بعد توقف 7 سنوات عن التأليف في مجال الشعر، أصدر الشاعر القطري محمد السادة ديوانه «كثبان وأمواج» في عام 2012. بعد ديوان «على رمل الخليج»، الذي صدر عام 2005.
وللسادة، تجربة مع كتابة المسلسلات الإذاعية، منها «شاعرات عربيات»، «شخصيات حية من التاريخ»، «العلماء العرب» وفي مجال المسرح كتب «مذكرات غرفة»، وللأطفال كتب «أرض الفراشات» بالإضافة إلى «ملك الغابة» و«مرجانة».
وكانت للشاعر مشاركة في مهرجان الشعر الخليجي الذي أقيم مؤخرا في مدينة الطائف السعودية، حيث التقيناه وكان الحوار التالي:
* أول ديوان لك حمل عنوان: «على رمل الخليج».. ماذا تمثل لك هذه التجربة؟
- «على رمل الخليج».. هو عنوان أول ديوان شعري أُصدره وقد طبع في عام 2005، ولكن أستطيع أن أقول: إن تجربتي الشخصية الشعرية، استمدت بذرة نبتتها من بيئة نشأتي، فمنذ صغري قرضت الشعر وأنا في سن مبكرة، إلى أن نضجت تجربتي مع مرور الزمن والعمر وتطور الحياة من حولي، خاصة خلال سنوات دراستي الأكاديمية، والاحتكاك مع الآخرين، ومع ذلك أقول: إنني لا زلت أبحث عن التطور.
* في ديوانك الشعري «كثبان وأمواج».. اكتنزت قصائدك بمفردات الطبيعة من بحر وموج ونخيل..
- ديوان «كثبان وأمواج»، جاء بعد توقف 7 سنوات عن التأليف في مجال الشعر، حيث صدر في عام 2012، وفي هذا الديوان تنوعت الموضوعات ومناسبات القصائد وعالجت خلاله المناسبات الوطنية والاجتماعية والوصف والرثاء والغزل والقصائد الدينية.
وبالنسبة للتأثر بالطبيعة فأنا أعد أن البيئة التي أعيش فيها أثرت كثيرا على قصائدي، فقد عشقت عناق الرمل والبحر، حيث الكثبان الرملية التي تغوص رمالها في البحر، كما أنك تجد في كثير من القصائد أبياتا بها مرادفات تشير إلى البحر والرمل وأشعة الشمس، التي تلون حبات الرمل وسعف النخيل. وفي قصيدة «هبوب الصبا» من هذا الديوان، نجد أبياتا تزخر بمكونات تلك البيئة:
نُجومٌ وليلٌ والرمالُ وخيمة..
نارٌ تشُبّ القلبَ شَوقا بِسافِعِ..
بَدرٌ سميرٌ كالكَحِيلِ بِحُسنِهِ..
عيدٌ وللأَصداءِ ليسَ بسامِعِ..
جرّ أنينَ الشّوقِ قوسُ ربابَة..
ترقُصُ أطيافُ الرّؤى بالمضاجِعِ..
حُزنكَ قَد أنّ الظّلامُ وأشفَقَتْ..
هادُ البَوادِي في لُحُونِ السّواجِعِ..
حتى الصّخورُ الصّمّ لأن عنيدُها..
بَوحِ الهوى من حُرقَة بالمَدامِعِ..
