المعارضة الروسية بلا قيادة تعاود النزول إلى الشارع في موسكو

حالة من الذعر تصيب سكاناً يعيشون قرب قاعدة عسكرية خوفاً من تسريبات إشعاعية

لوبوف سوبول السياسية الروسية المعارضة وحليفة أليكسي نافالني المنتقد للكرملين اعتقلت قبيل احتجاج موسكو الذي شارك فيه عشرات الآلاف (رويترز)
لوبوف سوبول السياسية الروسية المعارضة وحليفة أليكسي نافالني المنتقد للكرملين اعتقلت قبيل احتجاج موسكو الذي شارك فيه عشرات الآلاف (رويترز)
TT

المعارضة الروسية بلا قيادة تعاود النزول إلى الشارع في موسكو

لوبوف سوبول السياسية الروسية المعارضة وحليفة أليكسي نافالني المنتقد للكرملين اعتقلت قبيل احتجاج موسكو الذي شارك فيه عشرات الآلاف (رويترز)
لوبوف سوبول السياسية الروسية المعارضة وحليفة أليكسي نافالني المنتقد للكرملين اعتقلت قبيل احتجاج موسكو الذي شارك فيه عشرات الآلاف (رويترز)

سمحت سلطات الأمن الروسية بتنظيم احتجاج أمس السبت، خلافا لما حدث الأسبوع الماضي، إذ لم يتم التصريح بتنظيمه مما دفع الشرطة لاحتجاز ما يربو على ألف شخص في إطار حملات كبرى تنفذها المعارضة منذ سنوات. واحتشد الآلاف في موسكو للمطالبة بانتخابات حرة رغم حملة من الشرطة ورفض السلطات الاستجابة لمطالب المحتجين. وهذا هو الأسبوع الرابع على التوالي الذي يحتشد فيه المحتجون بأعداد ضخمة في شوارع العاصمة للسماح لمرشحي المعارضة بخوض انتخابات محلية مقررة في سبتمبر (أيلول)، بحسب ما أفادت منظمة غير حكومية متخصصة في تعداد المتظاهرين. وقالت منظمة «العداد الأبيض» على صفحتها على «فيسبوك» إن عدد المتظاهرين «بلغ 40 ألفا عند الساعة الثالثة بعد الظهر»، ما يجعل من هذه المظاهرة نصرا للمعارضة التي بات كل زعمائها تقريبا في السجن. وقالت لوبوف سوبول، السياسية الروسية المعارضة وحليفة أليكسي نافالني المنتقد للكرملين أمس السبت على وسائل التواصل الاجتماعي إن الشرطة اعتقلتها قبيل احتجاج في موسكو. وأظهر مقطع مصور على حساب سوبول على «تويتر» قوات الشرطة وهي تدخل مكتبها. ونددت الجمعة خلال مؤتمر صحافي بـ«الترهيب والقمع السياسي» داعية السلطات إلى «وضع حد فورا لهجوم الدولة هذا على المجتمع».
واشترطت السلطات أن يبقى الاحتجاج محصورا في جادة ساخاروف القريبة من وسط العاصمة الروسية حيث تجمع أكثر من عشرين ألف شخص في 20 يوليو (تموز) خلال آخر مظاهرة سمحت بها السلطات. وجرى بعد ذلك تجمعان محظوران شهدا تشديدا في قمع الاحتجاجات مع اعتقال 1400 وألف متظاهر على التوالي. ويسمح الإذن الصادر عن بلدية موسكو بتفادي اعتقالات جماعية كما حصل في الأسابيع الأخيرة، لكن أليكسي نافالني دعا إلى مسيرة في المدينة بعد التجمع، فيما حذرت الشرطة بأنه سيتم «وقفها فورا».
وشمل قمع الحركة الاحتجاجية كذلك عمليات دهم كثيرة استهدفت معارضين أو مجرد متظاهرين، وفتح تحقيق بحق منظمة زعيم المعارضة أليكسي نافالني بتهمة «تبييض أموال» وصدور أحكام بالسجن لفترات قصيرة طالت جميع حلفائه السياسيين تقريبا.
وإن كانت السلطات حرمت المعارضة من قادتها، فإن الكثير من الشخصيات البعيدين أحيانا عن السياسة أعلنوا عزمهم على التظاهر، وبينهم أحد رواد يوتيوب يوري دود الذي تتخطى أحيانا مقاطع الفيديو التي ينشرها عشرين مليون مشاهدة، وأحد أشهر موسيقيي الراب في روسيا أوكسيمورون الذي سيشارك في «أول مظاهرة» له.
