الترشيحات لأوسكار الأفلام الأجنبية تتوالى

ما رأيكم بالمشهد التالي: صاحب سوابق هارب من البوليس يدخل بيت امرأة وطفليها فتخشى على نفسها منه.. هل يبدو ذلك التلخيص مثيرا بما يكفي لكي يتبوأ الفيلم المركز الأول في الإيرادات؟ الجواب لدى الجمهور وليس عندنا وهو أعطى ردّه: نعم. ربما لأن المتهم الذي قد يكون بريئا هو الممثل الموهوب إدريس ألبا، أو ربما لأن الفيلم يعد بتشويق لم يحصل عليه الجمهور في الآونة الأخيرة، أو من المحتمل أن يكون السبب ضعف الأفلام المنافسة. لكن المثير فعلا أن الفيلم ليس جديدا. السيناريو مكتوب من منتصف صيف 2011 ولم يدخل حيّز التحضير حتى الشهر الثالث من العام 2012. عندما انتهى تصويره بعد شهرين من ذلك العام وُضع على الرف لأكثر من سنتين. ولك أن تتخيل المفاجأة التي اعترت دهشة الشركة الصغيرة التي أنتجته بميزانية 13 مليون دولار فقط، وهي «سكرين جمز».
ما هو أكثر إثارة لا يقع على الشاشة رغم ما سبق. فالأحداث تتوالى والكثير منها يتمحور منذ الآن حول الأوسكار المترامي على بعد ستة أشهر من الآن. ها هي هونغ كونغ ترشّح فيلم آن هوي «الفترة الذهبية» كفيلمها الرسمي لمسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي. لجانب سعادة المخرجة ذاتها، يشعر مدير مهرجان فينسيا ألبرتو باربيرا بالرضا كون واحد من أفلامه تسلل باكرا إلى عرين الترشيحات. فـ«الفترة الذهبية» كان فيلم ختام الدورة الأخيرة قبل أن ينتقل للاشتراك في مهرجان تورونتو. في كلا الموقعين أنجز إعجابا نقديا ملحوظا كونه سيرة حياة للكاتبة الصينية هسياو هونغ التي ماتت عن ثلاثين سنة في عام 1942. حياتها، كما تصوّرها المخرجة المطّلعة في نحو ثلاث ساعات، كانت مليئة بالخضّات والأحزان النفسية والعاطفية والاجتماعية. وجدت نفسها وحيدة بعد وفاة أمها فرفضت الزواج ممن أريد لها الاقتران به وهربت مع خطيب الذي هرب، بدوره، منها تاركا إياها حبلى في فندق في بيكينغ. وتوالت أحزانها وبينها ما هو عاطفي إلى أن حطت مع رجلها الأخير في هونغ كونغ وماتت بعد عامين من احتلال اليابان للجزيرة الصينية، وبعد أن كوّنت لنفسها رغم مشكلات حياتها اسما في عالم الرواية والقصّة القصيرة كما في الشعر.

* حصان طروادة
على محمل آخر، تبوأ فيلم «فجر كوكب القردة» المركز الأول بين إيرادات الأفلام المعروضة في الصين مسجلا 102 مليون دولار في 17 يوما. بذلك يصبح الثالث بين أعلى الأفلام الأميركية إيرادا في الصين، أي بعد «آيرون مان 3» و«ترانسفورمرز 4». ويلحق به على بعد يسير فيلم «المستهلكون 3» الذي أخفق في عروضه الأميركية لكنه أنجز قرابة 70 مليون دولار في الصين حتى الآن.
يأتي ذلك النجاح لينقل، رسميا، الصين من السوق العالمية الثانية لأفلام هوليوود إلى الأولى. لا تبدو الاستوديوهات الأميركية قادرة على التنفس برئة واحدة من دون استخدام تلك الصينية. على الرغم من تدني أسعار التذاكر (وإلا لكان المليون المسجل مليونين) إلا أن رواج السينما الأميركية أصبح من القوّة بحيث أن هناك أكثر من استوديو في هوليوود يعد أن السوق الأولى خارج شمالي القارة الأميركية (الولايات المتحدة، كندا والمكسيك) هو السوق الصينية.
لكن هذا الانتشار وما يمثّله من تأثير هو سبب قلق السلطات الصينية التي لاحظت أن عددا متزايدا من المخرجين الصينيين باتوا يحاولون العمل ضمن أساليب الإخراج الأميركية. هذا ما دفع قبل أيام أحد كبار مسؤولي الإنتاج الحكومي، زانغ زون، لتحذير السينمائيين الصينيين الجدد قائلا: «عندما تختارون مواضيعكم فكّروا بعمق وتجنبوا العمل على منوال القيم الهوليوودية وإدخالها عنوة في السينما الصينية».
لكن هذا قد يكون إما إنذارا مبكرا أو إنذارا متأخرا.
بالنسبة للبعض، لقد تعرّف الجمهور الصيني على السينما الأميركية ومدارسها الأسلوبية الماهرة (بصرف النظر عن رداءة الكثير من الأفلام فنيا) وأحبّوها. لذلك فأمام بعض المخرجين الصينيين فرصة التقليد رغبة باستمالة الجمهور الصيني إلى أعمالهم. ولهذا السبب، قد تكون الملاحظة تمهيدا لفرض التمسّك باختلاف الفيلم الصيني جوهريا عن الأميركي حتى وإن أدّى إلى تحجيم عدد الأفلام الأميركية المسموح لها بالعرض هناك.
لكن الحال المذكور نفسه بات يشكّل مسألة حيوية قد ينتج عنها استسلام البعض الآخر لها كون العروض الأميركية تسللت في باطن حصان طروادة كبير ولم يعد بالإمكان حماية الجيل الجديد منها إلا بقرار صادر من أعلى مستويات الحكم. السؤال هو إذا ما كان سيصدر ومتى.

* كلوني مكرّما
بالعودة إلى الأوسكارات الأجنبية فإن الفيلم الذي سيمثّل هونغ كونغ ليس الوحيد الذي سعى للانضمام باكرا إلى الترشيحات المقبلة. من لاتفيا، الدولة الواقعة على البحر البلطيقي ما بين ليتوانيا واستونيا، أرسلت بفيلمها «صخور في جيبي» Rocks in My Pockets إلى هذه الترشيحات. لكن الفيلم يصلح للترشيحات الرسمية كونه ناطقا، وبنسبة الثلثين، باللغة الإنجليزية. هذا يعود إلى أن الحكاية المرسومة كأنيميشن، تتناول حياة ثلاثة أجيال لعائلة لاتفية نزحت إلى نيويورك في القرن العشرين. هذا الفيلم كان أول فيلم أنيميشن يجري عرضه في مسابقة مهرجان كارلوڤي ڤاري قبل نحو شهرين ونال جائزة الاتحاد الفيدرالي لنقاد السينما (فيبريسكي) هناك.
وفي طي حديث الجوائز ذاته، أعلنت «جمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود» موزّعة جوائز غولدن غلوبس عن اختيارها الممثل جورج كلوني فائزا بجائزتها الشرفية المقبلة المسمّاة بجائزة سيسيل ب. دميل وذلك عن إسهاماته السينمائية.
كلوني كان قدّم فيلما هوجم عليه في برلين السابق هو «رجال النُصُب» The Monuments Men لكن هذا لا يثنيه عن العمل فمن بين نحو عشرة مشاريع أمامه ليختار منها، أنجز تمثيل فيلم خيال علمي بعنوان «أرض الغد» لجانب برت روبرتسون وجودي غرير.