الاقتصاد السوداني يحتاج لتدخلات عاجلة غداة التوافق السياسي

الغلاء والتضخم والسيولة وسعر الصرف تحديات ماثلة أمام الحكومة الانتقالية

الاقتصاد السوداني يحتاج لتدخلات عاجلة غداة التوافق السياسي
TT

الاقتصاد السوداني يحتاج لتدخلات عاجلة غداة التوافق السياسي

الاقتصاد السوداني يحتاج لتدخلات عاجلة غداة التوافق السياسي

دعا خبراء اقتصاديون الحكومة الانتقالية إلى بذل الجهود لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، للاستفادة من مبادرة «هيبك» لإعفاء ديوان السودان، التي تجاوزت 58 مليار دولار، وتغيير طريقة إدارة البلاد للاستفادة من مقدراتها، وإصلاح قطاعات الصحة والتعليم والمواصلات، وتشجيع الإنتاج في المرحلة المقبلة، ووضع خطة إسعافية تهتم بالاحتياجات اليومية للمواطنين، وتزيل عنهم الغبن.
وقال الخبير المصرفي طه حسين، إن الحكومة الانتقالية ستواجه بتحديات كبيرة، ما لم تعمل على حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، التي تحرم البلاد من تعاون مؤسسات التمويل الدولية، ومن الحصول على قروض ومنح جديدة تعيد توازن الاقتصاد.
وطالب الخبير الاقتصادي، الفاتح عثمان، الحكومة الانتقالية بحلّ مؤسسات الجبايات، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن واحدة من أسوأ الإدارات «هي تلك المؤسسات التي ظلت تعمل على مطاردة المنتجين بفرض رسوم وجبايات على الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي». وأضاف: «تحولت بعض المؤسسات الإرشادية إلى مؤسسات تحصل الرسوم والجبايات، منها هيئة المواصفات والمقاييس والشرطة»، وتابع: «أدت هذه السياسة إلى ضعف الإنتاج، وهروب المنتجين والمستثمرين خارج السودان».
ويتوقع السودانيون من الحكومة الانتقالية إحداث تغيرات جذرية في أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، وينتظرون تشكيلها بفارغ الصبر، لمواجهة أكثر القضايا حساسية، التي تهم غالبية الشعب، والممثلة في تحسين الوضع المعيشي وإعادة تصحيح مسار الاقتصاد.
وتقدم خبراء اقتصاديون ومصرفيون بمقترحات لبرنامج «المائة يوم الأولى»، تتضمن طرح عملات جديدة كلياً، وإعادة الكتلة النقدية إلى الجهاز المصرفي، وأن يسبق ذلك ابتكار منتجات مصرفية استثمارية لإيجاد بديل إدخاري يحفظ رؤوس الأموال من التآكل، عوضاً عن المضاربة بالدولار، وتفعيل الإجراءات الأمنية لمواجهة سوق العملة الموازية، والاستفادة من المبالغ التي تتم استعادتها من رموز النظام السابق، والودائع الخليجية، والإعفاء من الرسوم والضرائب السنوية لأي منتج.
ورهن الخبراء تحسن الأوضاع بمكافحة الفساد وتحسين مناخ الأعمال، وانتهاج سياسات صحيحة، وإحكام الطرق الرسمية وإغلاق المنافذ أمام التهريب، وقالوا إن «المرحلة المقبلة تتطلب العمل بإدارة شفافة وواعية ونظيفة».
وبحسب التقرير نصف السنوي لبنك السودان المركزي لهذا العام، بلغ حجم عرض النقود 571 مليار جنيه سوداني (نحو 12.6 مليار دولار)، بنسبة زيادة بلغت 38 في المائة مقارنة بالعام الماضي، والذي بلغ 473 مليار جنيه (10.5 مليار دولار)، بزيادة بلغت 141 مليار جنيه (نحو 3.1 مليار دولار).
