«الرابطة» اليميني المتطرف مصمم على إسقاط الائتلاف الحالي طمعاً في التفرد بالسلطة

الرئيس قد يختار تشكيلة أكثر تجانساً بين «النجوم» والحزب الديمقراطي

يواصل سالفيني مهرجانه الانتخابي الجوال على شواطئ العطلة الصيفية ويقول ما لم يجرؤ على قوله أي سياسي إيطالي منذ تأسيس الجمهورية الإيطالية عام 1946 على أنقاض نظام موسوليني الفاشي (أ.ف.ب)
يواصل سالفيني مهرجانه الانتخابي الجوال على شواطئ العطلة الصيفية ويقول ما لم يجرؤ على قوله أي سياسي إيطالي منذ تأسيس الجمهورية الإيطالية عام 1946 على أنقاض نظام موسوليني الفاشي (أ.ف.ب)
TT

«الرابطة» اليميني المتطرف مصمم على إسقاط الائتلاف الحالي طمعاً في التفرد بالسلطة

يواصل سالفيني مهرجانه الانتخابي الجوال على شواطئ العطلة الصيفية ويقول ما لم يجرؤ على قوله أي سياسي إيطالي منذ تأسيس الجمهورية الإيطالية عام 1946 على أنقاض نظام موسوليني الفاشي (أ.ف.ب)
يواصل سالفيني مهرجانه الانتخابي الجوال على شواطئ العطلة الصيفية ويقول ما لم يجرؤ على قوله أي سياسي إيطالي منذ تأسيس الجمهورية الإيطالية عام 1946 على أنقاض نظام موسوليني الفاشي (أ.ف.ب)

