خلاف بين تونس وصندوق النقد حول التعديل الآلي لأسعار المحروقات

مضخة وقود في محطة للمحروقات بتونس (رويترز)
مضخة وقود في محطة للمحروقات بتونس (رويترز)
TT

خلاف بين تونس وصندوق النقد حول التعديل الآلي لأسعار المحروقات

مضخة وقود في محطة للمحروقات بتونس (رويترز)
مضخة وقود في محطة للمحروقات بتونس (رويترز)

كشف توفيق الراجحي الوزير التونسي المكلف بمتابعة الإصلاحات الكبرى، عن بروز خلافات ملموسة بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي، حول اتفاق سابق يقضي بإقرار تعديل آلي على أسعار المحروقات كل ثلاثة أشهر.
ويبدو أن استقرار أسعار النفط وعدم تجاوزها، في معظم الفترة الماضية، عتبة 75 دولاراً للبرميل هي التي تقف وراء موقف السلطات التونسية، دون أن يخفي هذا القرار كذلك غايات انتخابية لمعظم الأطراف السياسية التي تخشى غضب شرائح اجتماعية، نتيجة الزيادات المتكررة في أسعار المحروقات؛ خصوصاً خلال سنة 2018 التي شهدت زيادات متكررة في أسعارها.
والحكومة التونسية عادة ما تستجيب لضغوطات داخلية عند اتخاذها مجموعة من القرارات الاقتصادية، في حين أن صندوق النقد الدولي يتعامل مع أرقام وملفات، من ذلك أن الحكومة خالفت توصيات صندوق النقد، ووافقت على الترفيع في أجور موظفي القطاع العام، نتيجة ضغوطات الهياكل النقابية المحلية.
كما تعمل الحكومة خلال هذه الفترة كذلك على تجاوز ما اتفق بشأنه حول الزيادات الآلية على أسعار المحروقات. وتنتظر السلطات التونسية زيارة بعثة صندوق النقد خلال شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، لإجراء المراجعة السادسة لمواصلة النقاشات بين الطرفين حول عدة نقاط خلافية، من بينها كتلة الأجور التي ترتفع إلى أكثر من 14 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، ووعود بالترفيع في الأجور، وهو ما قد يؤثر على موافقة صندوق النقد وبقية هياكل التمويل الدولية، على منح تونس مجموعة من قروض موجهة لتمويل ميزانية البلاد، وتنفيذ مشروعات حكومية ملحة.
ويتفق الطرفان (الحكومة والصندوق) على أن نسبة النمو الاقتصادي خلال السنة الحالية لن تزيد عن 1.9 في المائة، وهو ما سيطرح مشكلات عدة خلال جلسات التفاوض حول الأقساط المتبقية من القرض المالي المقدر بـ2.9 مليار دولار، والممتد من 2016 إلى 2020.
وعلى مستوى التعديل الآلي لأسعار المحروقات، يتمسك صندوق النقد بضرورة تطبيق الترفيع الآلي للأسعار كل ثلاثة أشهر، لتخفيض عجز الميزانية، والرفع من نسبة النمو الاقتصادي السنوي، بينما ترى الحكومة التونسية أن الظرف غير مناسب لتلك الزيادة، نتيجة عدم تطابق التوقعات حول سعر البرميل. فصندوق النقد الدولي يتوقع أن يكون سعر البرميل خلال السنة الحالية في حدود 70 دولاراً، بينما ترى الحكومة التونسية أنه سيكون أقل من ذلك، ولعل استباق السلطات التونسية باعتماد فرضية سعر لبرميل النفط لا يقل عن 75 دولاراً ضمن ميزانية 2019، قد أعاق تنفيذ هذا الاتفاق بين الطرفين.
يذكر أن الحكومة التونسية بنت فرضية الأسعار خلال سنة 2018 على قاعدة 54 دولاراً لبرميل النفط، وهو ما عقد وضعيتها الاقتصادية، وأجبرها على اعتماد قانون مالية تكميلي، نتيجة الهوة الكبرى بين تلك الفرضية وواقع الأسعار في السوق الدولية.
وكان صندوق النقد الدولي قد ثمن في بيان بعثته الأخير، نتائج تنفيذ سياسة نقدية ومالية قوية، أثناء النصف الأول من السنة الحالية في تونس؛ حيث نجحت في تخفيض التضخم من ذروة بلغت 7.7 في المائة خلال سنة 2018، إلى 6.8 في المائة خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي. كما شدد على ضرورة التحكم في عجز الميزانية وتخفيض النسبة من 4.9 في المائة إلى 3.9 في المائة، علاوة على دعوته للتحكم في ارتفاع الدين العام الذي بلغ نسبة 77 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
يذكر أن وزارة الصناعة التونسية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، كشفت عن تغطية الإنتاج المحلي لنسبة 48 في المائة من حاجيات تونس من الطاقة فقط، وهو ما أدى إلى تفاقم العجز الطاقي بين سنتي 2017 و2018، وتضاعف حجم الدعم المالي الموجه إلى هذا القطاع الحيوي، وبالتالي ارتفاع العجز الطاقي. ولم يتجاوز الإنتاج المحلي من النفط خلال السنة الماضية معدل 40 ألف برميل في اليوم الواحد، بعد أن كان في مستوى 85 ألف برميل سنة 2010، وهو ما أدى إلى تفاقم العجز الطاقي ليقدر بنسبة 7 في المائة مقارنة مع سنة 2017.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».