عباس يأمل أن توافق الحكومة الجديدة في إسرائيل على التحدث إليه

التقى حفيدة رابين سراً... و«حماس» تصف الاجتماع بـ«المشبوه»

صورة تداولتها مواقع للقاء عباس مع حفيدة رابين نوعا روتمان وزوجها والنائب العربي عيساوي فريج
صورة تداولتها مواقع للقاء عباس مع حفيدة رابين نوعا روتمان وزوجها والنائب العربي عيساوي فريج
TT

عباس يأمل أن توافق الحكومة الجديدة في إسرائيل على التحدث إليه

صورة تداولتها مواقع للقاء عباس مع حفيدة رابين نوعا روتمان وزوجها والنائب العربي عيساوي فريج
صورة تداولتها مواقع للقاء عباس مع حفيدة رابين نوعا روتمان وزوجها والنائب العربي عيساوي فريج

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنه يأمل أن توافق الحكومة الجديدة التي ستشكل في إسرائيل (بعد الانتخابات) «على التحدث» إليه.
واتهم عباس في لقاء عقد في السر مع أعضاء «المعسكر الديمقراطي» الذي ضم عضو الكنيست عن حزب ميرتس اليساري عيساوي فريج، ونوعا روتمان حفيدة رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برفض لقائه مرات عدة في موسكو، في إشارة إلى محاولات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترتيب مثل هذه اللقاء.
وهاجم عباس رئيس الوزراء الإسرائيلي بقوة قائلاً: «إن نتنياهو عارض مراراً إنشاء حكومة وحدة مع (حماس) وإرساء المصالحة الداخلية الفلسطينية، لكنه دفع ملايين الدولارات على الفور لـ(حماس)».
والاجتماع الذي حدث الثلاثاء وامتنعت وكالة الأنباء الرسمية عن التطرق إليه، كشفته القناة 13 الإسرائيلية التي وثّقت الخبر بصور لعباس وهو يستقبل الوفد الإسرائيلي. وبحسب القناة 13، فإنه خلال الاجتماع طلبت روتمان من عباس اتخاذ خطوات لإطلاق سراح المواطن الإسرائيلي من أصول إثيوبية افيرا منغيستو، المحتجز لدى «حماس» في قطاع غزة، فوعد عباس بالمساعدة.
وفوراً وصفت «حماس» الاجتماع «بالمشبوه» وقالت: إنه شكل من أشكال التطبيع واستخفاف بتضحيات الفلسطينيين. وتبادل عباس مع فريج وروتمان اللذين بادرا إلى اللقاء، التهاني بحلول عيد الأضحى المبارك. وقال فريج وروتمان إنهما فعلا ذلك لإعادة القضية السياسية والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني إلى جدول أعمال الانتخابات.
ويسعى «المعسكر الديمقراطي»، إلى محاولة اجتذاب الناخبين من حزب «كاحول لافان» أو حزب العمل. وهم يشعرون بخيبة أمل من حقيقة أن هذه الأحزاب ليست معنية على الإطلاق بالقضية السياسية. ويحاول كل من بيني غانتس وحزبه «كاحول لافان» اجتذاب المصوتين من اليمين، ويرفضان دعماً علنياً لحل الدولتين، ويقوم عمير بيرتس وحزب العمال بحملات أساسية حول القضايا الاجتماعية.
وعملياً، تم تنظيم اللقاء مع عباس بشكل سري، والوحيد الذي علم مسبقاً في إسرائيل بانعقاد اللقاء هو إيهود باراك رئيس الحزب الذي دعم المبادرة للقاء عباس. وتأتي هذه المبادرة عقب مبادرة مشابهة من قبل روتمان وفريج عندما طالبا إيهود باراك بالاعتذار عن مقتل متظاهرين عرب خلال أحداث أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000. وفعلاً اعتذر المرشح إلى الانتخابات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، عن مقتل 13 من عرب 1948 في احتجاجات دامية عام 2000، بعد أن انتقده عضو كنيست عربي في افتتاحية صحيفة «هآرتس». وشغل باراك الذي يأمل الإطاحة برئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، المنصب عام 2000، وحينها قتلت القوات الإسرائيلية 13 عربياً خرجوا لإحياء ذكرى من سقطوا عام 1976، في «يوم الأرض».
