واشنطن تتحدث عن «آلية أمنية» مع أنقرة وليس «منطقة آمنة» شرق الفرات

TT

واشنطن تتحدث عن «آلية أمنية» مع أنقرة وليس «منطقة آمنة» شرق الفرات

كشفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن أنها ستنشئ «آلية أمنية» مع تركيا تدخل حيز التنفيذ تدريجياً، لإزالة هواجس أنقرة «المشروعة» من التهديدات قرب حدودها الجنوبية مع سوريا.
وقال المتحدث باسم «البنتاغون» شون روبرتسون، في رد خطّي لـ«وكالة أنباء الأناضول التركية»، حول التفاهمات الأميركية - التركية حول المنطقة الآمنة في سوريا، إنه تم إحراز تقدم مع تركيا، حليفة واشنطن في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، خلال المحادثات العسكرية في العاصمة التركية، أنقرة، لإنشاء آلية أمنية مستدامة تزيل «الهواجس الأمنية المشروعة لتركيا شمال شرقي سوريا». وخلا رد المتحدث الأميركي من أي إشارة إلى «المنطقة الآمنة».
كانت وزارة الدفاع التركية والسفارة الأميركية في أنقرة أعلنتا، الأربعاء الماضي، في بيانين، أنه تم الاتفاق خلال مباحثات عسكرية تركية - أميركية في أنقرة استمرت 3 أيام، على إنشاء مركز عمليات مشترك في أقرب وقت ممكن في تركيا، بهدف إنشاء وتنسيق وإدارة المنطقة الآمنة بشكل مشترك.
واتفق الجانبان على تنفيذ التدابير الأولى بشكل عاجل لإزالة مخاوف تركيا الأمنية على حدودها الجنوبية مع سوريا. وجاء في البيانين أن «المنطقة الآمنة» ستكون «ممر سلام»، وسيتمّ بذل جميع الجهود الممكنة من أجل عودة السوريين إلى بلدهم.وأضاف المتحدث باسم «البنتاغون»: «نخطط لتأسيس مركز العمليات المشتركة بين الولايات المتحدة وتركيا من أجل الاستمرار في التخطيط والتنفيذ». وقال روبرتسون إن «الآلية الأمنية ستدخل حيز التنفيذ تدريجياً، والولايات المتحدة تستعد لاتخاذ بعض الخطوات على الفور، وهي على تواصل مع تركيا حول هذه القضايا».
ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة نجحت من خلال المفاوضات مع أنقرة في تأجيل عملية عسكرية طالما هددت تركيا بتنفيذها ضد وحدات حماية الشعب الكردية الحليفة لها في شمال شرقي سوريا.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده لن تسمح بأي مماطلة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بشأن المنطقة الآمنة شمال شرقي سوريا، مثلما حدث مع اتفاق خريطة الطريق في منبج الموقّع بين بلاده والولايات المتحدة، الذي كان يتعين بموجبه أن يقوم الجانب الأميركي بإخراج عناصر الوحدات الكردية من المدينة الواقعة في غرب نهر الفرات.
وتقول مصادر تركية إن نحو ألف من عناصر الوحدات الكردية لا تزال موجودة في منبج.
في سياق متصل، كشفت مصادر محلية في عفرين عن إصابة عدد من الجنود الأتراك في هجوم للوحدات الكردية على قاعدة «كيمار» التركية في عفرين، وأن 3 مروحيات تركية قامت بنقلهم إلى تركيا للعلاج.
وقالت المصادر إن وحدات حماية الشعب الكردية استهدفت القاعدة التركية الواقعة في ريف عفرين بقذائف عدة، ما أدى إلى وقوع جرحى في صفوف الجنود الأتراك، حيث حلقت على الفور 3 مروحيات في أجواء المنطقة، وهبطت إحداها إلى داخل القاعدة العسكرية لتقل الجنود المصابين إلى المستشفيات التركية، مشيرة إلى أن 3 جنود على الأقل أصيبوا في الهجوم، أحدهم حالته خطيرة.
وتخضع عفرين لسيطرة تركيا وفصائل مسلحة من المعارضة السورية موالية لها بعد أن نفذت فيها عملية باسم «غصن الزيتون» العام الماضي، استهدفت وحدات حماية الشعب الكردية.
من ناحية أخرى، وقعت سلسلة انفجارات منذ الليلة قبل الماضية وحتى فجر أمس (الجمعة) في مستودع للذخيرة والمهمات العسكرية تابع للجيش التركي في بلدة الريحانية التابعة لولاية هطاي التركية الواقعة بالقرب من الحدود السورية.
وشبت حرائق في بعض أجزاء المستودع، وتم إخلاء بعض المنازل في المنطقة القريبة من المستودع، ولم ترد أنباء عن وقوع ضحايا أو مصابين نتيجة الانفجارات.
وتسببت سلسلة الانفجارات في أضرار في ممتلكات المدنيين القريبة، حيث تحطمت النوافذ وتصدعت بعض الجدران في حي مصطفى كمال في الريحانية، وأصابت الشظايا بعض المنازل.
وقال سكان محليون إن الانفجارات استمرت دون توقف حتى الصباح، وإنهم لم يتمكنوا من دخول منازلهم بسبب الانفجارات التي سببت تصدعات في جدرانها.
وكانت سيارة انفجرت، في يوليو (تموز) الماضي، بالقرب من مبنى قائم مقام الريحانية، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، كانوا بداخل السيارة.
وتبعد بلدة الريحانية نحو 8 كيلومترات عن معبر باب الهوى الحدودي مع سوريا. ويقطن في ولاية هطاي، التي تتبعها البلدة، أكثر من 428 ألف لاجئ سوري يمثلون 26.6 في المائة من عدد السكان.



مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً»، ورهنت حدوث انفراجة في الملف بـ«توافر إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

وجدَّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، مساء السبت، تأكيده «محورية حقوقها المائية من مياه النيل»، وقال إن بلاده «ترفض الممارسات الأحادية، من الجانب الإثيوبي، بشأن مشروع (السد)».

وتقيم إثيوبيا مشروع سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي، منذ 2011، ويواجَه مشروع السد باعتراضات من دولتَي المصب مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد».

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن السد الإثيوبي»، وقال إن «بلاده لها تجربة مريرة امتدت إلى 13 عاماً دون التوصل إلى أي نتيجة بشأن (سد النهضة)»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا ليست لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق قانوني».

وعدّ عبد العاطي ملف المياه «قضية وجودية لمصر والسودان»، وقال إن «موقف الدولتين متطابق بشأن السد الإثيوبي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

ورهن عبد العاطي الوصول لاتفاق بين الدول الثلاث بشأن السد بـ«ضرورة توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا؛ من أجل التوصل لاتفاق قانوني». وقال إن «ممارسات أديس أبابا الأحادية بملء بحيرة السد وتشغيله انتهاك لمبادئ القانون الدولي، باعتبار نهر النيل نهراً دولياً مشتركاً عابراً للحدود».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قرب «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب، نهاية عام 2024».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن «الحكومة الإثيوبية لم تلتزم باتفاقيات التعاون المبرَمة بينها وبين مصر والسودان، خصوصاً إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه عام 2015، بين الدول الثلاث»، إلى جانب «مخالفة الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، والتي تقضي بعدم إقامة أي مشروعات مائية، في دول المنابع، دون موافقة دول المصب»، منوهاً بأن «أديس أبابا لم تستشِر القاهرة والخرطوم بخصوص مشروع السد».

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن سد النهضة، تضمَّن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وفي تقدير حجاج، فإن «الجانب الإثيوبي لم يشارك في مسارات التفاوض بشأن السد، بحسن نية». وقال إن «أديس أبابا أفشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية لإبرام اتفاق قانوني بشأن السد»، ودلل على ذلك بـ«عدم التجاوب الإثيوبي مع توصيات مجلس الأمن بضرورة الوصول لاتفاق نهائي بشأن السد».

كان مجلس الأمن قد أصدر بياناً، في سبتمبر (أيلول) 2021، حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزِم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

بدوره، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، أن «القاهرة واجهت صعوبات عدة في مسار مفاوضات سد النهضة؛ بسبب تعنت الجانب الإثيوبي». وقال إن «أديس أبابا لم تُثبت جديتها في جولات التفاوض على مدار 13 عاماً»، معتبراً أن ما يحرك الجانب الإثيوبي «المكايدة السياسية ضد القاهرة، وممارسة ضغوط جيوسياسية عليها».

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس الماضي، من «تأثيرات خطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيّاتٍ صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».