مودي يدافع عن قراره إلغاء «الحكم الذاتي» في كشمير

عمران خان يحذّر من «تطهير عرقي» ... وقصف مدفعي متبادل... ومجلس الأمن يبحث النزاع اليوم

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال إلقاء كلمته بمناسبة عيد استقلال بلاده أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال إلقاء كلمته بمناسبة عيد استقلال بلاده أمس (أ.ف.ب)
TT

مودي يدافع عن قراره إلغاء «الحكم الذاتي» في كشمير

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال إلقاء كلمته بمناسبة عيد استقلال بلاده أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال إلقاء كلمته بمناسبة عيد استقلال بلاده أمس (أ.ف.ب)

دافع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أمس، عن خطوات حكومته بإلغاء الحكم الذاتي للقسم الهندي من كشمير، المتنازع عليه مع باكستان، وضمه إلى الهند بشكل رسمي، وقال في خطاب له بمناسبة عيد استقلال الهند إن حكومته تمكنت من إنجاز ما فشلت فيه كل الحكومات الهندية السابقة. وهو عده مراقبون انتقاداً ضمنياً لحكومات حزب المؤتمر الهندي، الذي أدرج الصراع حول كشمير على الأمم المتحدة، وقَبِل بقرارات مجلس الأمن الدولي التي تعطي حق تقرير المصير للشعب الكشميري في استفتاء تشرف عليه الأمم المتحدة. وفي غضون ذلك حذر نظيره الباكستاني عمران خان من «التطهير العرقي».
كان رئيس حكومة إقليم كشمير الهندي قد صرح بأن الحكومة المركزية الهندية ستخفف الإجراءات، التي صاحبت إلغاء وضعية كشمير الخاصة بشكل تدريجي. لكنه شدد على أن الاتصالات والإنترنت لن تتم إعادتهما في الظرف الحالي، «حتى لا يتمكن أعداء الهند من استغلالهما، ويزيد الوضع الأمني في الإقليم تدهوراً».
وشهدت الساحة السياسية الهندية انقساماً حاداً تجاه القرارات التي اتخذتها حكومة ناريندرا مودي بإلغاء الحكم الذاتي لإقليم كشمير، حيث طالب حزب المؤتمر الهندي بإعادة الحكم الذاتي للإقليم، وتجنيب المنطقة كلها مخاطر حرب جديدة مع باكستان. فيما ستنظر المحكمة الهندية العليا طلباً قدمه سياسيون هنود للطعن في عدم دستورية القرارات، التي اتخذتها حكومة مودي بإلغاء الحكم الذاتي، وتقسيم إقليم كشمير إلى ولايتين تداران من قبل الحكومة المركزية في نيودلهي.
ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن الدولي اليوم الوضع في كشمير، وذلك بعد طلب الحكومة الباكستانية عقد جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي لبحث قرارات حكومة الهند، التي ترى فيها باكستان مخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بقضية كشمير.
وطلبت الخارجية الروسية من باكستان بحث مسألة كشمير مع الجانب الهندي، على اعتبار أن هذه قضية خلافية بين الدولتين، ويجب أن تُحل عبر الحوار والمفاوضات بينهما، لا عبر تدويلها في مجلس الأمن الدولي، فيما أيدت الصين موقف باكستان بحث الإجراءات الهندية في مجلس الأمن الدولي.
ميدانياً، أعلن الجيش الباكستاني تعرض عدد من نقاط المراقبة الأمامية التابعة له على طول الخط الفاصل في كشمير بين قوات باكستان والهند لقصف مدفعي هندي، أسفر عن مقتل ثلاثة جنود باكستانيين.
وقال اللواء آصف غفور، الناطق باسم الجيش الباكستاني، إن قوات بلاده ردت على النيران الهندية، وقصفت تجمعات للقوات الهندية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود من تلك القوات. واتهم الناطق باسم الجيش الباكستاني القوات الهندية بقصف القرى الباكستانية القريبة من خط وقف إطلاق النار، مما أدى إلى مقتل امرأة كشميرية في الجانب الباكستاني.
وحذر رئيس الوزراء الباكستاني من وجود مخطط هندي لمهاجمة القسم الباكستاني من كشمير عسكرياً، وقال إن سياسة حكومة مودي التوسعية تهدف إلى لفت الأنظار العالمية عما يواجهه الكشميريون في القسم الهندي من الإقليم، من حصار وحظر تجوال وقطع الاتصال عنهم. مضيفاً أن الجيش الباكستاني لديه معلومات استخبارية عن عزم الهند شن هجوم على القسم الباكستاني من كشمير، بعد أن أحضرت الهند قوات إضافية إلى القسم الهندي من كشمير، بحيث وصل عدد القوات الهندية في الإقليم إلى أكثر من نصف مليون جندي.
وقال عمران في خطاب له أمام برلمان القسم الباكستاني من كشمير «إن أي مغامرة عسكرية هندية سيتم التصدي لها بكل حزم وقوة، وسيتم تلقين حكومة مودي درساً قاسياً».
وأضاف رئيس الوزراء الباكستاني، الذي شبّه حكومة مودي بألمانيا النازية، أن الوقت قد حان لتلقين دلهي درساً، واعداً «بالقتال حتى النهاية» ضد العدوان الهندي.
وخشية حدوث احتجاجات واضطرابات بسبب الخطوة الهندية، يخضع القسم الهندي من كشمير لإغلاق منذ أكثر من أسبوع مع إرسال عشرات آلاف الجنود كتعزيزات إلى سريناغار، المدينة الرئيسية فيه، وبلدات أخرى وقرى، مع فرض حظر تجول في المنطقة وقطع خطوط الهاتف والإنترنت.
وتسيّر القوات الهندية دوريات في الطرق الرئيسية للإقليم، وقد استخدمت قوات الأمن، الجمعة الماضية، الغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرة شارك فيها نحو ثمانية آلاف شخص للاحتجاج على خطوة الحكومة، واحتجزت أساتذة جامعيين وقادة أعمال ونشطاء من بين أكثر من 500 شخص في المنطقة، ونقلت بعضهم إلى أماكن مختلفة من الهند، حسب تقارير صحافية.
وأول من أمس، أحيا السكان يوم استقلال باكستان بإطلاق المفرقعات ورفع العلم الباكستاني. كما أحيت باكستان «اليوم الأسود» الذي يصادف يوم استقلال الهند، احتجاجاً على الخطوة الهندية بشأن كشمير. واستبدل رئيس الوزراء الباكستاني دائرة سوداء بصورته على «تويتر»، وكتب على «تويتر»: «هل سيشهد العالم صامتاً مجزرة أخرى تشبه مجزرة سريبرنيتشا، وتطهير عرقي للمسلمين في القسم الذي تحتله الهند من كشمير؟». في إشارة إلى المذبحة التي تعرض لها رجال وصبيان مسلمون في يوغوسلافيا السابقة في 1995.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».