أولمرت: نتنياهو يعتبر السلطة الفلسطينية «عدوه الأول»

TT

أولمرت: نتنياهو يعتبر السلطة الفلسطينية «عدوه الأول»

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، إن نتنياهو يمارس الضغوط على السلطة الفلسطينية، ويرى فيها العدو الحقيقي، وليس حركة «حماس». وأضاف أولمرت في مقابلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست»: «لا أحد يطالب إسرائيل بالمشاركة في حوار سياسي جاد مع (حماس)؛ بل الجميع في العالم تقريباً باستثناء أميركا يطالب إسرائيل بالانخراط في حوار سياسي مع السلطة الفلسطينية؛ لكن نتنياهو لا يريد السلام، ولا يريد الانخراط مع السلطة الفلسطينية؛ لأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى تنازلات لا يريد تحقيقها، وبالتالي بالنسبة له فإن السلطة الفلسطينية هي العدو الخطير الذي يجب الضغط عليه».
وكان أولمرت رئيساً للوزراء في إسرائيل من عام 2006 إلى 2009، وأشرف على العملية العسكرية «الرصاص المصبوب» نهاية عام 2008 وبداية 2009 (الحرب الأولى على غزة)، واستمرت العملية 22 يوماً وأدت إلى استشهاد 1417 فلسطينياً، ومقتل 13 إسرائيلياً. واعتبر أولمرت أن تلك كانت فرصة لتدمير «حماس» بأقل ثمن بالنسبة لإسرائيل، مشيراً إلى أنه خطط للاستيلاء على خط الحدود بين رفح الفلسطينية والمصرية، وبسط السيطرة على رفح بكاملها، ثمناً لفصل مدينة غزة عن الأجزاء الأخرى، وإحضار قوة دولية كما فعل في جنوب لبنان، لبسط السيطرة على القطاع استعداداً لعودة السلطة إليه. وأضاف: «لكن ذلك لم يحدث، وفي المرة التالية وجدنا أن لدى (حماس) أنفاقاً وقوة عسكرية أقوى بكثير، وكثيراً من الأسلحة لجعل أي محاولة للسيطرة على غزة أكثر إيلاماً ودفعاً للثمن».
وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق عن أسفه على أنه لم ينفذ خطته في الحرب الأولى لاعتبارات سياسية، بالنسبة لإيهود باراك وتسيبي ليفني، حين عارضا بشدة أي إجراء قد يؤدي إلى تدمير «حماس» في غزة ذلك الوقت.
وفي سياق متصل، تطرق أولمرت للفترات التي تلت حكمه، في عهد رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، من حروب أخرى ومواجهات عسكرية مع «حماس»، كان آخرها إطلاق 700 صاروخ في جولة واحدة لعدة أيام، إلى جانب المسيرات المستمرة قرب الجدار الحدودي.
وقال أولمرت إن «رئيس الوزراء الحالي يقول دائماً إنه سيدمر (حماس)؛ لكنه يفعل العكس. ليست لديه شجاعة أو تصميم أو إرادة للقيام بما يعد به». وتابع بأن «نتنياهو لا يملك أي استراتيجية بشأن غزة، وهذا الوضع هو مريح لحكومته. فمن المريح جداً للحكومة أن تواجه هذه المواجهة الدورية مع (حماس)، والتي تؤدي دائماً إلى هجمات صاروخية مكثفة من غزة، واستخدام مكثف للقبة الحديدية... هناك تأثير نفسي مؤلم للغاية على السكان، ولكن عدد الضحايا والإصابات هو الحد الأدنى، لدرجة أنه يمكن تكرارها وإطالة أمدها إلى أجل غير مسمى، تقريباً دون أي إجراء كبير من قبل إسرائيل».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.