سوق العمل البريطانية تخالف مسارات التشاؤم

نمو الأجور بأعلى مستوى في 11 عاماً

TT

سوق العمل البريطانية تخالف مسارات التشاؤم

تعززت قوة سوق العمل في بريطانيا على نحو غير متوقع خلال الربع الثاني، في تناقض حاد مع بيانات الأسبوع الماضي أظهرت انكماشا اقتصاديا خلال الفترة نفسها مع استعداد البلاد للانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وأظهرت بيانات رسمية أن النمو الإجمالي للأجور، بما في ذلك العلاوات، زاد بمعدل سنوي 3.7 في المائة في الشهور الثلاثة المنتهية في يونيو (حزيران)، وهو أعلى مستوى منذ يونيو العام 2008، وارتفاعا من 3.5 في المائة في مايو (أيار). ويتفق هذا المعدل مع توقعات خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إنه باستبعاد العلاوات، ارتفع نمو الأجور إلى 3.9 في المائة في يونيو من 3.6 في المائة في الشهر السابق، مقارنة مع التوقعات في الاستطلاع بنموها 3.8 في المائة.
وترجع قوة بيانات الأجور جزئيا إلى التوقيت غير المعتاد للزيادات السنوية في الأجور لعمال الصحة العامة في عام 2018 عندما جرى إرجاء زيادة أكبر من المعتاد حتى يوليو (تموز).
وانكمش الاقتصاد الأوسع نطاقا على نحو غير متوقع بنسبة 0.2 في المائة خلال ثلاثة شهور حتى يونيو، وهو أول انخفاض من نوعه منذ عام 2012، لكن البيانات الصادرة الثلاثاء تظهر أن بريطانيا أضافت 115 ألف فرصة عمل في الربع الثاني من العام مما رفع مستوى التوظيف إلى معدل قياسي بلغ 32.811 مليون. لكن معدل البطالة ارتفع أيضا إلى 3.9 في المائة مقارنة مع توقعات باستقراره عند 3.8 في المائة.
وتشير بيانات المكتب التي جاءت أفضل من المتوقع إلى أن سوق العمل يسير بصورة جيدة، وأنه من غير المرجح أن ينضم بنك إنجلترا للاتجاه السائد حاليا ويقوم بخفض معدل الفائدة.
وتأتي نتائج سوق العمل القوية بعد أيام قليلة من نشر تقرير يشير إلى إعداد الحكومة البريطانية لقائمة سرية بشركات رئيسية قد تحتاج إلى مساعدة وإنقاذ إذا نفذت لندن تهديدها بترك الاتحاد الأوروبي «بريكست» دون اتفاق قائم على التفاوض.
وبحسب «رويترز»، ذكرت صحيفة «تايمز» البريطانية، أن مايكل غوف؛ الوزير البريطاني المعني بالتخطيط لخروج محتمل من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، أكد - لأول مرة - أنه سيتم تطوير «حزمة» إنقاذ للشركات التي قد تواجه عجزا ماليا.
وتهدف هذه الحزمة إلى مساعدة الشركات التي ستتأثر - بشكل مؤقت - بالخروج دون اتفاق. وتقول الصحيفة إن شركات الإنشاءات والصناعات يُنظر إليها بشكل خاص على أنها معرضة للخطر.
من جهة أخرى، فإن ساجد جاويد؛ وزير الخزانة البريطاني، أوضح أن أسس اقتصاد المملكة المتحدة قوية بعد أن أظهرت أرقام أنه انكمش في الربع الثاني، لكنه أضاف أن الاقتصاد العالمي ككل يمر بفترة صعبة.
ووفقا لبيانات من مكتب الإحصاءات الوطنية الأسبوع الماضي، انكمش الاقتصاد البريطاني بمعدل فصلي بلغ 0.2 في المائة وهو أول انكماش منذ 2012، وعلى أساس سنوي تراجع النمو الاقتصادي إلى 1.2 في المائة من 1.8 في المائة في الربع الأول، وهو أضعف أداء منذ بداية 2018.
وأضاف جاويد في بيان: «هذه فترة صعبة للاقتصاد العالمي مع تباطؤ النمو في دول كثيرة. لكن أسس الاقتصاد البريطاني قوية... الأجور تنمو والتوظيف عند مستوى قياسي مرتفع، ونتوقع أن ننمو بوتيرة أسرع من ألمانيا وإيطاليا واليابان هذا العام».
وأشار إلى أن «الحكومة عاقدة العزم على تقديم معلومات مؤكدة للناس والشركات بشأن (بريكست)... ذلك هو السبب في أننا نوضح أن المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر (تشرين الأول)».
وبعث بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، برسالة إلى جميع الموظفين الحكوميين يبلغهم فيها أن الاستعداد لخروج بلاده من الاتحاد أولوية قصوى بالنسبة له ولهم، وفقا لنسخة بالبريد الإلكتروني.
ووعد جونسون الناخبين برحيل بريطانيا عن الاتحاد في 31 أكتوبر، سواء تم التوصل إلى اتفاق بشأن الخروج أم لا، مطالبا بروكسل بإلغاء أجزاء من الاتفاق القائم المقترح تتصل بوضع حدود آيرلندا والتفاوض على ترتيبات جديدة للخروج.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.