وانطلقت الحركة الاحتجاجية بعد رفض ترشيحات ستين مستقلا للانتخابات المحلية بذرائع واهية، في وقت يبدو المرشحون المؤيدون للسلطة في موقع صعب في ظل الاستياء من الأوضاع الاجتماعية. ويتأكد يوما بعد يوم الخط المتشدد الذي تنتهجه السلطة في مواجهة حركة الاحتجاجات غير المتوقعة وغير المسبوقة منذ عودة فلاديمير بوتين إلى الكرملين عام 2012 وتتزايد الإدانات بتهمة إثارة «اضطرابات» وأودع 12 شخصا السجن في هذا السياق ويواجهون عقوبة بالسجن لفترة تصل إلى 15 عاما. واستهدف القضاء «صندوق مكافحة الفساد» الذي أسسه نافالني فجمد حسابات المنظمة التي تنشر مقاطع فيديو تفضح فساد النخب الروسية، جامعة عشرات ملايين المشاهدات على يوتيوب. وعلق نافالني الذي يقضي عقوبة بالسجن ثلاثين يوما تنتهي في نهاية أغسطس (آب) فكتب على مدونته الإلكترونية «إنها حتى الآن المحاولة الأكثر عدائية لإسكاتنا».
وفي سياق متصل أعلنت وكالة روساتوم الروسية النووية السبت أن خمسة من موظفيها قد قتلوا في الانفجار الذي وقع في قاعدة إطلاق صواريخ في الشمال الروسي، بعد أن كانت الحصيلة الأولى أشارت إلى وقوع قتيلين. وأوضحت روستام في بيان أن الحادث الذي وقع الخميس في منطقة أرخانغيلسك، أسفر من جهة أخرى عن إصابة ثلاثة آخرين من أفراد طاقمها بجروح ناجمة عن تعرضهم للحروق. ولم يقدم الجيش وصفا عن الحادث باعتباره يتضمن وقودا نوويا. ولم تنشر السلطات سوى القليل من التفاصيل عن الحادث في قاعدة بنيونوكسا التي افتتحت في 1954 والمتخصصة في اختبار الصواريخ للأسطول الروسي. وتجرى فيها خصوصا تجارب حول الصواريخ الباليستية. وكان الجيش الروسي أكد الخميس أنه «لم يحصل تلوث إشعاعي»، وهذا ما أعلنه أيضا لوكالة الصحافة الفرنسية متحدث باسم حاكم منطقة أرخانغيلسك. إلا أن بلدية مدينة سيفيرودفينسك التي يبلغ عدد سكانها 190 ألف نسمة وتبعد نحو 30 كلم عن القاعدة، أكدت على موقعها في الإنترنت، في منشور سحبته لاحقا، أن أجهزتها للاستشعار «سجلت ارتفاعا طفيفا للنشاط الإشعاعي»، ثم عاد إلى وضعه الطبيعي. ولم تحدد البلدية المستوى الذي بلغه النشاط الإشعاعي. وقالت وكالة حماية المستهلك الروسية، كما نقلت عنها وكالة تاس للأنباء: «لم يحصل مستوى من التلوث يمثل مخاطر على الصحة العامة». ونشرت وسائل الإعلام الروسية شريط فيديو لم تحدد مصدره يؤكد أنه يعرض مواكب لسيارات الإسعاف التي تعبر موسكو متوجهة إلى مركز متخصص في علاج ضحايا الإشعاع. وذكرت وكالة روستام أن المصابين يعالجون في «مركز طبي متخصص». وبعد الإعلان عن الحادث، هرع سكان سيفيرودفينسك الخميس إلى الصيدليات لشراء اليود، الذي يحمي الغدة الدرقية إذا ما وقع حادث نووي. وقالت صاحبة الصيدلية إيلينا فارينسكايا لوكالة الصحافة الفرنسية: «بدأ الناس يشعرون بالذعر، وفي غضون ساعة بيعت كل أقراص اليود أو الأدوية التي تحتوي على اليود». وقد شهد الاتحاد السوفياتي أسوأ حادث نووي مدني في تشيرنوبيل (أوكرانيا)، حيث أسفر انفجار عن مقتل 30 شخصا في 26 أبريل (نيسان) 1986 وعن مئات الأمراض الأخرى المرتبطة بالحادث. ولا تزال الحصيلة الدقيقة غير معروفة. وحاولت السلطات السوفياتية في البداية تغطية الكارثة والتقليل من أهميتها.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».