* كشاعر يعيش على ضفاف البحر، ماذا يعني لك البحر..؟
- للبحر حكايات كثيرة عاشها الآباء والأجداد، الذين كانوا يرتادونه، بحثا عن اللؤلؤ في مواسم الغوص، وقد كانت فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي هي فترة احتكاكي بمن عاشوا تلك المواسم حيث إن مواسم الغوص انتهت في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات، حيث جسدت لي قصص كبار السن الكثير من جوانب حياتهم وشقائهم في البحث عن لقمة العيش، كذلك طرق معيشتهم الاجتماعية ومعتقداتهم وتراثهم وأوجه الحياة التي يعيشونها وارتيادهم للبحر في مواسم.. كل ذلك أثر في نفسي ومنحني الشغف في تصوير تلك الحياة بالكلمة الشعرية، وتجد في قصيدة «قطر» وهي الأولى في ديوان «كثبان وأمواج»، تصويرا لتلك الحياة ومنها:
تَسَاءَلَ النّجْمُ مَنْ تَهْواهُ يا قَمَرُ
أَجَابَهُ البَدْرُ فِي إِشْراقِهِ.. قَطَرُ
هِي النّمِيرُ إِذا الرّكْبانُ قَدْ ظَمِئَتْ
منازِلُ الأَهلِ إِنْ غابوا وَإِنْ حَضَرُوا
فِي كُلّ رَسمٍ بِها الآثارُ ناطِقَة
عَنِ الجُدُودِ ويَحلُو عَنهُمُ الخَبَرُ
عَنِ الصّوارِي بِعرضِ البَحْرِ سامِقَة
عَنِ الشّراعِ تَناءى وهو مُنتَشِرُ
فِي بَحْرِها سِيَرُ الأَمْجادِ قَدْ كُتِبَتْ
فِي عُمقِهِ تَشْهَدُ الأَصْدافُ وَالدّرَرُ
كَمْ جالَ غَواصُهُ قِيعانَ مُظلِمَة
عَنِ اللآلِئِ بَحثا حَفّهُ الخَطَرُ
* أدب الطفل
* لك تجربة في مجال كتابة المسلسلات الإذاعية فضلا عن البرامج.. حدثنا عن هذه التجربة؟
- نعم كانت لي تجربة في كتابة المسلسلات الإذاعية، حيث ألفت مسلسلات منها: «شاعرات عربيات»، «شخصيات حية من التاريخ»، «العلماء العرب» وفي مجال المسرح كتبت: «مذكرات غرفة»، وللأطفال كتبت: «أرض الفراشات»، «ملك الغابة» و«مرجانة»، وهي قصة «علي بابا»، وكان ذلك من واقع عملي بإذاعة قطر، حيث عملت في بداية حياتي بعد تخرجي من الثانوية في «إذاعة قطر» مذيعا، ثم رئيسا للمذيعين وقد كان لتلك الفترة أثر في حياتي من تقديم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وكتابة المسلسلات والمسرحيات والبرامج والتقارير، وكما تعلم ففي تلك الفترة كنا نستخدم الأوراق والأقلام قبل انتشار الكومبيوتر وبرامج الكتابة الإلكترونية والتخزين، إذ كان معظم ما كتبت مكتوبا على الورق ولذلك ضاع معظمه، وإنني أجد نفسي مقصرا في حق ما كتبت، فالكثير منها قد ضاع بمجرد كتابته وبثه.. وهناك بعض النصوص التي ما زالت على الورق تنتظر الالتفات إليها، أما البرامج الإذاعية، فهي كثيرة وقد شاركت الكثير من الزملاء في إذاعات الدول الخليجية والعربية في تقديم البرامج.
* يلاحظ أيضا اهتمامك بأدب الطفل من خلال عدد من المسرحيات أو كتاب «السردية الشفاهية لقصص الأطفال»..
- لقد استهوتني الكتابة للطفل عندما كتبت مسرحية «مرجانة»، وهي قصة «علي بابا»، عالجت فيها أسطورة «علي بابا»، من زاوية مختلفة، فالأسطورة تبين أن «علي بابا»، استولى على أموال اللصوص التي كانت في الكهف أما في مسرحية مرجانة فقد أخذ علي بابا الأموال المسروقة للوالي الذي وزعها على أصحابها وأعطى علي بابا مكافأة وفي ذلك توضيح للأطفال أن السرقة شيء مشين ويزرع في نفوسهم الأمانة والصدق.. وقد فتحت المسرحية لي آفاقا في أدب الطفل فألفت المسرحيات الاستعراضية، مثل: «أرض الفراشات» و«ملك الغابة» وأجزتها من الرقابة إلا أنها ظلت على الورق، أما بالنسبة لشعر الأطفال فقد أصدرت ديوان «أنغام البراعم» ثم ديوان «أناشيد البلابل»، الذي قامت وزارة الثقافة بطباعته، وعالجت في الديوانين، الكثير من الموضوعات بلغة شعرية سهلة للأطفال، منها التعليمي مثل أسماء الشهور العربية وكيف يصل إلينا الماء «حكاية النهر» و«الألوان»، ومنها الإرشادي مثل مخاطر الطريق والعبور ومخاطر الحريق والحذر من الغرق وغيرها.
