جدل في تونس حول مواصلة مرشحين للانتخابات مهامهم في الحكومة

«النهضة» تدعو إلى «الالتفاف» حول مرشحها عبد الفتاح مورو

TT

جدل في تونس حول مواصلة مرشحين للانتخابات مهامهم في الحكومة

فيما أكدت الهيئة العليا التونسية المستقلة للانتخابات أن عدم استقالة المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة لا تمثل «خرقاً للقانون»، تواصل الجدل حول مدى قانونية مواصلة المرشحين للانتخابات، بشقيها الرئاسي والبرلماني، أنشطتهم الحكومية في ظل «واجب الفصل بين المناصب الحكومية والإدارية والحملات الانتخابية» لضمان تكافؤ الفرص بين مختلف المتنافسين.
وأوضح نبيل بافون، رئيس هيئة الانتخابات، أن الهيئة تطبق القواعد القانونية المتعلقة بحياد الإدارة الذي يشمل الموارد المادية والموارد البشرية والموارد المالية والموارد اللامادية بينها استعمال المناصب الحكومية خلال الحملة الانتخابية. وأضاف أن هناك معايير مضبوطة للتمييز بين المنصب الوزاري والحملة الانتخابية تعتمدها الهيئة الانتخابية وكذلك القضاء التونسي، وقد تم اعتمادها في التجارب المقارنة.
وكان عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع التونسي المرشح للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 15 سبتمبر (أيلول)، قد أعلن استقالته من منصبه الوزاري لضمان شفافية العملية الانتخابية، وقد فتح بذلك أبواب الجدل على مصراعيها. غير أن يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية المرشح بدوره لرئاسة تونس قد تمسك بمنصبه، مؤكداً عدم وجود موانع قانونية أو دستورية ضد توليه رئاسة الحكومة إلى جانب ترشحه لمنافسات قصر قرطاج.
وفي السياق ذاته، أثار تقدم عبد الكريم الزبيدي باستقالته إلى محمد الناصر، الرئيس التونسي المكلف، عوض تقديمها إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، منافسه في الانتخابات الرئاسية، جدلاً واسعاً حول أحقية الطرف السياسي الذي يقدم له مطلب الاستقالة. وأكد خبراء في القانون الدستوري أن الزبيدي خرق الفصل 92 من الدستور التونسي.
وطغى عدم إعلام الزبيدي يوسف الشاهد باعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية، وكذلك الاستقالة من منصبه الوزاري، وعدم تشاوره مع رئيس الجمهورية المكلف قبل إعلان الاستقالة، على النقاشات السياسية في تونس. وكان الزبيدي قد صرّح لدى إيداعه ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية، بأنه كان ضحية حملة «شرسة وممنهجة» سعت إلى تشويه صورته، واتهم أجهزة وأطرافاً متعددة بالوقوف وراء تلك الحملة من بينها «أطراف تستعمل وسائل الدولة وإمكاناتها».
في غضون ذلك، قرر حزب حركة «تحيا تونس» طرد نبيل الحداد الكاتب الجهوي لمكتب المنستير لمخالفته القوانين الداخلية. ويأتي ذلك إثر دعوة الحداد وعدد من قيادات منطقة المنستير (وسط شرقي تونس) يوسف الشاهد إلى التراجع عن الترشح للانتخابات الرئاسية وتقديم الدعم لعبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع في حكومته حتى لا تتشتت الأصوات بين المرشحين الذين يحملون التوجهات السياسية نفسها.
على صعيد متصل، أعلن محمد الفاضل محفوظ، وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، استقالته من منصبه الوزاري قصد التفرغ للانتخابات البرلمانية التي سيشارك فيها تحت يافطة حزب «حركة مشروع تونس».
وكان 7 وزراء قد أعلنوا بدورهم ترشحهم في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في تونس في 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل؛ وهم فيصل دربال وزياد العذاري وسيدة الونيسي وأحمد قعلول والحبيب الدبابي، وهم وزراء ووزراء دولة يمثلون حركة «النهضة»، وهشام بن أحمد والهادي الماكني عن حركة «تحيا تونس» التي يرأسها يوسف الشاهد، غير أنهم لم ينسحبوا من مناصبهم الوزارية، وهو ما جعل الاتهامات تكال لهم باستخدام وسائل الدولة وإمكاناتها للدعاية الانتخابية قبل فترة وجيزة من موعد الانتخابات البرلمانية.
من ناحية أخرى، دعا المكتب التنفيذي لحركة «النهضة» إلى دعم ترشح عبد الفتاح مورو نائب رئيس الحزب والالتفاف حوله باعتباره مرشحاً من خلال قرار صادر عن المؤسسات الرسمية للحركة، في إشارة إلى مجلس الشورى. وتخشى الحركة من إمكانية تشتت أصوات القاعدة الانتخابية للتيار الإسلامي في الانتخابات الرئاسية المقبلة نتيجة ترشح حمادي الجبالي رئيس الحكومة السابق والقيادي السابق في «النهضة» الذي يحظى بنسبة من تعاطف الناخبين، هذا إضافة إلى ترشح منصف المرزوقي الرئيس السابق الذي دعمته «النهضة» في انتخابات 2014 وما زال يحافظ على نصيب من أصوات الناخبين من التيار الإسلامي.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».