أكثر من 60 جريحاً فلسطينياً في مواجهات بالحرم القدسي

الرئاسة الفلسطينية تحمل إسرائيل مسؤولية التصعيد وتحذّر من تحويل الصراع إلى «ديني»

فلسطينيون يحملون جريحاً في المسجد الأقصى خلال صدامات أمس مع القوات الإسرائيلية (أ.ب)
فلسطينيون يحملون جريحاً في المسجد الأقصى خلال صدامات أمس مع القوات الإسرائيلية (أ.ب)
TT

أكثر من 60 جريحاً فلسطينياً في مواجهات بالحرم القدسي

فلسطينيون يحملون جريحاً في المسجد الأقصى خلال صدامات أمس مع القوات الإسرائيلية (أ.ب)
فلسطينيون يحملون جريحاً في المسجد الأقصى خلال صدامات أمس مع القوات الإسرائيلية (أ.ب)

اندلعت مواجهات أمس بين الشرطة الإسرائيلية ومصلّين فلسطينيين في حرم المسجد الأقصى في القدس، في أول أيام عيد الأضحى، مما أسفر عن عشرات الجرحى في صفوف الفلسطينيين. وبعد أداء صلاة العيد بدأ فلسطينيون يطلقون هتافات مناهضة لعناصر الشرطة الإسرائيلية ويلقون مقذوفات في اتجاههم، بحسب مراسل «الصحافة الفرنسية». وعلى الأثر، وقعت مواجهات واستخدمت قوات الأمن المنتشرة على مداخل الحرم القدسي قنابل صوتية في محاولة لتفريق الحشد.
وقالت آسيا أبو سنة (32 عاماً) إنه «مسجدنا وعيدنا، لكن الجيش (الإسرائيلي) وصل وبدأ بالضرب وإطلاق قنابل صوتية». وتحدث الهلال الأحمر الفلسطيني عن 61 جريحاً، نقل 15 منهم إلى المستشفى، فيما أحصت الشرطة سقوط أربعة جرحى في صفوفها. ووسط هذا التوتر، عمدت الشرطة إلى منع اليهود من دخول الموقع، علماً بأنهم يحيون في اليوم نفسه مناسبة دينية مهمة هي ذكرى خراب الهيكل، ولكنها أعادت بعد احتجاجات فتح الباب الوحيد الذي يمكنهم عبوره للوصول إلى الموقع.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية اعتداء القوات الإسرائيلية على المصلين، ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة قوله: «نحمّل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية اقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك والاعتداء على المصلين، الأمر الذي يشكل استفزازاً كبيراً لمشاعر المسلمين ويعمل على تأجيج الأوضاع وزيادة التوتر لجر المنطقة إلى مربع العنف». وأكد «ضرورة وقف الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى»، مشدداً على أنه «خط أحمر لا يمكن السكوت عليه أمام ما يتعرض له من اعتداءات متكررة من قبل الاحتلال ومستوطنيه». وطالب بضرورة وجود تدخل دولي وعربي عاجل «من أجل لجم العدوان والغطرسة الإسرائيلية وإلزام إسرائيل بصفتها دولة احتلال بوقف إجراءاتها». كذلك نددت منظمة التحرير الفلسطينية بـ«العدوان» على الأقصى، فيما اعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في بيان، أن ما حصل «يظهر البعد الديني للنزاع».
كما أدان الأردن بشدة استمرار «الانتهاكات» الإسرائيلية في القدس، إثر صدامات بين الشرطة الإسرائيلية ومصلّين فلسطينيين في حرم المسجد الأقصى في أول أيام عيد الأضحى، داعياً إلى «وقف هذه الممارسات العدوانية فوراً».
وعبر الناطق الرسمي باسم الوزارة، سفيان القضاة، عن «رفض الأردن المطلق لهذه الممارسات العبثية والاستفزازات غير المسؤولة في أول أيام عيد الأضحى المبارك». وحمل «الحكومة الإسرائيلية نتائجها بالكامل وما نجم عنها من عنف وتوتر شديدين». وطالب السلطات الإسرائيلية بـ«الوقف الفوري لهذه الممارسات»، داعياً «المجتمع الدولي للتحرك والضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها العدوانية».
ويعتبر المسجد الأقصى ثالث أقدس موقع في الإسلام، ويشير إليه اليهود على أنه جبل الهيكل، حيث موقع المعبدين من عهد التوراة ويعتبر أقدس الأماكن الدينية عندهم. ويقع المسجد الأقصى، وهو في صلب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، في القدس الشرقية، وتسيطر القوات الإسرائيلية على مداخل الموقع الذي تتولى إدارته دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن. وتعترف إسرائيل، التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994، بإشراف المملكة على المقدسات الإسلامية في المدينة.