ويأمل فريج وروتمان، أن يعيدا تسوية القضية الفلسطينية، وإيجاد الحل بشأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في النقاش الإسرائيلي العام، علماً بأن باراك هوجم من اليسار بسبب تصريحه قبل 19 عاماً بعد فشل قمة كامب ديفيد، أنه لا يوجد شريك في الجانب الفلسطيني من أجل صنع السلام.
لكن تسير الرياح في إسرائيل بعكس ما يتمناه عباس وفريج وروتمان. ويحتفظ نتنياهو بالصدارة في استطلاعات الرأي يليه مباشرة غانتس زعيم حزب «كاحول لافان» اللذان قد يضطران في النهاية إلى تشكيل حكومة وحدة أو اتفاق مع أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا الذي يعد اليوم بيضة القبان وليس باراك وحزبه. ويخشى الفلسطينيون من عودة نتنياهو إلى الحكم حاملاً في جعبته قرارات من قبيل ضم المستوطنات في الضفة الغربية وهو التعهد الذي أطلقه نتنياهو سابقاً لمناصريه.
والعلاقات بين نتنياهو وعباس في أسوأ مراحلها الآن. واتهم رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه الحكومة الإسرائيلية بشن حرب مفتوحة على الشعب الفلسطيني.
وقال اشتيه خلال لقائه مع 37 عضو كونغرس أميركياً، إن إسرائيل تشن على الفلسطينيين حرباً سياسية ودينية، وعلى الرواية كذلك. وأضاف، أن «الحوار في إسرائيل الآن هو بين معسكر ضم أراضي الضفة الغربية ومعسكر إبقاء الأمر الواقع، بينما معسكر السلام تآكل واندثر، فالإجراءات الاستيطانية الإسرائيلية هدفها تدمير حل الدولتين، وكذلك الحرب المالية على السلطة الوطنية من إسرائيل والولايات المتحدة، هدفها الرئيسي دفع الفلسطيني ليقبل بصفقة القرن، ليصبح المال مقابل السلام، ولن نقبل بهذه المساومة».
وقال اشتيه لضيوفه «إن شعبنا الفلسطيني تواق للسلام، السلام المبني على الحق والعدل، والرئيس بذل كل الجهود في لقاءاته الأربعة مع الرئيس الأميركي ترمب للوصول إلى صيغة سلام عادلة وشاملة، لكن الإدارة الأميركية اتخذت خطوات أحادية متطرفة أدت إلى قتل المسار التفاوضي والسياسي، وبخاصة بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس».
وأردف أن «الإدارة الأميركية بإجراءاتها ألغت جميع قضايا الحل النهائي، سواء على صعيد القدس، والحدود، واللاجئين، والأونروا، وقامت بتشجيع الاستيطان». وتابع: «أي عملية سلام تحتاج إلى مرجعية واضحة بالنسبة لنا، ويجب أن تكون وفق الشرعية والقانون الدولي، ويجب أن تكون هناك إجراءات لبناء الثقة ما بين كافة الأطراف، واهمها وقف الاستيطان، وجدول زمني لإنهاء الاحتلال».
وأضاف اشتيه: «نريد العلاقات ما بين الولايات المتحدة وفلسطين أن تكون مستقلة عن إسرائيل؛ فالرئيس محمود عباس الأكثر إيماناً بعملية السلام، ونحن لا نتهرب من السلام، ولن نقبل بأي حل لا يلبي الحد الأدنى من حقوقنا المشروعة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم