أجواء قمع وحملات دهم خيمت على العيد في صنعاء

يمنيون ذاهبون إلى صلاة العيد في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمنيون ذاهبون إلى صلاة العيد في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

أجواء قمع وحملات دهم خيمت على العيد في صنعاء

يمنيون ذاهبون إلى صلاة العيد في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمنيون ذاهبون إلى صلاة العيد في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

حوّلت الميليشيات الحوثية العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ثكنةً كبيرة لمسلحيها في أول أيام عيد الأضحى وسط حملات تفتيش وتشديد أمني رافقها نشر مئات من نقاط التفتيش في شوارع المدينة؛ في سياق ترويع السكان والحد من تنقلاتهم بين أحياء العاصمة وبين المدن الخاضعة للجماعة.
وجاءت التدابير القمعية للميليشيات بعد يومين من مقتل إبراهيم بدر الدين الحوثي زعيم شقيقها عبد الملك الحوثي بشقة سكنية في حي حدة جنوب العاصمة في ظروف وملابسات غامضة، حيث وجد مقتولاً مع حارسه الشخصي، في وقت اتهمت فيه الجماعة ضمنياً تحالف دعم الشرعية بتصفيته ضمن عملية استخباراتية دقيقة.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة الحوثية «عززت بالمئات من عناصرها وجودها في شوارع العاصمة المختطفة صنعاء؛ وتحديداً الأحياء الجنوبية منها، حيث نشرت عشرات الحواجز الأمنية مهمتها التنغيص على السكان في أول أيام عيد الأضحى والتضييق على تحركاتهم».
وأكد السكان مشاهدة طوابير طويلة من السيارات عند حواجز التفتيش في مختلف شوارع العاصمة التي طغت عليها العربات العسكرية والأمنية للجماعة الموالية لإيران في ظل إقبال باهت من السكان على الأماكن العامة والمطاعم والحدائق.
وكانت الميليشيات كثفت قبل أيام العيد من حملاتها على التجار ورجال الأعمال من أجل جباية مزيد من الأموال لتسيير قوافل الغذاء والهدايا لميليشياتها على مختلف الجبهات، بالتزامن مع حملات قمع شملت إغلاق كبرى المطاعم والأسواق في سياق نهج الجماعة لابتزاز ملاكها.
وأكدت المصادر الحوثية ظهور القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي؛ عضو ما يسمي «المجلس السياسي الأعلى (مجلس حكم الانقلاب)» رئيس «اللجنة الثورية» للجماعة، مع عدد آخر من قادة الجماعة في الجامع الكبير بصنعاء، بينما لم يظهر رئيس «مجلس حكم الانقلاب» مهدي المشاط، مكتفياً بتوجيه خطاب بثته وسائل إعلام الجماعة.
وعادة ما يتخذ كبار قادة الجماعة المقربون من زعيمها احتياطات أمنية تمنعهم من الظهور العلني في الأماكن العامة، وهي الطريقة ذاتها التي يتبعها عبد الملك الحوثي، لدرجة أنه غاب عن تشييع جثة شقيقه إبراهيم في مدينة صعدة التي دفن بها.
وذكرت المصادر أن الجماعة الحوثية طوقت مداخل العاصمة صنعاء بقوات إضافية وشنت حملات تفتيش دقيقة على السيارات، وقال شهود لـ«الشرق الأوسط»: «ما شهدناه من عمليات تفتيش وتدقيق وتأخير للمسافرين؛ يعبر عن أقسى درجات القمع والحط من إنسانية المواطنين».
في السياق نفسه، أفادت مصادر محلية وحزبية بأن عناصر الميليشيات الحوثية شنوا عمليات دهم لعشرات المنازل في أحياء جنوب العاصمة في سياق سعى الجماعة للبحث عمّن تزعم أنهم كانوا على صلة بقتل شقيق زعيم الجماعة وحارسه الشخصي.
ورغم غموض واقعة القتل، فإن مصادر كشفت لـ«الشرق الأوسط» عن أن مقربين من إبراهيم الحوثي اشتبهوا في غيابه على غير العادة؛ قبل أن يشنوا عمليات بحث عنه، مستخدمين خدمة تحديد المواقع الموجودة على هاتف مرافقه الشخصي، ثم وجدوه مقتولاً داخل إحدى الشقق، في حين وجدت سيارته في فناء المبنى الذي قتل فيه وداخلها سلاحه الشخصي.
وأكدت المصادر أن تصفية شقيق زعيم الجماعة ومرافقه تمت بمسدس كاتم للصوت، بينما زعمت وسائل إعلام موالية للميليشيات أن عناصرها تمكنوا من إلقاء القبض على 80 في المائة من المسؤولين عن مقتله، وهي رواية شكك فيها كثير من سكان العاصمة الذين أكدوا أن من تم القبض عليهم من قبل الجماعة هم سكان المباني المجاورة في المنطقة الذين لا علاقة لهم بالحادثة.
وخصصت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية أغلب المساحات في وسائل إعلامها لنقل برقيات التعازي الشخصية لزعميها في مقتل شقيقه، من قبل المسؤولين كافة الخاضعين للجماعة؛ سواء في مجلس حكم الانقلاب أو في الإدارات المحلية أو من القيادات الحزبية الواقعة تحت قبضة الوجود الحوثي.
وتكفل رئيس مجلس حكم الجماعة الانقلابي مهدي المشاط بإلقاء خطاب بمناسبة عيد الأضحى المبارك. وكعادته؛ كرّسه للحديث عن انتصارات جماعته المزعومة، وعن الأسلحة والصواريخ التي بحوزتها، ولدغدغة عواطف زعماء القبائل، كما عمل في خطابه على توظيف الأحداث التي شهدتها مدينة عدن أخيراً.
ودعا المشاط في خطابه إلى المصالحة العامة مع القوى الموجودة على الأرض في اليمن بعيدا عن تحالف دعم الشرعية؛ في مغازلة واضحة منه لقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح وحزب المؤتمر الشعبي العام؛ بعيداً عن شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وزعم القيادي الحوثي أن جماعته ملتزمة بالسلام، وأنها نفذت أكثر من 50 في المائة من التزاماتها تجاه اتفاق السويد وإعادة الانتشار في محافظة الحديدة، في مسعى لتضليل أتباع الجماعة والرأي العام الدولي؛ إذ تؤكد الحكومة الشرعية أن الميليشيات لا تزال تسيطر على كل موانئ الحديدة بعد أن قامت بتسليمها لعناصرها الذين ألبستهم زي قوات خفر السواحل.
وعبر موظفون في صنعاء خلال حديثهم مع «الشرق الأوسط» عن سخطهم الواسع على سلطة الميليشيات، التي أمرت بصرف نصف راتب لهم فقط بمناسبة عيد الأضحى، مؤكدين أن الجماعة قادرة على صرف رواتبهم كاملة بحكم الموارد الضخمة التي تسيطر عليها، «لكنها ترفض ذلك إمعاناً منها في إذلال الموظفين ومفاقمة الحالة الإنسانية في مناطق سيطرتها».
وأشار الموظفون إلى أن نصف الراتب الذي وجهت الميليشيات بصرفه «لم يكن كافياً لتغطية أقل احتياجات العيد؛ بما فيها ملابس الأطفال وألعابهم، ناهيك بشراء أضحية، أو قضاء جزء من الديون المتراكمة منذ سنوات لمؤجري المنازل» التي يسكنون فيها.
وكانت الجماعة الحوثية فرضت رسوماً مضاعفة على أضاحي العيد الآتية إلى العاصمة صنعاء، بعد أن خصصت أماكن في ذمار جنوب العاصمة، وعلى المدخل الشمالي لصنعاء، لتقاضي الرسوم، مما رفع أسعار الأضاحي هذا العام إلى أرقام قياسية.
وأكد سكان في العاصمة صنعاء أن «الميليشيات فرضت مبلغ 15 ألف ريال على كل خروف أو تيس يدخل العاصمة صنعاء، في حين فرضت مبالغ وصلت إلى 60 ألف ريال على كل رأس من الأبقار والعجول».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.