ويخشى الفلسطينيون من محاولة إسرائيل تغيير الوضع القائم في المسجد منذ حرب 1967 والذي يسمح بمقتضاه للمسلمين بدخول المسجد الأقصى في أي وقت، في حين لا يسمح لليهود بذلك إلا في أوقات محددة ومن دون الصلاة فيه.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967 بعدما كانت تخضع للسيادة الأردنية كسائر مدن الضفة الغربية قبل احتلالها، وضمّتها لاحقاً في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
من جهة أخرى، قُتل فلسطيني أطلق النار أمس على جنود إسرائيليين على حدود قطاع غزة حين ردّ العسكريون عليه، في ثالث تبادل إطلاق نار عند حدود القطاع في الأيام الأخيرة، وفق ما أفاد مسؤولون. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه «شل حركة» الفلسطيني الذي «اقترب من السياج الأمني في شمال قطاع غزة» الذي تسيطر عليه حركة حماس و«أطلق النار» على عسكريين. وأضاف الجيش: «بعد هذا الحادث، استهدفت دبابة إسرائيلية موقعاً عسكرياً تابعاً لحركة حماس في المنطقة نفسها». مشيراً إلى عدم تسجيل خسائر بشرية من جانب القوات الإسرائيلية.
وأكدت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة مقتل الفلسطيني البالغ 26 عاماً وهو متحدّر من بلدة بيت حانون في شمال القطاع. ونُقلت جثّته إلى مستشفى محلي. وأعلن الجيش الإسرائيلي أول من أمس قتل 4 فلسطينيين «مسلحين» ببنادق هجومية وقاذفة قنابل وقنابل يدوية حاولوا التسلل إلى إسرائيل من جنوب قطاع غزة. وفي الأول من أغسطس (آب)، عبر فلسطيني الحدود من غزة ودخل إلى إسرائيل حيث أطلق النار على جنود، مما أدى إلى جرح ثلاثة منهم قبل أن يقتل بنيران العسكريين، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في بيان السبت، أنه يحمّل حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة «مسؤولية أي عدوان مصدره غزة». وفي وقت سابق هذا الأسبوع، عُثر على جثة جندي إسرائيلي قتل طعناً قرب مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، وأعلنت السلطات الإسرائيلية أنها أوقفت فلسطينيين يُشتبه بضلوعهما في مقتل الجندي دفير سوريك.
\ وأدان أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، قيام جماعات من المستوطنين والمتطرفين اليهود باقتحام ساحة الحرم القدسي في وقت صلاة العيد، مُعتبراً أن الحدث، الذي جرى تحت سمع وبصر قوات الاحتلال الإسرائيلي وبإيعازٍ منها، يعكس سياسة إسرائيلية متواصلة تهدف إلى تطبيع الوجود اليهودي في الحرم الشريف، وتقليص الوجود الإسلامي، حتى في الأيام المُباركة التي تُقام فيها شعائر صلاة العيد.
وحمَّل الأمين العام للجامعة العربية الحكومة الإسرائيلية مسؤولية هذا التصعيد الخطير الذي تمارسه بشكل منهجي، من أجل مغازلة المتطرفين، مؤكداً أن هذه السياسات الرعناء والهمجية تزكي نيران التعصب في المنطقة، وتُهدد بإشعال صراع ديني في مدينة القدس.
وصرّح مصدر مسؤول بجامعة الدول العربية أن أبو الغيط دعا المجتمع الدولي إلى الوقوف بوجه هذه الحملة الإسرائيلية المدروسة التي تستغل مواقف الإدارة الأميركية وما توفره لها من غطاء سياسي، لتتمادى في تهويد القدس المحتلة، وفي استفزاز الفلسطينيين باستباحة المسجد الأقصى واقتحامه بواسطة المتطرفين المهووسين. كما نقل المصدر عن أبو الغيط قوله إن اليمين الإسرائيلي ما زال يعيش في وهم السيطرة اليهودية الكاملة على القدس الشريف، مؤكداً أن انتزاع القدس من الضمير العربي والإسلامي هو أمر مستحيل، وموجهاً التحية للفلسطينيين الصامدين على الأرض في المدينة المقدسة، الذين يحطمون بصمودهم أوهام المستوطنين والمتطرفين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».