«انفجار إثر اختبار صاروخ على منصة بحرية في قاعدة نيونوكسا لإطلاق الصواريخ شمال روسيا ومقتل شخصين»، كان هذا أول تصريح لمسؤول روسي يوم (الخميس) الماضي حول الانفجار الغامض الذي حدث في مدينة سيفيرودفينسك.
ومع توالي الأيام بدأت الحقائق تظهر تباعاً، فقد أعلنت روسيا أن الانفجار ذو طبيعة «نووية»، وأن عدد القتلى 5 أشخاص، قبل أن تعلن بعدها أنهم 7 أشخاص، وأخيراً أعلنت اليوم (الثلاثاء) أن مستويات الإشعاع ارتفعت من 4 إلى 16 مرة في الثامن من أغسطس (آب) في مدينة سيفيرودفينسك الواقعة في شمال روسيا.
ملابسات الحادث الأخير، وطريقة التعامل الرسمي الروسي معه، تُشبه إلى حد كبير ملابسات وطريقة التعامل الرسمي للاتحاد السوفياتي مع الكارثة النووية الأكبر في تاريخه، وهي «كارثة تشرنوبل» عام 1986.
تجربة واختبار
في أبريل (نيسان) من عام 1986، وقعت «كارثة تشرنوبل» نتيجة انفجار نووي إشعاعي وقع في المفاعل رقم 4 من محطة تشرنوبل للطاقة النووية، قرب مدينة بريبيات في شمال أوكرانيا السوفياتية، بينما كان يتم إجراء عملية محاكاة وتجربة في الوِحدة التي وقع فيها الانفجار.
ويوم (الخميس) الماضي، حدث انفجار ذو طبيعة «نووية» خلال قيام فريق عمل المركز النووي الاتحادي الروسي باختبار إطلاق صاروخ يعمل بالطاقة النووية على منصة بحرية قبالة سواحل منطقة أرخانغيلسك في أقصى شمال البلاد.
إنكار وتستر
«الموقف الرسمي للدولة هو أن وقوع كارثة نووية عالمية غير ممكن في الاتحاد السوفياتي»، هكذا كان الموقف الرسمي للاتحاد السوفياتي فور وقوع «كارثة تشرنوبل». كان الإنكار من جانب الكرملين هو طريقة التعامل مع الكارثة، للتقليل من حجمها قدر الإمكان.
ولم تنشر الأخبار التلفزيونية أي شيء عن الكارثة سوى بعد حصولها بـ3 أيام، في خبر احتل الترتيب السادس في نشرة الأخبار. وعلى الرغم من الإشعاعات المنبعثة، تم إخبار السكان المحليين أن الغبار النووي المشع ليس سوى «تصريف بخار غير ضار»، ولم يبدأ إخلاء المدينة إلا بعد 36 ساعة من الكارثة.
وبالمثل، حاولت السلطات الروسية، هذه المرة، إبقاء أمر الانفجار في طي الكتمان، ولم تُعلن أن الانفجار ذو طابع «نووي» إلا بعد وقوعه بعدة أيام بعد انتشار أنباء منسوبة لمنظمات عالمية مهتمة بالبيئة تفيد بأن مستويات الإشعاع ارتفعت نحو 20 مرة في المنطقة المحيطة بالانفجار.
واليوم (الثلاثاء) فقط، أعلنت روسيا أنها تعتقد أن مستويات الإشعاع في مدينة سيفيرودفينسك ارتفعت من 4 إلى 16 مرة في الثامن من أغسطس بعد الانفجار، وأوصت السلطات بإخلاء قرية نيونوكسا في مدينة سيفيرودفينسك بدءاً من الغد، أي بعد 6 أيام من الانفجار.
تضارب أعداد الوفيات
تسببت «كارثة تشرنوبل» في وفاة الكثيرين، لكن لأنه لم يتم الاحتفاظ بأي بيانات دقيقة حول الكارثة، لا يمكن إثبات أي رقم محدد لعدد الوفيات، لكن العدد الرسمي الذي أعلنه الاتحاد السوفياتي لضحايا الانفجار مباشرة هو 31، فيما تشير التقديرات الأخرى لأعداد من 4000 إلى 93 ألف شخص، ماتوا نتيجة الانفجار وتداعياته اللاحقة.
وعند حدوث الانفجار في منطقة أرخانغيلسك يوم (الخميس) الماضي، أعلن أول بيان رسمي روسي وفاة شخصين نتيجة الانفجار، قبل أن تعلن روسيا لاحقاً وفاة 5 أشخاص نتيجة الانفجار، فيما تتحدث وسائل إعلام روسية عن سقوط 7 قتلى حتى الآن.