وزارة الدفاع الروسية تلمح إلى صعوبة معارك إدلب

TT

وزارة الدفاع الروسية تلمح إلى صعوبة معارك إدلب

في إقرار روسي بضراوة المعارك الجارية في محيط إدلب، أعلنت وزارة الدفاع أمس، أن عشرات الجنود في الجيش النظامي سقطوا بين قتيل وجريح خلال المواجهات التي جرت يومي السبت والأحد، ولفتت إلى «محاولة المسلحين توسيع نطاق عملياتهم»، مشيرة إلى تكثيف الهجمات باستخدام طائرات مسيرة على قاعدة «حميميم» الروسية. وأفاد بيان أصدره أمس، المركز الروسي للمصالحة في سوريا، أن 23 جنديا سوريا قتلوا وأصيب 7 آخرون بجروح، أثناء «تصدي الجيش لهجمات المسلحين على مواقعه خلال يومي السبت والأحد».
وقال المركز التابع لوزارة الدفاع الروسية ومقره قاعدة «حميميم» في ريف اللاذقية، إن «المجموعات المسلحة غير الشرعية المتمركزة في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب، لا تتوقف عن محاولاتها لتوسيع رقعة سيطرتها في هذه المنطقة على حساب مواقع القوات الحكومية». لكن البيان أكد في المقابل أن «القوات الحكومية السورية نجحت في صد جميع هجمات المسلحين الذين تكبدوا خسائر كبيرة». وكانت البيانات العسكرية الروسية ركزت خلال الأيام الأخيرة على «هجمات المسلحين» من دون أن تشير إلى الهجوم الواسع الذي ينفذه الجيش السوري بغطاء جوي من الطيران الروسي.
وأوضح رئيس المركز الجنرال أليكسي باكين، في وقت سابق، أن «المجموعات الإرهابية... قامت بحشد كتائبها في الجزء الجنوبي من منطقة خفض التصعيد بإدلب».
وأوضح أنه تم رصد قيام تنظيم «هيئة تحرير الشام» بنقل نحو 120 مسلحا وثلاث عربات مصفحة وأربع سيارات «بيك أب» مزودة برشاشات ثقيلة من بلدة حيش في ريف إدلب الجنوبي، إلى خط التماس مع القوات الحكومية السورية.
وزاد أن جماعة «أجناد القوقاز» نقلت نحو 200 مسلح و5 عربات مصفحة و10 سيارات «بيك أب» مزودة برشاشات، وسيارتي شحن ملغومتين إلى خط التماس. كما أشار إلى أن الإرهابيين حشدوا، في منطقة قرية كندة، قرابة 150 مسلحا من عناصر الحزب الإسلامي التركستاني، و13 سيارات «بيك أب» المزودة بمدافع هاون وراجمات للصواريخ ورشاشات ثقيلة.
وذكر الجنرال باكين أيضا أن المسلحين نفذوا 24 عملية قصف في محافظات حلب واللاذقية وإدلب خلال الساعات الـ24 الماضية.
تزامن ذلك، مع إعلان وزارة الدفاع الروسية، مساء الأحد، عن التصدي لهجوم واسع على قاعدة «حميميم» استخدمت فيه الطائرات المسيرة. ووفقا لبيان الوزارة فإن قوات الدفاع الجوي في القاعدة نجحت في تدمير 6 طائرات مسيرة قتالية أطلقها المسلحون باتجاه قاعدة «حميميم».
وزاد البيان أن الهجوم الذي وقع مساء الأحد لم يسفر عن وقوع أضرار في القاعدة العسكرية الروسية، وأنه «تم تدمير جميع الطائرات المسيرة بنيران المضادات الجوية النظامية التابعة للقاعدة الجوية الروسية على مسافة آمنة».
وكانت شبكة «سبوتنيك» الحكومية الروسية نقلت عن مصادر حكومية أن تنظيم «جبهة النصرة» تمكن في شهر مايو (أيار) الماضي من الحصول على أكثر من 500 طائرة مسيرة من دون طيار، متوسطة الحجم، عن طريق أحد الوسطاء المحليين بمحافظة إدلب، الذي استطاع إدخالها إلى المحافظة عبر الحدود التركية بالتعاون مع تجار أتراك.
وأضافت المصادر أنه تم نقل هذه الطائرات إلى مدينة جسر الشغور غرب إدلب، حيث خزنت في أحد مقرات تنظيم «الحزب الإسلامي التركستاني» بالقرب من مشفى جسر الشغور.
ووفقا لمصادر الشبكة الروسية، فإن خبراء صينيين من كوادر «الحزب التركستاني» قاموا بإجراء تعديلات على هذه الطائرات من خلال استبدال الهيكل المعدني والبلاستيكي من خلال آخر مصنوع من مواد كربونية في محاولة لجعلها خفية وغير قابلة للاكتشاف من قبل أنظمة الرادار.
وأضافت المصادر أن عملية التعديل شملت كذلك طريقة التحكم بالطائرات من خلال ربط مجموعة طائرات مسيرة بنظام ملاحة آلي بعد تحديد الهدف مسبقا وتزويد هذه الطائرات بقنابل أو صواريخ صغيرة الحجم وشديدة الانفجار.
وكانت موسكو أعلنت خلال الشهور الماضية عن «تصعيد كبير» في محاولات استهداف قاعدة «حميميم» بطائرات مسيرة مزودة بمتفجرات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».