تركيا: بدء تحليق طائرات مسيرة تمهيداً للمنطقة الآمنة في سوريا

واشنطن قد تطبق آلية أمنية في شرق الفرات شبيهة بآلية منبج

TT

تركيا: بدء تحليق طائرات مسيرة تمهيداً للمنطقة الآمنة في سوريا

أعلنت وزارة الدفاع التركية بدء تحليق طائرات مسيرة في شمال سوريا في إطار الجهود التمهيدية لتأسيس المنطقة الآمنة في ضوء التفاهم مع واشنطن.
وقالت الوزارة، في تغريدة على حسابها في «تويتر» أمس (الأربعاء)، إن الجهود الرامية لتفعيل مركز العمليات المشتركة المزمع إنشاؤه في ولاية شانلي أورفا (جنوب تركيا على الحدود مع سوريا) في إطار المنطقة الآمنة المخطط إنشاؤها شمال سوريا بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لا تزال مستمرة... مضيفة: و«بدأت طائراتنا المسيرة تأدية مهامها في المنطقة».
كانت تركيا والولايات المتحدة شرعتا، أول من أمس، في أعمال البنية التحتية لمركز العمليات المشتركة، الذي اتفق عليه خلال مباحثات وفدين عسكريين من البلدين في أنقرة الأسبوع الماضي.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إنها شرعت مع الوفد الأميركي، المكون من 6 أشخاص، الذي وصل إلى شانلي أورفا يوم الاثنين الماضي، في أعمال تركيب البنية التحتية لمركز العمليات المشتركة، وأنه تم توفير المعدات المتعلقة بالمهام الحساسة الخاصة بالمركز. وأشار البيان إلى استمرار العمل على تأسيس وتفعيل مركز العمليات المشتركة بأسرع وقت ممكن، ودون أي تأخير.
وفي إطار الأعمال التحضيرية لتأسيس مركز العمليات المشتركة، قام الوفد الأميركي، الذي يعمل بالتنسيق مع قيادة فوج الحدود الثالث بقضاء أكجا قلعة في شانلي أورفا، بجولة تفقدية على الحدود مع سوريا أول من أمس.
وفي تصريح للصحافيين عند نقطة الصفر من الحدود، لفت رئيس بلدية القضاء، محمد يتشكين كايا، إلى أهمية إنشاء المنطقة الآمنة شمال سوريا التي تشهد حرباً منذ 8 سنوات، وأن بلاده بذلت منذ البداية جهوداً كبيرة لإنشاء مناطق آمنة.
وأضاف: «لم نر حتى اليوم صداقة من دول غربية، نعتبرها صديقة، فهي تصر على اتباع سياسة المماطلة. تركيا أظهرت حزمها بشأن إنشاء المنطقة الآمنة. سنبدأ العملية الأمنية على الحدود جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، أو بمفردنا».
وتابع: «لا مستقبل لأكجا قلعة ولا المنطقة إذا لم تقتلع جذور حزب العمال الكردستاني (المحظور)، الذي تعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية الحليفة لأميركا، امتداداً له في سوريا، وهو المنتشر على بعد 100 متر من الطرف الآخر من الحدود».
في السياق ذاته، ذكرت تقارير، نقلاً عن مصادر كردية سورية، أن شكل «الآليات الأمنية» بين الولايات المتحدة وتركيا في شرق الفرات، لن يختلف كثيراً عن خريطة الطريق في منبج الواقعة غرب الفرات، التي تم التوصل إليها بين الجانبين في 4 يونيو (حزيران) 2018 في مباحثات بين وزيري خارجية البلدين في واشنطن.
وقالت المصادر إنه جرى الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة من قوات التحالف الدولي للحرب على «داعش» وتركيا في عمق لا يتجاوز 7 كيلومترات، مع انسحاب الأسلحة الثقيلة ومسلحي تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذي تشكل الوحدات الكردية عموده الفقري، إلى مسافات من 20 إلى 30 كيلومترا لضمان عدم وصول مدى أسلحتهم إلى الحدود التركية.
