، نحرص على التواصل المستمر مع الإدارة الأميركية».
وحول العقوبات الأميركية على «حزب الله»، قال الحريري: «نحن لا يمكننا أن نغير وجهة نظر الإدارة الأميركية فيما يخص هذه العقوبات، لكن ما نحاول القيام به هو تجنيب لبنان أي تبعات في هذا الخصوص». وإذ رأى أن العقوبات «لا تفيد بشيء»، استطرد: «لكنهم بالتأكيد سيتشددون في كل ما يتعلق بإيران، ومن يساعدها ويتواصل معها، وقد شرحنا لهم وجهة نظرنا بضرورة تجنيب لبنان تبعات هذه العقوبات، وأعتقد أن رسالتنا قد وصلت بشكل جيد».
وعما إذا كانت العقوبات ستطال مصارف أو مؤسسات مالية لبنانية، قال الرئيس الحريري: «سمعت بهذا الأمر من خلال الإعلام، ولكن الجميع يعلم أن الأميركيين يصدرون فجأة لوائح العقوبات الخاصة بهم، دون أي تبليغ مسبق للدولة اللبنانية. ربما تكون هناك عدة تساؤلات عن مؤسسة أو أخرى، لكني متأكد من أنه ليس هناك أي شيء ملموس حتى الآن». وأكد أن «علينا أن نتعامل مع أي شخص أو مؤسسة يدرج على لائحة العقوبات بشكل صارم، من أجل حماية مصارفنا».
وقلل الحريري من إمكانية أن تطال العقوبات حلفاء لـ«حزب الله»، قائلاً: «هذا الحديث يتم في الكونغرس في أكثر الأحيان»، وأضاف: «لا شك أن هذا الكلام يتم تداوله أكثر مما هو حقيقة، لكني لا أرى أننا يمكن أن نصل إلى ذلك».
وأشار إلى أن لبنان «يحاول إيجاد أفضل الطرق لعدم وضع لبنان في موقع خطر. كما أنه ليس دورنا أن نكون بوليس لدى الإسرائيليين»، وقال: «إذا نظرنا إلى القرار 1701، نجد أنه إذا حصل خرق من قبل لبنان أو في مكان ما، فإن الجانب الإسرائيلي يخرق الأجواء اللبنانية بالمقابل مئات المرات في اليوم. لا بد من أن يكون هناك نوع من التوازن في هذا الموضوع».
وتابع: «إننا نعمل بجد في لبنان، وبحسب القرار 1701، للانتقال من وقف للأعمال العدائية إلى وقف لإطلاق النار. ولحصول ذلك، لا بد من تطبيق عدد من البنود، جزء منها متعلق بنا، والجزء الآخر متعلق بهم. وحتى الآن، لا نرى تطبيقاً من قبلهم، لكن الأهم هو أن الأساس بالنسبة إليّ هو أن نصل في مكان ما إلى بداية مفاوضات بشأن الحدود البحرية، خصوصاً أن الأمر مهم جداً بالنسبة إلى لبنان على الصعيد الاقتصادي، فيما يتعلق بالغاز والنفط. هذا الموضوع حيوي ومهم لنا، وربما لهم أيضاً».
وقال إن «المهم هو الآلية التي سيتم وضعها، وهي أن تكون تحت رعاية الأمم المتحدة، والمفاوضات في هذا الإطار تكون على أساس إنهاء الوضع القائم على صعيد الحدود البحرية، وهنا تصبح هناك مباحثات، الأميركيون طرف فيها، وكذلك الأمم المتحدة، وهي لن تكون مباشرة، لحل هذه الأمور»، مشيراً إلى أن تحديد الحدود سيكون على الصعيد البحري والبري، خصوصاً أن هناك بعض الأماكن التي لدى لبنان تحفظات بشأنها، وكذلك الإسرائيليين، ويجب أن تكون المفاوضات متوازية على الخطين، آملا بأن تتسارع الخطى باتجاه بدء المباحثات، علماً بأنه من غير المعلوم ما إذا كان سيتم الاتفاق على الحل النهائي. وقال: «بحسب معلوماتنا من خلال الأميركيين، فإن الإسرائيليين مستعدون للدخول في المفاوضات، ويرغبون في إنهاء هذا الملف لأنه مهم اقتصادياً بالنسبة إليهم، وهو بالنسبة إلينا أهم».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.