هدوء حذر في أسواق الأرجنتين وتحسن نسبي للبيزو

شهدت الأسواق الأرجنتينية تحسناً نسبياً بعد طمأنة المتنافسين الرئاسيين بالحفاظ على الاستقرار (أ.ب)
شهدت الأسواق الأرجنتينية تحسناً نسبياً بعد طمأنة المتنافسين الرئاسيين بالحفاظ على الاستقرار (أ.ب)
TT

هدوء حذر في أسواق الأرجنتين وتحسن نسبي للبيزو

شهدت الأسواق الأرجنتينية تحسناً نسبياً بعد طمأنة المتنافسين الرئاسيين بالحفاظ على الاستقرار (أ.ب)
شهدت الأسواق الأرجنتينية تحسناً نسبياً بعد طمأنة المتنافسين الرئاسيين بالحفاظ على الاستقرار (أ.ب)

ردت أسواق الأرجنتين بإيجابية على دلائل على أن الزعماء السياسيين للبلاد عاقدو العزم على السيطرة على أزمة اقتصادية أثارتها نتيجة صادمة لانتخابات تمهيدية أفقدت العملة المحلية (البيزو) ربع قيمتها تقريباً.
وبدأ البيزو الهبوط في أعقاب أداء المرشح الرئاسي المعارض ألبرتو فرنانديز القوي على غير المتوقع في الانتخابات التمهيدية يوم الأحد. وتغلب فرنانديز على الرئيس المنتمي ليمين الوسط ماوريسيو ماكري الذي أدت إجراءاته التقشفية المدعومة من صندوق النقد الدولي إلى صرف الناخبين عن تأييده.
وأثار ذلك مخاوف من عودة إلى سياسات حمائية ونهاية لإصلاحات اقتصادية تستند إلى السوق الحرة إذا فاز فرنانديز في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول)، وهو ما يبدو الآن مرجحاً.
والأرجنتين، ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، ليست غريبة على الأزمات المالية. لكن أحدث أزمة تأتي وسط تقلبات واسعة ومخاوف من ركود عالمي أثارتها الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة والاحتجاجات المستمرة في هونغ كونغ.
وظهرت علامات قليلة على تقارب بين ماكري وفرنانديز في أعقاب الانتخابات التمهيدية، لكن مع استمرار تراجع الأسواق يوم الأربعاء، التقى الرجلان واتفقا على محاولة تهدئة تلك التقلبات. وقال فرنانديز لاحقاً إن خططه الاقتصادية لا تتضمن تخلفاً عن سداد الديون.
وارتفع «البيزو» سبعة في المائة، أول من أمس (الخميس)، قبل أن يختتم التعاملات مرتفعاً نحو خمسة في المائة عند 57.4 مقابل الدولار الأميركي، وفقاً لمتعاملين قالوا إن التهافت على شراء «البيزو» الرخيص حالياً أسهم أيضاً في القفزة التي حققها. وارتفع «مؤشر ميرفال لسوق الأسهم» في الأرجنتين بأكثر من ثلاثة في المائة بعد ظهر أول من أمس (الخميس).
وكان الخميس أيضاً أول يوم هذا الأسبوع لم يعقد فيه البنك المركزي مزادات لبيع دولارات من احتياطاته من النقد الأجنبي لدعم البيزو. ومنذ انتخابات الأحد، باع البنك المركزي ما إجماليه 503 ملايين دولار.
وعبَّر فرنانديز في مقابلة إذاعية عن رضاه عن سعر صرف للعملة المحلية عند 60 بيزو للدولار. وأعلن ماكري الأربعاء سلسلة إجراءات لدعم الرعاية الاجتماعية وتخفيضات ضريبية للعمال الأقل أجراً، وذلك في تحول لرئيس تولى السلطة في 2015 على وعود بخفض الدعم الحكومي وتصحيح ما وصفها بسنوات من الإدارة اليسارية السيئة للاقتصاد.
وتعهد ماكري بزيادة الحد الأدنى للأجور وتجميد أسعار البنزين بشكل مؤقت ورفع حد الإعفاء للضريبة على الدخل بنسبة 20 في المائة. وقالت الحكومة إن الإجراءات الجديدة، التي ستبلغ تكلفتها 678 مليون دولار، من شأنها أن تسمح بخفض ضريبي لمليوني عامل بقيمة تبلغ نحو 2000 بيزو (33 دولاراً) شهرياً للفرد.
وقال وزير التعليم أليخاندرو فينوتشيارو في مؤتمر صحافي، الخميس، إن الحكومة تدرس إجراءات جديدة لمساعدة الناس بشأن القروض العقارية المرتبطة بالتضخم.
ولا يزال أمام الحكومة فرصة لإجراء مزادات دولارية أخرى إذا بدأ البيزو في الهبوط مجدداً. وقال مسؤول بالحكومة الأرجنتينية إن البنك المركزي لديه احتياطات تصل إلى 66 مليار دولار، منها 20 مليار دولار موارد حرة يمكن استخدامها لدفع الدين واستقرار «البيزو».
وتُقدر قيمة أقساط الدين في الفترة المتبقية من العام الحالي بما يتراوح بين خمسة مليارات إلى عشرة مليارات دولار تبعاً لقدرة الأرجنتين على تمديد آجال سندات الخزانة المحلية.
وتشير بيانات حكومية إلى أن الاستحقاقات في عام 2020 تبلغ 27 مليار دولار.
وكانت أحجام التداول في السندات لأجل مائة عام ضعيفة، أول من أمس، مع ارتفاع الأسعار قليلاً فوق 50 سنتاً للدولار، أو نحو أربع نقاط فوق مستوى إغلاق الأربعاء. وأظهرت بيانات «ماركت أكسيس» أن آخر تداول للسندات التي يحين أجل استحقاقها في يناير (كانون الثاني) 2028 بلغ نحو 46 سنتاً للدولار.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).