البعثة الأممية تطالب بموافقة مكتوبة على وقف إطلاق النار في طرابلس

«الجيش الوطني» الليبي يتعهد بطرد العصابات التشادية من الجنوب

TT

البعثة الأممية تطالب بموافقة مكتوبة على وقف إطلاق النار في طرابلس

دعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الأطراف المتنازعة جنوب العاصمة طرابلس إلى قبول هدنة إنسانية، تبدأ من صباح اليوم الأول من عيد الأضحى. لكن لم تظهر أي بوادر على إمكانية إبرام الهدنة لوقف إطلاق النار، المستمر للشهر الخامس على التوالي بدون توقف.
وفي رفض ضمني لهذه الهدنة، دعا المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، قواته في مختلف محاور القتال إلى مواصلة عملها خلال أيام العيد. كما تحدث أمس المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع للجيش، عما وصفه بعملية نوعية فجر أمس في منطقة صلاح الدين بجنوب طرابلس، وقال إنه «تم الرماية بسلاح كلاشنكوف الخفيف على تجمع لميليشيات مصراتة، وتم اعتقال منفذي العملية وانسحابهم بسيارتهم بسرعة».
ولم يوضح البيان أي تفاصيل عن ضحايا هذه العملية من قتلى أو جرحى. لكنه أشار إلى تحصن ميليشيات مصراتة بعدد من البيوت في أحياء سكنية، يتم رصدها بشكل مستمر من قبل شباب موالين للجيش الوطني.
وقالت البعثة الأممية في بيان مقتضب إنه «تأكيدا لما كانت قد أعلنته سابقا، فإنها تدعو كل الأطراف إلى قبول هدنة إنسانية بمناسبة عيد الأضحى المبارك، تبدأ مع صباح العيد»، معبرة عن أملها بأن «تتلقى موافقة مكتوبة من قبل هذه الأطراف في موعد لا يتجاوز منتصف ليل الجمعة - السبت من هذا الأسبوع».
وفشلت دعوات الأمم المتحدة في مناسبات عديدة لقبول هدنة إنسانية منذ اندلاع المعارك قبل أكثر من 4 أشهر، كان آخرها نهاية يونيو (حزيران) الماضي عندما طالبت بهدنة إنسانية خلال عيد الفطر.
بدوره ناشد آلن بوجيا، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا، «أطراف حرب، لا معنى لها على طرابلس، بأن تتبنى الهدنة التي يعمل المبعوث الأممي على تأمينها... كخطوة أولى نحو إنهاء العنف والعودة إلى العملية السياسية».
معربا عن تضامنه مع «الثكالى والجرحى، والذين تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، والمختطفين والمحتجزين تعسفاً والنازحين والمحرومين، وجميع أفراد الشعب الليبي، الذين تحملوا وطأة عدم الاستقرار والنزاع خلال السنوات الأخيرة».
وما زالت قوات الجيش الوطني، المتقدمة صوب العاصمة طرابلس، تسعى لتحطيم المقاومة الشرسة من القوات الموالية لحكومة السراج، التي نجحت مؤخرا في استعادة السيطرة على مدينة غريان الاستراتيجية، التي كانت غرفة عمليات رئيسية لقوات الجيش غرب ليبيا.
وتسببت المعارك منذ اندلاعها في سقوط نحو 1100 قتيل، وإصابة 5762 بجروح بينهم مدنيون، فيما تخطى عدد النازحين مائة ألف شخص، بحسب وكالات الأمم المتحدة.
وتعهدت قوات الجيش الوطني، أمس، بطرد ما وصفته بالعصابات التشادية الغازية والقضاء عليها في جنوب البلاد، بعدما أوضحت استمرار سقوط القذائف العشوائية على أهالي مدينة مرزق.
وقالت إن «قذيفة تسببت في مصرع طفل وجرح باقي أفراد أسرته النازحة، وسط استمرار في الرماية بالأسلحة الثقيلة لترويع الناس وتهجيرهم».
في المقابل، بحث السراج بطرابلس مع وفد من مدينة مرزق، مساء أول من أمس، آثار القصف الجوي، الذي تعرض له أحد أحيائها السكنية من قوات «الجيش الوطني».
واستعرض الاجتماع الاحتياجات الخدمية لسكان مرزق، والمتطلبات العسكرية والأمنية للمدينة، حيث جدد السراج دعوته للوفد، وكافة حكماء وشيوخ مرزق إلى الحذر من دعاة الفتنة، وأن يكونوا في مستوى المسؤولية الوطنية، حفاظا على وحدة الصف والسلم الأهلي.
ونقل البيان عن أعضاء الوفد، أنهم يحملون مسؤولية القصف الذي استهدف حي القلعة السكني، وما سببه من خسائر بشرية ومادية، لما أسماه بـ«القوة الانقلابية المعتدية». في إشارة إلى قوات الجيش الوطني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.