البرهان يدعو إلى حماية الاتفاق بين «المجلس العسكري» و«قوى الحرية والتغيير»

المهدي يطالب بـ«ميثاق شرف أخلاقي» يؤسس لشراكة بين العسكريين والمدنيين

TT

البرهان يدعو إلى حماية الاتفاق بين «المجلس العسكري» و«قوى الحرية والتغيير»

شدّد رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، على أهمية «الاتفاق الدستوري» الموقّع بين مجلسه و«قوى إعلان الحرية والتغيير» وضرورة حمايته، ووضع أسس لحكم مدني راسخ في البلاد. جاء ذلك بينما تجري الاستعدادات للاحتفال بالتوقيع النهائي على الاتفاق الدستوري، فيما دعا الزعيم السياسي الصادق المهدي إلى وضع «ميثاق شرف أخلاقي» يؤسس لشراكة بين العسكريين والمدنيين.
وقال البرهان، في خطاب بمناسبة عيد الأضحى، بثّته الوكالة الرسمية «سونا» أمس، إن البلاد تواجه تحديات كثيرة، على رأسها الأوضاع الاقتصادية، ما يستدعى حماية الوثيقة الدستورية التي تم التوافق عليها في 4 أغسطس (آب) الحالي، باعتبارها أساساً لحكم مدني يكفل المواطنة والحرية والعدالة. وأوضح البرهان أن السودان بحاجة لما أسماه «التماسك والتعاون، لمواجهة التحديات، وللتغلب على الأسباب التي أدت إلى إقعاده»، وتابع: «لا مكان لمروجي خطابات الفتن والتطرف بعد الآن».
وينتظر أن يتم توقيع الاتفاقين السياسي والدستوري، اللذين يحكمان المرحلة الانتقالية، في 17 من الشهر الحالي، ثم يتبعهما في اليوم التالي إعلان حلّ المجلس العسكري واستبداله بمجلس السيادة، المكوّن من 11 عضواً، 5 عسكريين و5 مدنيين تختارهم «قوى الحرية والتغيير»، وشخصية مدنية بتوافق الطرفين. كما اتفق الطرفان على أن تختار «قوى الحرية والتغيير» رئيس الوزراء، والذي بدوره سيختار وزراءه من الشخصيات التي ترشحها له «الحرية والتغيير»، فيما ينتظر أن يتم تشكيل مجلس تشريعي من 300 عضو، حصة «الحرية والتغيير» منها 67 في المائة.
من جهته، اقترح رئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، الذي كان آخر رئيس وزراء منتخب في السودان، التوافق على «ميثاق شرف أخلاقي» بين أطراف الاتفاق السوداني، يؤسس لشراكة بين المجلس العسكري الانتقالي و«قوى الحرية والتغيير». ووصف المهدي «الوثيقة الدستورية» بأنها خطوة إلى الأمام، والفترة الانتقالية بأنها «شراكة» حقيقية بين «قوى الحرية والتغيير» والمجلس العسكري الانتقالي، وذلك أثناء خطبة عيد الأضحى التي درج على تقديمها لأنصاره ومؤيديه سنوياً.
ولمّح المهدي إلى استهداف حزبه من قوى سياسية داخل «الحرية والتغيير» بأقوال وتصريحات، وقال إن حزبه صبر عليها أثناء الحراك الثوري، بيد أن المهدي عمل على احتوائها على الرغم من «سوئها». وأضاف المهدي: «صبرنا على تصريحات فردية وحزبية من بعض (قوى التغيير)، وعملنا على احتواء آثارها»، وتابع: «(الحرية والتغيير) جزء من مسؤولية الدولة، وعليها التخلي عن أي تصريحات فردية أو حزبية، حول تكوينات الدولة المدنية». وأشار إلى دور المجلس القيادي المرتقب لـ«قوى إعلان الحرية والتغيير» ووصفه بأنه «صاحب القرار في التكوينات كافة»، بما في ذلك مجلس السيادة ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي، وغيرها من الهياكل التي أقرّها الاتفاق، الذي وصفه المهدي بأنه بـ«التاريخي»، قائلاً: «أي تصريحات أو ترشيحات خارج نطاق المجلس القيادي تعتبر باطلة وجالبة للبلبلة والفوضى».
وشدّد المهدي على أهمية تفكيك نظام الإسلاميين، الذي كان حاكماً عبر 30 عاماً، وأيضاً إقامة دولة مدنية بديلة تلتزم بأولوية السلام، وتحقق الإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والتحول الديمقراطي، وتعمل على «تفكيك دولة الحزب لصالح دولة المواطن»، وتحاسب «رموز النظام البائد، على الجرائم والفساد»، وتعمل على «استرداد المال المنهوب، والعدالة الانتقالية».
وناشد المهدي السودانيين المهاجرين الذين فرّوا من بطش واستبداد نظام الإنقاذ، وعلى وجه الخصوص «الأقباط واليهود، وسكان المناطق المهمشة»، العودة إلى البلاد، قائلاً: «في فجر المولد الجديد للوطن، نناشد كل أبنائه الذين هاجروا فراراً من بطش واستبداد، أذاق شعبنا الأمرين، بالعودة، خاصة أهلنا الأقباط واليهود ومن المناطق المهمشة. فالسودان الآن يسع الجميع»، ودعا الكفاءات والخبرات المهاجرة للمشاركة في مرحلة بناء السودان. واقترح الزعيم السياسي والديني العمل على بناء ما أسماه «سودان أخضر» وغرس تريليون شجرة، بقوله: «أوجه نداءً لشبابنا، بنين وبنات، أن يقدموا للبلاد هدية بالتخطيط لغرس تريليون شجرة في السودان لتخضيره، فقوموا بتعبئة طوعية لنظافة المدن، ونحن على اتصال بجهات مستعدة لدعم مشروع السودان الأخضر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».