وساطة لبنانية تنجح في إقناع دمشق بالإفراج عن مواطن كندي

المهمة الثانية لمدير الأمن العام بعد إطلاق سراح مواطن أميركي

اللواء عباس إبراهيم مع باكستر وسفيرة كندا في بيروت (الوكالة الوطنية)
اللواء عباس إبراهيم مع باكستر وسفيرة كندا في بيروت (الوكالة الوطنية)
TT

وساطة لبنانية تنجح في إقناع دمشق بالإفراج عن مواطن كندي

اللواء عباس إبراهيم مع باكستر وسفيرة كندا في بيروت (الوكالة الوطنية)
اللواء عباس إبراهيم مع باكستر وسفيرة كندا في بيروت (الوكالة الوطنية)

نجحت وساطة المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم أمس مع دمشق في إفراج السلطات السورية عن المواطن الكندي كريستيان لي باكستر الذي كان محتجزاً لديها منذ نهاية العام الماضي، في ثاني وساطة من نوعها خلال أقل من شهر، إذ نجحت الأولى التي قام بها إبراهيم في إطلاق سراح مواطن أميركي كان موقوفاً لدى السلطات السورية.
ويتحدّر باكستر (44 عاماً)، من مقاطعة كولومبيا على ساحل المحيط الهادي. وأفاد الإعلام الكندي في وقت سابق بأنه سائح فُقد أثره منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2018، بعد وصوله إلى قرية سورية يتحدر منها شقيق زوجته وتحاذي الحدود اللبنانية.
وقال باكستر في كلمة مقتضبة خلال مؤتمر صحافي عقد في مقر الأمن العام اللبناني في بيروت: «اعتقدت أنني سأبقى هناك إلى الأبد». وأضاف: «بصراحة لم أكن أعرف ما إذا كان أي شخص يعلم أنني على قيد الحياة»، وتوجه بالشكر لسفارة بلاده وللجهود اللبنانية من أجل إطلاق سراحه.
وقال اللواء إبراهيم خلال المؤتمر الصحافي إن باكستر كان «محتجزاً منذ العام الماضي في سوريا لأسباب لها علاقة بمخالفة القوانين السورية»، علما بأنه انطلق بوساطته بطلب رسمي من السلطات الكندية. وقال إبراهيم: «أعتقد أن الجهد الذي قمنا به قصّر مدة احتجازه وهو في طريقه للعودة إلى كندا». ولفت إلى أن «اللقاء هو تتويج لجهود تمت متابعتها مع الدولة السورية أدت إلى هذه النتيجة الإيجابية واللقاء الإعلامي كي لا يبقى كل ما ننجزه سرا كالعادة». وتوجه بالشكر إلى «الدولة السورية التي تجاوبت مع مطلبنا بإطلاق المواطن الكندي كريستيان لي باكستر، كما نشكرها لتجاوبها خلال فترة الأسبوعين الماضيين في إطلاق مواطن أميركي أيضا». وقال إبراهيم: «بعيدا عن أي حسابات، هذا النجاح يصب في مصلحة لبنان لأنه يعيده إلى خريطة العالم بالمسعى الإنساني وحل القضايا».
والعلاقات الدبلوماسية بين كندا وسوريا مقطوعة منذ 2011. وتنصح أوتاوا مواطنيها بتجنب السفر إلى سوريا بسبب النزاع المستمر في هذا البلد. وقالت الخارجية الكندية في بيان في 5 يناير (كانون الثاني) الماضي إن «الوضع الأمني في كل مناطق سوريا يحد بشكل كبير من قدرة الحكومة الكندية على تقديم مساعدة قنصلية».
وقالت السفيرة الكندية لدى لبنان إيمانويال لامورو للصحافيين: «بسبب قوانين الخصوصية في كندا، لا أستطيع التعليق على تفاصيل القضية». وتقدمت بالشكر للواء إبراهيم، وأعربت عن سرورها بعودة المواطن الكندي إلى حضن عائلته.
واضطلع إبراهيم الشهر الماضي بوساطة مماثلة، أثمرت إطلاق السلطات السورية سراح السائح الأميركي سام غودوين (30 عاماً) بعد شهرين من احتجازه في سوريا. وقالت عائلته في 27 يوليو (تموز) الماضي إن ذلك تمّ بوساطة تولاها إبراهيم.
ولا يزال مصير كثير من الأجانب المخطوفين أو المفقودين أو المعتقلين في سوريا مجهولاً، بينهم الصحافي الأميركي أوستن تايس الذي اختفى في 14 أغسطس (آب) 2012 قرب دمشق، وأعلنت السلطات الفيدرالية الأميركية مكافأة قدرها مليون دولار مقابل معلومات من شأنها السماح بتعقب أثره.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.