غانتس والسنوار يتبادلان التهديدات

رئيس «أزرق أبيض» يهدد باغتيال قائد {حماس}... والحركة تذكر الجنرال بردها

TT

غانتس والسنوار يتبادلان التهديدات

هدد الجنرال الإسرائيلي بيني غانتس رئيس حزب «أزرق أبيض» قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار بالاغتيال إذا ما عمد إلى أي نشاط إضافي ضد إسرائيل.
وتهديدات غانتس الذي شغل منصب رئيس أركان في الجيش وينافس الآن على منصب رئيس الحكومة، جاءت كما يبدو ردا على تهديدات جديدة للسنوار كان يرد فيها على تصريحات سابقة لغانتس نفسه. وقال غانتس: «يجب على السنوار أن يتذكر أن أحدا كان بمكانه واسمه أحمد الجعبري انتقل بسيارته من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)، ولم يصل قط. إذا لزم الأمر يمكننا القيام بهذا مجددا». في إشارة إلى أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام الذي اغتالته إسرائيل بصواريخ في عام 2012.
واتهم غانتس حركة حماس بخطف مليوني غزي كرهائن، لكنه قال إنه مستعد «للقيام بتهدئة طويلة الأمد لكن بشرطين: هدوء تام، لا بالونات، لا طائرات ورقية ولا قذائف. وبالطبع إعادة أولادنا إلى البيت» (الأسرى المحتجزين لدى الحركة).
وتابع غانتس: «للأسف، فإن سوء الردع في العامين الماضيين، يقربنا أكثر للحاجة إلى معركة إضافية في غزة. ولا واحد يربح الحرب وسنفعل أقصى جهودنا لتفاديها، لكن إن لم يمنحونا الهدوء، فسيشعرون بالألم أكثر مما سنشعر به».
وجاء حديث غانتس بعد ساعات من تهديدات للسنوار بأنه قادر على كسر الجيش الإسرائيلي إذا دخل قطاع غزة.
وقال السنوار: «سنكسر جيش الاحتلال المهزوم إذا دخل قطاع غزة وسنمطر المدن الإسرائيلية برشقات صاروخية إذا حاول الاحتلال الدخول في حرب معنا». وأضاف خلال زياراته للعائلات بمناسبة عيد الأضحى في خان يونس ضمن برنامج أطلقته حماس: «إذا ما وقعت الواقعة فسنكسر جيش الاحتلال كسراً لا تقوم بعده قائمة، نحن نقصد ما نقول ولا نلقي القول جزافاً ويعرف الاحتلال أننا صادقون في قولنا».
ووصف السنوار العملية المنفردة التي وقعت على حدود غزة قبل أيام بأنها «فدائية وبطولية». وجاءت تصريحات السنوار بعد أيام من التوتر على حدود قطاع غزة وردا على تهديدات لغانتس قال فيها: «نحن غير مستعدين لاستمرار تآكل الردع، نحن غير مستعدين لقبول هذا الموديل لجولة أخرى وطائرة ورقية أخرى وصاروخ آخر أن تستمر، في المرة القادمة التي سيحدث مثل هذا الأمر سنتأكد أن تكون الأخيرة. نحن لن نقبل بتهدئة فقط، سوف نسعى لتحقيق حسم عسكري أمام حماس وتفكيك هذه المنظومة التي نواجهها. لن ندخر أي وسيلة، إن كانت هناك حاجة فسنصفي جميع قادة حماس، سنسحق بالنار كل شيء، سنعمل بشكل بري متي نريد وبقدر ما نريد».
وردت حركة حماس على غانتس أمس ببيان رسمي قالت فيه إنه عليه أن يتذكر حين كان رئيساً للأركان: «كيف كان رد المقاومة على العدوان على غزة في حرب 2014».
ووصف بيان الحركة تهديدات غانتس ضد قيادة حماس، بـ«محاولة لكسب أصوات المتطرفين في المجتمع الصهيوني».
وأضاف أن «الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال في عهد غانتس دفع ثمنها، عبر إطلاق المقاومة لمئات الصواريخ، طالت تل أبيب والقدس المحتلة ومدينة حيفا، وعطلت العمل في مرافق حيوية في الكيان، وأدخلت ملايين المستوطنين إلى الملاجئ، وكانت الفترة الأسوأ في حياة سكان غلاف غزة وتمكن القسام من أسر جنود من جيش الاحتلال».
في سياق متصل، ذكر موقع «والا» العبري، أن حماس ما زالت تواصل استعداداتها للمعركة المقبلة مع إسرائيل. وكشف الموقع عن إطلاق حماس، صباح أمس، صاروخا تجريبيا نحو البحر، بهدف تحسين دقة الصواريخ، وليس فقط الإنتاج.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.