ملامح عن شخصية حمدوك رواها أصدقاؤه القدامى

رئيس وزراء السودان للمرحلة الإنتقالية

TT

ملامح عن شخصية حمدوك رواها أصدقاؤه القدامى

أثار ترشيح قوى الحرية والتغيير الدكتور عبد الله آدم حمدوك، لتولي منصب رئيس الوزراء في السودان ارتياحاً كبيراً، نظراً لمكانة الرجل في الدوائر الدولية، وخبرته الاقتصادية. وقال مقربون منه، إن «الرجل يحمل صفات قيادية وخبرات إقليمية ودولية يمكن أن يستفيد منها السودان في المرحلة الانتقالية التي ستدوم 3 سنوات». وكان حمدوك نفسه من ضحايا سياسة الفصل التعسفي من الخدمة العامة، إذ كان يعمل في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، قبل أن تطاله سياسة «التمكين» التي انتهجها النظام السابق.
وقال صديق حمدوك وزميل دراسته في المرحلتين الثانوية والجامعية، أحمد عوض الكريم، المقيم في لندن لـ«الشرق الأوسط»، إنه عاصر حمدوك في المراحل الدراسية وحتى في مدينة مانشستر البريطانية في الفترة من 1990 إلى 1991 حيث كان حمدوك يحضر لدرجة الماجستير: «لقد تم فصله من وزارة المالية أثناء البعثة الدراسية التي كانت منحة من المجلس الثقافي البريطاني». كما قال الاقتصادي السوداني والموظف السابق في الأمم المتحدة عبد الله التوم حسن لـ«الشرق الأوسط» إن حمدوك «كان مهتماً بنقل تجارب الزراعة عن الجبراكات (حيازة صغيرة حول منازل تزرع)». ويرى التوم أن حمدوك كان يؤمن بأن كردفان يمكن أن تصبح نموذجاً يحتذى به، وأنها لو منحت 10 في المائة من مساهمتها في الناتج القومي يمكن أن تصبح كاليفورنيا السودان.
وأضاف: «في خضم هذه الأحداث والأحلام الكبيرة برز اسمه ضمن آخرين مبعوثاً لنيل درجة الماجستير بمنحة من المجلس الثقافي البريطاني في مدينة مانشستر، ربما لأن القطن السوداني طويل التيلة كان يباع في بورصة مانشستر ومنها إلى صناعة النسيج في لانكشاير». وأوضح أن في تلك الفترة كانت تدار حوارات عن قضايا السودان السياسية، بل وصل خطاب فصله من الخدمة وهو في نهاية دراسته للماجستير ولكنه صمم على مواصلة الدراسة إلى الدرجة التي تليها وهي الدكتواره. وغادر حمدوك فيما بعد إلى زمبابوي التي كانت تمثل دراسته الحقلية وأنجز مشروعه الدراسي.
ويرى بعض أصدقائه أن تلك الدولة كانت مفتاح معرفته بالقارة الأفريقية بعمق وفي مستقبله العملي، إذ قال عبد الله التوم: «عاد (حمدوك) إلى مانشستر بعد أن أنجز مشروعا وبتجربة ثرة ثم عاد إلى زمبابوي مرة أخرى وهذه المرة موظفاً في شركة ديليوت كمستشار ثم مستشاراً في منظمة العمل الدولية ومنها للعمل في بنك التنمية الأفريقي في أبيدجان عاصمة ساحل العاج (السابقة) في قسم الحوكمة وهذه كانت فرصته لرؤية أداء حكومات القارة الأفريقية من قرب». وانتقل حمدوك بعدها للعمل في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة والمنوط بها تقديم الدعم الفني للبلدان الأفريقية في مجالات الاسترتيجيات، والسياسات العامة، ثم البرامج القطاعية.
وقال أيضاً صديقه وزميله في جامعتي الخرطوم ومانشستر ووزارة المالية، جعفر أبكر، لـ«الشرق الأوسط» إن الفترة التي قضاها في جامعة الخرطوم لعبت دوراً كبيراً في تشكيل شخصيته، وهو كان أحد قيادات الجبهة الديمقراطية لتنظيم الطلاب اليساري: «وقاد مع آخرين معركة فك احتكار تنظيم الإخوان المسلمين لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم وقيام اتحاد التمثيل النسبي». وأضاف أن حمدوك كانت لديه ارتباطات ثقافية واجتماعية مع زملائه في إقليم جنوب كردفان، ومن بينهم القائدان لاحقاً في الحركة الشعبية لتحرير السودان الراحل يوسف كوة مكي وعبد العزيز آدم الحلو، قائلا: «كان حمدوك شعلة من النشاط المتقد وفي أنشطة مختلفة، خاصة المتعلقة برابطة جنوب كردفان وإقامة المعسكرات الصيفية والمناقشات التي كانت تدور حول موضوعات التنمية والتهميش».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.