وأشار التقرير إلى أن النقود المتداولة خارج الجهاز المصرفي، تقدر بنحو 200 مليار جنيه سوداني (4.43 مليار دولار)، وتمثل ما نسبته 35 في المائة من حجم النقود المعروضة للتداول. وأوضح التقرير أن 98 في المائة من حجم السيولة (النقد) أصبح خارج النظام المصرفي، وأن إجمالي عرض النقود داخل القطاع المصرفي بلغ 65 في المائة مقارنة بالعام الماضي، ولدي الجمهور 112 مليار جنيه (2.48 مليار دولار) العام الماضي، ارتفعت إلى 200 مليار جنيه هذا العام.
وكشف التقرير أن تحويلات السودانيين العاملين بالخارج للعام 2018 لم تتجاوز 271 مليون دولار عبر النظام المصرفي، فيما تتراوح تحويلات السودانيين العاملين بالخارج بين 6 إلى 7 مليارات دولار، يجري تداولها خارج النظام المصرفي.
وقال الخبير المصرفي طه حسين لـ«الشرق الأوسط» إن عدم انسياب التحويلات بشكل مباشر، زاد كلفة السلع المستوردة، ما رفع عجز الموازنة إلى 4.5 مليار دولار.
ومنذ 4 أشهر يعاني السودان أوضاعاً اقتصادية سيئة، عقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير، وشهدت البلاد أزمة اقتصادية مستفحلة منذ أكثر من عامين، تدهورت خلالها أسعار العملة الوطنية، وسيطرت السوق الموازية على النشاط الاقتصادي، وأدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وإلى أزمات متلاحقة في الخدمات من وقود وخبز وسيولة ومواصلات.
وخلال فترة التفاوض بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، شهد الوضع الاقتصادي اضطرابات كبيرة، عمت شتى مجالاته، نتيجة للخلافات السياسية، ويأمل الاقتصاديون أن يفضي الاتفاق وتوقيع «الوثيقة الدستورية» إلى استقرار اقتصادي ينهي أزمات البلاد.
وحذّر الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان، من تأخير تشكيل الحكومة الانتقالية، بقوله إن أي تأخير يزيد تردد المانحين، وأكد أن الفرصة حالياً متاحة لتحسين العلاقات الخارجية، والبحث مع المانحين عن موارد لتمويل احتياجات الحكومة.
وقال عثمان إن الأزمة الحقيقية تتمثل في أن السودان أصبح «يستهلك أكثر مما ينتج»، وذلك لأن الحكومة المعزولة كانت تساند الاستهلاك والاستيراد على حساب الإنتاج، وتابع: «نريد تغيراً حقيقياً في وضع خطط تخرج السودان من كونه دولة مستهلكة إلى منتجة، وبغير ذلك لن يكون هنالك جديد»، وأضاف: «لا بد من النظر إلى موضوع تكوين حكومة رشيقة في المستويات كافة، تراعي الإنفاق، وتتجه نحو الإنتاج وتقديم الخدمات الأساسية بدلاً عن الإنفاق على نفسها».
وقطع عثمان بأن الاقتصاد السوداني لن يستطيع النهوض وحده في هذه المرحلة «دون دعم خارجي، وتجب الاستفادة من الدعم الخليجي في التنمية»، وتابع: «أوضاع السودان الاقتصادية الهشة لا تحتمل مواقف راديكالية تجاه السياسة الخارجية»، واستطرد: «على الحكومة ترتيب أوضاعها بشكل جيد، ووضع خريطة عمل واضحة تراعي أوضاع السودان الصعبة، ودعا إلى التنسيق مع الدول العربية لإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإعادة فتح ملف الديون الخارجية». وشدّد على أهمية اتّباع سياسات «المدى القصير»، التي تهدف إلى تحقيق استقرار في سعر صرف الجنيه السوداني، وخفض معدلات التضخم، وتحسين مستوى المعيشة، وسياسات المدى الطويل التي تتمثل في زيادة الإنتاج والصادرات، وتقليل الواردات، لخفض العجز في الميزان التجاري، ووضع قيمة مضافة للمنتجات المصدرة بتصنيعها قبل تصديرها.



تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.