وأضافت أن هذه المنطقة ستكون، وفقاً للجانب الأميركي، ممر سلام للاجئين السوريين الذين يريدون العودة طواعية إلى بلادهم دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير ديموغرافية المنطقة، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن اللاجئين من أبناء المنطقة سيعودون إليها إذا أرادوا ذلك، أما غيرهم فسيمرون من خلالها إلى المناطق السورية الأخرى.
وأكدت المصادر أنه ليست هناك معلومات متاحة حول طبيعة «الآليات الأمنية» التي اتفق الطرفان الأميركي والتركي حولها، ولا يزال الكثير من الأسئلة والاستفسارات بلا أجوبة، لا سيما ما يتعلق منها بعمق المنطقة المتفق عليها وشكل الإدارة فيها ومن سيتولى حماية أجوائها.
واعتبرت أن المفاوضات الجارية بين الجانبين الأميركي والتركي تشير بوضوح إلى حرص الولايات المتحدة على حماية حلفائها في «قسد»، حيث تستمر بالتزامن مع إنشاء مركز العمليات في تركيا في إرسال الدعم اللوجيستي والعسكري إلى «قسد» رغم المعارضة التركية الشديدة، وهو ما يشير إلى تغيير في الاستراتيجية الأميركية حيال المنطقة التي قد تتبلور في بقاء طويل الأمد في سوريا وربما دعم دبلوماسي واضح في المرحلة المقبلة لا سيما إذا نجحت في نزع فتيل العداء بين حليفيها تركيا وقسد.
وبحسب المصادر، فإنه لا يوجد مشروع أميركي واضح في شرق الفرات، ولا توجد استراتيجية أميركية واضحة المعالم في سوريا كلها، لكن هناك عاملين مهمين وراء الاهتمام الأميركي بشرق الفرات، هما مكافحة «داعش» والتصدي لـ«الوجود الإيراني» في سوريا، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون «التحالف» مع «قسد» الأكثر تنظيماً وفاعلية في الميدان.
وبحسب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، فإن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، بشكل مبدئي، مع تركيا، ينطوي على آلية أمنية على طول الحدود التركية، تعتقد واشنطن أن من شأنها تبديد قلق تركيا وتمكين «قسد» من التركيز على حماية المنطقة من «داعش» بدلا عن أن تنشغل باحتمال حدوث هجوم تركي، وفي الوقت ذاته ستساهم في حماية أمن شمال شرقي سوريا.
وأكدت البنتاغون أن الولايات المتحدة تنظر بجدية إلى المخاوف الأمنية التركية «المشروعة»، كما أنها ملتزمة بالعمل مع تركيا كحليف في الناتو وشريك في التحالف الدولي ضد «داعش».
وكانت أنقرة أكدت أنها لن تقبل بـ«مماطلة أميركية» بشأن الاتفاق حول المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا على غرار ما حدث في اتفاق خريطة الطريق في منبج، حيث تم تأسيس مركز عمليات مشتركة له في غازي عنتاب إلا أن أنقرة أنحت باللائمة مراراً على الولايات المتحدة في تأخير تنفيذ بنود الاتفاق كاملة، ولا سيما ما يتعلق بسحب عناصر الوحدات الكردية من منبج حتى الآن، حيث تقول تركيا إن ألفا من عناصرها لا يزالون في منبج.
ونص اتفاق خريطة الطريق في منبج على أن تتولى الولايات المتحدة سحب عناصر الوحدات إلى شرق الفرات وتسيير دوريات عسكرية مشتركة مع القوات التركية للإشراف على الأمن، إلى حين تشكيل مجلس محلي لإدارة شؤون المدينة، وما تحقق فعلياً من الاتفاق هو تسيير دوريات عسكرية مستقلة في خطوط التماس بين منبج ومناطق درع الفرات التي تسيطر عليها تركيا وفصائل سورية مسلحة موالية لها من الجيش السوري الحر.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».