* من أين تستمد مادتك في كتابتك للطفل؟
- من خلال حكايات الأطفال التي كنت أسردها على أبنائي عندما كانوا صغارا قمت بتأليف «السردية الشفاهية لقصص الأطفال» وبينت في الكتاب أثر السرد الشفاهي للقصص على الأطفال وكيف يؤثر فيهم صوت الراوي ووجوب استغلال ذلك في غرس المفاهيم الإيجابية من خلال معالجة الأساطير المتداولة ومواضيع الجن والخرافات والجنس وكيف يمكن الإشارة إليها بلغة الطفل، وبيان السلوكيات الخاطئة لشخصيات تلك الروايات والأساطير والتنفير منها والسلوكيات الإيجابية الفاضلة وتعزيزها، كما تطرقت إلى الأوقات التي يفضل فيها سرد القصص على الأطفال ومراعاة الأعمار ومستوى الذكاء لديهم واختيار المرادفات التي تصل إلى عقولهم ثم ذكرت بعض القصص والروايات المتداولة في المنطقة وبينت المواضع التي يجب أن يراعي فيها الراوي الألفاظ والمعاني وتطويعها بما يؤثر إيجابيا على الأطفال.
* كيف تنظر إلى واقع أدب الأطفال في الخليج عموما..؟
- بالنسبة لأدب الطفل في قطر ودول الخليج، فإنني أرى أنه يسير ببطء نحو الارتقاء بالكتابة للأطفال، فعالم الطفل عالم واسع الخيال وسبره يتطلب المهارة والمعرفة بذلك العالم الخيالي الواسع وإذا نظرنا إلى المجتمعات الأوروبية والغربية، نرى أنهم قطعوا أشواطا بعيدة في هذا المجال ليس بالشعر والكلمة فقط وإنما بالصوت والصورة المجسمة التي تشبع نهم الأطفال وتثري خيالهم.
* كيف تقيم مهرجان الشعر لدول الخليج العربية الذي شاركت فيه..؟
- مهرجان الشعر لدول الخليج العربية الذي عقد مؤخرا في مدينة الطائف هو تظاهرة أدبية تستحق الوقوف عندها والدعوة إلى تكرارها في دول الخليج حيث إنها متنفس لشعراء الخليج والجزيرة العربية واحتكاك أدبي بين شرق المنطقة وغربها وشمالها وجنوبها وتناغم بين بيئاتِها يرقى بشعرائها إلى العالمية، فلقد كان لمشاركتي أثر كبير في نفسي خاصة أنه أقيم في مدينة الطائف، والتي قلت فيها في قصيدتي التي ألقيتها في افتتاح مهرجان الشعر:
زَها بِكِ الطّودُ وازدانَتْ بِكِ القِمَمُ..
وجادَكِ الغَيثُ قَد فاضَتْ بِهِ الدّيَمُ..
بنتَ الشّمُوخِ زَكَتْ أرضُ الشّفا عَبَقَتْ..
بضَوعِ عِطرِكِ والوديانُ والأُكُمُ..
تَشَرّبَتْ بِهواكِ العَذبِ أَفئِدَة..
فأصبَحَتْ بِلَهِيبِ الشّوقِ تَضطَرِمُ..
لقد مثّل الملتقى تظاهرة ثقافية جمعت بعض شعراء دول مجلس التعاون الخليجي، بجانب أنه أتاح الفرصة للاطلاع على تجارب بعضهم البعض الشعرية ما من شأنه تعزيز التواصل بين الشعراء من جانب والرواد والشباب منهم من جانب آخر.




