قطع طرق واعتصامات في الشمال رفضاً لإقامة مطمر للنفايات

مواكبة أمنية للشاحنات التي تجمع الأكياس المكدسة في الأقضية

قطع طريق في المنية بقضاء عكار احتجاجاً على مطمر للنفايات (الوكالة الوطنية)
قطع طريق في المنية بقضاء عكار احتجاجاً على مطمر للنفايات (الوكالة الوطنية)
TT

قطع طرق واعتصامات في الشمال رفضاً لإقامة مطمر للنفايات

قطع طريق في المنية بقضاء عكار احتجاجاً على مطمر للنفايات (الوكالة الوطنية)
قطع طريق في المنية بقضاء عكار احتجاجاً على مطمر للنفايات (الوكالة الوطنية)

لا تلبث أن تتراجع وتيرة أزمة النفايات في منطقة ما حتى ترتفع في منطقة أخرى في ظل غياب خطة شاملة لمعالجة هذا الملف الذي تعاني منه كافة المناطق اللبنانية والذي انفجر عبر احتجاجات شعبية في العام 2015.
وتتركز الأنظار منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي على أقضية محافظة الشمال بعد إقفال مكب «عدوة» في منطقة الضنيّة الذي كان يستقبل نفايات زغرتا والكورة والمنية والضنية وبشري والبترون. وتكدست النفايات في الشوارع لأسابيع في هذه المناطق بعد تعثر التوافق على مطمر بديل وخاصة في ظل الضغوط الشعبية الرافضة لتحويل البلدات والقرى إلى مطبات عشوائية. وتم الاتفاق أخيرا بين القوى السياسية الرئيسية على نقل النفايات إلى منطقة جبل تربل في قضاء المنية - الضنية ما أثار استياء عارما في صفوف أهالي المنطقة الذين اعتصموا وقطعوا الطرقات يوم أمس بالتزامن مع انطلاق عمليات رفع الأكياس المكدسة من الشوارع بمواكبة أمنية مشددة من قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن مواطنين نفذوا اعتصاما أمام سرايا طرابلس، احتجاجا على استحداث مطمر للنفايات في تربل، وذلك تزامنا مع اجتماع عقد في السرايا برئاسة محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا، لشرح خطة إدارة النفايات في الشمال، التي أعدتها وزارة البيئة.
وأعلن المعتصمون رفضهم فتح مطمر جديد للنفايات في تربل، لما له من آثار سلبية على المياه الجوفية والصحة العامة. كذلك أفيد يوم أمس عن قطع مواطنين طريق الضنية الرئيسية التي تربطها بمدينة طرابلس، احتجاجا على بدء العمل بمكب تربل للنفايات. وأشعل المحتجون إطارات سيارات وسط الطريق، ما دفع السائقين إلى سلوك طرق فرعية من أجل الوصول إلى أشغالهم وبيوتهم، فيما عملت القوى الأمنية وعناصر الجيش على إعادة فتح الطريق.
وقالت مصادر وزارة البيئة لـ«الشرق الأوسط» إن العمل مستمر لرفع النفايات إلى الموقع المحدد في منطقة جبل تربل باعتباره حلاً مؤقتاً وليس حلا مستداما، لافتة إلى أن الوزارة حددت 3 مواقع بديلة وهي تسير بما تتفق عليه القوى السياسية.
وعقد وزير البيئة فادي جريصاتي يوم أمس مؤتمرا صحافيا تناول فيه أزمة النفايات، فتحدث عن حلول قريبة للأزمة في الشمال، وقال: «نحن أمام خيارات صعبة إنما علينا أن نختار بين مصلحة الأكثرية ومصلحة الأقلية، وعلينا أن نختار الموقع الأقل ضرراً حيث لا يوجد موقع ليس فيه ضرر أقله بالرائحة». وعبّر جريصاتي عن أسفه لـ«مستوى الطائفية في ملف النفايات»، مشددا على أن «المراشقة والمزايدات لا تأتي بالحل».
ولا يبدو واضحا حتى الساعة إذا كانت القوى السياسية ستصمد أمام ضغط الشارع وبالتحديد في منطقة تربل والمناطق المحيطة، خاصة أن رئيس الحكومة سعد الحريري كان قد طلب من الوزير جريصاتي الأسبوع الماضي تعليق العمل بالموقع المحدد قبل أن يُعاد العمل فيه يوم أمس. وفي هذا الإطار، قال القيادي في «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو كان هناك توافق سياسي على السير بمطمر تربل لكن ذلك لا يعني أن اعتراضات الأهالي غير موجودة وأننا قادرون على تجاهلها»، معتبرا أن «لا إمكانية لإجبار سكان منطقة ما على استقبال المطمر، وإذا تمكنا من ذلك اليوم وغدا، فلن يكون ذلك متاحا بشكل دائم». وأضاف: «المشكلة أن أحدا لا يمكن أن يضمن أن المواقع المحددة سليمة بيئيا، كما أن أحدا لا يمكن أن يُقنع أهالي منطقة معينة لماذا تم اختيار منطقتها ولم يتم تحديد مواقع أخرى في مناطق مختلفة». ولفت علوش إلى أن اعتراضات الأهالي قد تدفع تيار «المستقبل» لإعادة النظر بالقرار المتخذ.
وتراجع عدد من القوى والأحزاب السياسية عن التصعيد في هذا الملف بعد انطلاق عملية رفع النفايات المكدسة من الشوارع. وأعلنت «الحركة الاعتراضية» على ملف النفايات في الشمال إرجاء التحرّك الذي كان مقرراً يوم أمس داعية إلى «مواكبة جهود الدولة والسلطات المحلية لرفع النفايات وتبديد المخاوف والهواجس المشروعة من قِبل المعترضين وصولاً إلى حلّ مستدام وصحي لهذه الأزمة». وأكد النائب في تيار «المردة» طوني فرنجية أن الحرص على صحة الناس وصون البيئة والمياه الجوفية يأتي في سلّم أولوياته، مشددا على أن «لا مكان للمزايدات في شمال العيش المشترك، وسنتابع التقنيات بدقة وفق أعلى المعايير الصحية والبيئية منعا لخطر التلوث أو السموم». من جهتها، سألت النائبة بولا يعقوبيان وزير البيئة لماذا لم تُصدر بعد المراسيم التطبيقية لقانون النفايات الذي أقر في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؟ وتوجهت إليه بالقول إن «الفرز ليس صعبا وليس غير شعبوي كما تقول، مشكلته فقط أنه يخفف من الأوزان وبالتالي من الأموال التي تدخل إلى جيوب السياسيين».
وأثار فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعنصر من قوى الأمن الداخلي يعتدي بالضرب على سيدة معترضة على إقامة مطمر تربل، استياء شعبيا وسياسيا. ووصف الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري المشهد بـ«المقزز»، ودعا وزيرة الداخلية ريا الحسن لاتخاذ التدابير اللازمة «لمنع تكرار أي تصرف طائش مماثل».
وأعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان أن أحد العناصر وأثناء تنفيذه مهمة حفظ الأمن والنظام، تفاجأ باعتراض شقيقته سير الدورية بالقرب من منزلهما فحاول ردعها دون أن تستجيب فصفعها طالباً منها العودة إلى المنزل، مشيرة إلى أن التحقيق جارٍ بإشراف القضاء. بدورها، علّقت الحسن على الفيديو، معلنة أنها طلبت فتح تحقيق بالذي حصل تحت إشراف القضاء المختص، مشيرة إلى أنه حتى لو أن السيدة المعتدى عليها هي شقيقة العنصر «فلا يحق له أن يقوم بضربها».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».