البرهان رئيساً لمجلس السيادة... وحمدوك للحكومة

الاستعدادات اكتملت للتوقيع النهائي غداً على وثيقة التحول للحكم المدني

البرهان (أ.ف.ب) - حمدوك (الأمم المتحدة)
البرهان (أ.ف.ب) - حمدوك (الأمم المتحدة)
TT

البرهان رئيساً لمجلس السيادة... وحمدوك للحكومة

البرهان (أ.ف.ب) - حمدوك (الأمم المتحدة)
البرهان (أ.ف.ب) - حمدوك (الأمم المتحدة)

توافقت «قوى إعلان الحرية والتغيير» في السودان على تسمية الخبير الاقتصادي الأممي عبد الله حمدوك رئيساً لوزراء الحكومة الانتقالية، الذي من المنتظر تعيينه رسمياً من قبل مجلس السيادة بعد غدٍ (الأحد)، وتسمية كل من عبد القادر محمد أحمد رئيساً للقضاء، ومحمد الحافظ نائباً عاماً، وينتظر صدور مراسيم رئاسية بتعيينها، في حين ينتظر تسمية أعضاء مجلس السيادة اليوم.
من جانبه، اختار المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أمس، 5 من بين أعضائه (الـ7 الحاليين) ليصبحوا أعضاء في «المجلس السيادي» الذي سيحل محل المجلس العسكري بعد غد. وقرر «العسكري» أن يتولى الفريق عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس السيادي الذي سيضم أيضاً 5 مدنيين ترشحهم «قوى الحرية والتغيير» بالإضافة إلى شخصية مدنية يتم الاتفاق عليها من الطرفين. وسيمثل «العسكري» في المجلس السيادي كل من الفريق محمد حمدان «حميدتي»، والفريق شمس الدين كباشي، والفريق ياسر العطا، والفريق صلاح عبد الخالق.
وعلمت «الشرق الأوسط»، أن قوى إعلان الحرية أجمعت على تسمية عبد الله حمدوك رئيساً للوزراء، واختارت كلاً من القاضي السابق عبد القادر محمد أحمد رئيساً للقضاء، والمحامي الحقوقي محمد الحافظ نائباً عاماً، وتسمية ثلاثة مساعدين للنائب العام. وبحسب المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» أمس، فإن قوى إعلان الحرية والتغيير، ستكشف عن أسماء مرشحيها الخمسة لمجلس السيادة اليوم (الجمعة)، وسط توافق كبير على الأسماء المطروحة، وكانت «الشرق الأوسط» قد نقلت في وقت سابق أن كلاً من فدوى عبد الرحمن علي طه، وصديق تاور قد تم التوافق عليهما ليكونا عضوين لمجلس السيادة.
وبحسب المصدر، فإن قوى إعلان الحرية والتغيير توافقت مع المجلس العسكري الانتقالي، على العضو الحادي عشر بالمجلس السيادي، متجاوزين بذلك تكهنات بأن التوافق عليه واحد من تعقيدات تكوين الحكومة الانتقالية. وأرجعت المصادر تأخير تسمية مرشحي مجلس السيادة إلى تمسك كتلة «نداء السودان»، بتكوين المجلس القيادي لـ«قوى الحرية والتغيير» لإجازة الأسماء المرشحة.
من جهته، أكد المجلس العسكري الانتقالي في نشرة صحافية أمس، أن مراسم توقيع وثائق السلطة الانتقالية ستتم بقاعة الصداقة بالخرطوم الواحدة ظهراً، بحضور عدد من رؤساء الدول وممثلي المنظمات الدولية، ورؤساء الأحزاب وقادة المجتمع المدني. وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي شمس الدين كباشي في تصريحات، إن السلطات اتخذت الإجراءات التأمينية والتنظيمية لاستقبال رؤساء الدول من المطار إلى قاعة الصداقة بوسط الخرطوم.
بدوره، قال تجمع المهنيين السودانيين في بيان، إنه سيقدم الدعم اللازم للحكومة الانتقالية، بجانب ممارسة دوره الرقابي للوصول إلى ديمقراطية كاملة. ويتوقع أن يعود عبد الله حمدوك للبلاد خلال فترة وجيزة، بعد إبلاغه بتوافق قوى الحرية والتغيير عليه رئيساً للوزارة. يوقع المجلس العسكري الذي يتولى الحكم في السودان وقادة حركة الاحتجاج غداً (السبت) اتفاقاً مهماً تمّ التوصل إليه بعد أشهر من المظاهرات المطالبة بتسليم الحكم إلى مدنيين. وسيضفي التوقيع الطابع الرسمي على الوثيقة الدستورية التي وقع عليها المجلس العسكري وتحالف «قوى الحرية والتغيير» في 4 أغسطس (آب).
وينهي الاتفاق 8 أشهر من الانتفاضة التي شهدت خروج مئات الألوف ضد الرئيس السابق عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاماً قبل أن يطاح به في 11 أبريل (نيسان) الماضي. وتم التوصل للاتفاق بواسطة من الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا، واحتفل المحتجون به وعدّوه انتصاراً «للثورة»، في حين تباهى جنرالات الجيش بأنهم جنّبوا البلاد حرباً أهلية. وفي حين يستجيب الاتفاق للكثير من المطالب الرئيسية لحركة الاحتجاج، فإنه يترك سلطات واسعة في أيدي المجلس العسكري وتحديات هائلة أمام الحكومة المدنية. ومع التوقيع الرسمي على الاتفاق غداً، ستطلق السودان فوراً عملية تتضمن خطوات أولى مهمة من أجل إطلاق الحكم المدني بالبلاد.
فسيعلن في اليوم التالي عن أعضاء المجلس العسكري المدني الحاكم، ثم الثلاثاء يؤدي رئيس الوزراء القسم. وسيتم الإعلان عن تشكيل الحكومة في 28 أغسطس، ثم يلتقي الوزراء مع المجلس السيادي في 1 سبتمبر (أيلول) لأول مرة. وستجرى انتخابات عامة بعد المرحلة الانتقالية البالغة 39 شهراً والتي بدأت في 4 من الشهر الحالي.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».