يبدو المشهد السياسي الإيطالي منذ فترة أقرب ما يكون إلى الملهاة، لكنك لن تقع على أحد يبتسم في مراكز القرار أو الدوائر الاقتصادية والأروقة الحزبية، ولا في شوارع المدينة الخالدة التي هجرها معظم أهلها، كعادتهم في هذه الفترة من القيظ الشديد كل عام.
حزب الرابطة اليميني المتطرف، الحاكم منذ أكثر من عام في ائتلاف مع حركة النجوم الخمس الشعبوية، يطرح الثقة في رئيس الحكومة، ويطالب بالذهاب مجدداً إلى صناديق الاقتراع، بعد أن فتحت استطلاعات الرأي شهيّته على نصر موعود قد يداني الأغلبية المطلقة.
حركة النجوم الخمس تتهم شريكها في الحكومة بخيانة عقد الائتلاف الذي لا يجمع بين طرفيه سوى شهوة المناصب والسلطة، وكان محكوماً بالسقوط منذ اليوم الأول، وعادت ترى إلى يسارها الحزب الديمقراطي الذي جرّدته من نصف شعبيته في الانتخابات الأخيرة، سعياً إلى تشكيل أغلبية حاكمة جديدة تنقذها من ورطة الانتخابات المبكرة التي يرجح أن تكون ضحيتها الكبرى. أما الحزب الديمقراطي الذي ما زال يتعثر في انقساماته الداخلية الأبدية، فهو يضمر غير ما يُظهِر عندما يطالب بالذهاب إلى صناديق الاقتراع، ويصرّ على عدم مناقشة طلب سحب الثقة من رئيس الوزراء في مجلس الشيوخ، قبل النظر في طلب سحب الثقة الفردية من وزير الداخلية ماتيو سالفيني الذي تقدّم به مطلع الأسبوع الفائت.
أما سيلفيو برلسكوني الذي هيمن تسعة عشر عاماً على المشهد السياسي الإيطالي، فهو يراقب عاجزاً احتضار حزبه «فورتسا إيطاليا» الذي منذ سنوات تتضاءل شعبيته عند كل موعد انتخابي أمام زحف الرابطة، بقيادة سالفيني، ويكرر دعوته لهذا الأخير من أجل إقامة تحالف يميني لم يعد وارداً في حسابات وزير الداخلية الذي أصبح قاب قوسين من السيطرة منفرداً على الساحة اليمينية. رئيس الوزراء جيوزيبي كونتي الذي جاءت به حركة النجوم الخمس من خارجها ليدير الائتلاف الحاكم، وكان دوره حتى الآن أقرب إلى المنطقة العازلة والوسيط بين الشريكين الخصمين في الحكومة، فقد خرج عن رصانته المعهودة، ووجّه انتقادات شديدة إلى سالفيني، متهماً إياه بالمجازفة بمنجزات الحكومة واستقرار البلاد طمعاً بمكاسب شخصية، فيما تشير أوساط إلى أن يكون كونتي مرشح الحركة لمنصب رئاسة الحكومة في الانتخابات المقبلة.
الشيء الوحيد الأكيد حتى الآن في هذه الأزمة التي يدور الحديث عنها منذ تشكيل الحكومة في يونيو (حزيران) من العام الماضي، هو أن أحداً لا يعرف بعد كيف ستنتهي، في انتظار نتائج التجارب التي بدأت منذ أمس في المختبر السياسي الإيطالي الذي بينت الأزمات السابقة أنه قادر على اجتراح المعجزات في بلد العجائب السياسية.
كل الدلائل تشير إلى أن سالفيني قد خسر المعركة الأولى في هذه الأزمة التي فجرها عندما رفض رئيس الحكومة التجاوب مع طلبه تقديم الاستقالة، ودعاه للمثول أمام البرلمان كي يشرح الأسباب التي دفعته إلى افتعالها. موقف كونتي قطع الطريق، مؤقتاً، أمام حل البرلمان، والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، ووضع كل الأوراق في يد رئيس الجمهورية سرجيو ماتاريلا الذي لا يشك أحد في أنه سيبذل ما بوسعه لتحاشي الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، يرجح أن يخرج منها سالفيني بنصر يمكنه من تشكيل حكومة بمفرده.
لكن مهمة ماتاريلا بدأت بأقصى التعقيدات الممكنة، في ضوء التصريحات الأولى التي صدرت عن حركة النجوم الخمس والحزب الديمقراطي برفض تشكيل حكومة تكنوقراطية مؤقتة يرجح أنها المخرج المفضل عند رئيس الجمهورية من أجل إبعاد الاستحقاق الانتخابي حتى العام المقبل، بعد إنجاز قانون الموازنة العامة، واستيفاء شروط المفوضية الأوروبية. وكان سالفيني قد حذر من جهته من أنه يعارض بشدة هذا الخيار، وتوعّد - كعادته - بمعارضته في الشارع.
الخيار الآخر أمام رئيس الجمهورية هو المشاورات مع الأحزاب البرلمانية للنظر في إمكانية تجميع أغلبية جديدة، وتكليف شخصية متوافق عليها لتشكيل الحكومة. حركة النجوم الخمس والحزب الديمقراطي لم يبديا تحمساً لهذا الخيار، لكنهما لم يعترضا عليه بشكل صريح، مما يشير إلى أن ثمة مساعياً تجري في هذا الاتجاه الذي كان ماتاريلا يميل إليه بعد الانتخابات الماضية، لكنه اضطر للتخلي عنه أمام رفض الطرفين القاطع له. هذا الخيار هو الذي يشكل الكابوس الأكبر بالنسبة لسالفيني، والذي منعه حتى الآن من الإقدام على خطوة تفجير الأزمة الحكومية لقطف ثمار الارتفاع الكبير في شعبيته. وقد حذر زعيم الرابطة من أن «حكومة ائتلافية بين حركة النجوم الخمس والحزب الديمقراطي ستكون مهزأة بالطليان، وغير مقبولة ديمقراطياً»، لكنه لم يشرح لماذا لا ينطبق هذا التوصيف على الائتلاف الحالي بين الحركة والرابطة.
خيار الائتلاف بين النجوم الخمس والحزب الديمقراطي يبدو الأكثر تجانساً على الصعيد السياسي، وقد يلقى تجاوباً من الحركة التي تخشى الذهاب إلى صناديق الاقتراع بعد الانتكاسات المتلاحقة التي أصيبت بها في الانتخابات المحلية والأوروبية، لكنه خيار محفوف بمخاطر كبيرة بالنسبة للحزب الديمقراطي الذي بدأ يستعيد شعبيته بعد انتخابات البرلمان الأوروبي، فهو ما زال يعاني من انقسامات داخلية حادة كانت من أسبابها الرئيسية إمكانية التحالف الحكومي مع الحركة، فضلاً عن أن فوز هذه الأخيرة في الانتخابات كان على حساب الحزب الديمقراطي الذي خسر نصف شعبيته.
وفي غضون ذلك، يواصل سالفيني مهرجانه الانتخابي الجوال على شواطئ العطلة الصيفية والمنتجعات السياحية، يغني ويرقص بين أنصاره على وقع أنغام النشيد الوطني، ويقول ما لم يجرؤ على قوله أي سياسي إيطالي منذ تأسيس الجمهورية الإيطالية عام 1946 على أنقاض نظام موسوليني الفاشي: «أدعو الإيطاليين إلى إعطائي صلاحيات مطلقة في الانتخابات المقبلة»، فيما تشير بعض التسريبات إلى أن زعيم الرابطة، بعد أن استنفد ملف الهجرة، سيضع العملة الأوروبية الموحدة في مرمى حملته الانتخابية المقبلة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».