صحيفة لبنانية تصدر بلا أخبار احتجاجاً على تأزم الوضع

الصفحتان الأولى والأخيرة من صحيفة «دايلي ستار» كما صدرت أمس (أ.ف.ب)
الصفحتان الأولى والأخيرة من صحيفة «دايلي ستار» كما صدرت أمس (أ.ف.ب)
TT

صحيفة لبنانية تصدر بلا أخبار احتجاجاً على تأزم الوضع

الصفحتان الأولى والأخيرة من صحيفة «دايلي ستار» كما صدرت أمس (أ.ف.ب)
الصفحتان الأولى والأخيرة من صحيفة «دايلي ستار» كما صدرت أمس (أ.ف.ب)

اتشح عدد صحيفة «الدايلي ستار» اللبنانية الناطقة بالإنجليزية الذي صدر أمس الخميس بالسواد، وجاء خالياً من الأخبار والتقارير والصور، واكتفت بذكر المشاكل التي يعاني منها لبنان، ونشرت على صفحتها الأخيرة صورة للأرزة، رمز لبنان، مترافقة مع نداء إلى اللبنانيين اختصرته بالقول: «استيقظوا قبل فوات الأوان».
ورأى مسؤولون لبنانيون أن صدور هذا العدد هو بمثابة صرخة توجهها الصحيفة للمسؤولين اللبنانيين، في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي يواجهها لبنان، فيما قال رئيس تحرير الصحيفة نديم لادقي إنها تهدف إلى إبراز المشاكل السياسية والاقتصادية التي تزداد سوءا في البلاد. وأضاف: «نريد فقط أن ندق جرس الإنذار بشأن التحديات التي تحتاج إلى معالجة... نحن ندعو السياسيين والجميع إلى الوقوف معا لأنه ما زال هناك وقت لإنقاذ البلاد».
وكتبت الصحيفة على الصفحة الأولى عبارة «لبنان» التي تصدرت ورقة سوداء بالكامل، وخصّصت كل ورقة منها للإضاءة على الأزمات التي يعاني منها البلد، بدءا من صفحتها الأولى ثم الصفحة الثانية التي أشارت فيها إلى تأزم حكومي، وكتبت على الصفحتين الثالثة والرابعة «الخطاب الطائفي يزداد يوما بعد يوم» و«النفايات ما زالت تتكدس في الشوارع». وكتبت الصحيفة على صفحتها الخامسة «التلوث بلغ مستويات خطيرة»، وعلى السادسة «نسبة البطالة بلغت 25 في المائة»، والسابعة «السلاح غير الشرعي يغزو البلاد»، والثامنة «أكثر من 1.5 مليون نازح في البلاد»، والتاسعة «الدين العام يقترب من 100 مليار دولار»، والعاشرة «الإفلاس يهدد المؤسسات» والحادية عشرة «العملة الوطنية بخطر».
وأشارت «الدايلي ستار» في خبر نشرته على موقعها الإلكتروني إلى أنّه «رغم المشاكل السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، ما زال هناك وقت لإنقاذ لبنان، وهذا الأمر يتطلّب جهداً مشتركاً من كل الأطراف وتضحية لمصلحة البلد».
وعكست دعوة «الدايلي ستار» أمس تأييداً سياسيا لإنقاذ لبنان، حيث نشر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل صورة من صفحتها الأخيرة، وكتب «صرخة ذا دايلي ستار اليوم قوية ومعبّرة، ولبنان يستحقّ صحوة ضمير وقيادات مسؤولة». كما نشر النائب إلياس حنكش، صورة من الصفحة 12 للجريدة مردّداً: «استيقظوا قبل فوات الأوان».
وغرّد النائب زياد حواط عبر «تويتر» قائلا: «‏صرخة صحيفة (الدايلي ستار) مدوية في وطن يتجه إلى الهاوية بسرعة الصاروخ، والمسؤولون فيه مستقيلون من مسؤولياتهم الوطنية. التعطيل الحاصل قاتل، فيما وجع الناس كبير نتيجة الأزمة الاقتصادية، وعلى مشارف بدء العام الدراسي بكل أعبائه. (صار بدا) صحوة ضمير».
من جهته، اعتبر عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب عماد واكيم أن خطوة الصحيفة «واقعية ومعبّرة جدّاً». كما غرّد الوزير والنائب السابق بطرس حرب عبر حسابه على موقع «تويتر» قائلاً: «‏لعل صرخة (الدايلي ستار) وحضها اللبنانيين على الاستيقاظ، تعبير صادق عن معاناة شعبنا ورفضه لتدمير دولته ومستقبله وحقوقه، بعد أن تحول لبنان إلى حلبة صراع على مصالح مسؤوليه، وانهار الاقتصاد، واستبيحت إدارات الدولة، واهتز العدل وهجر الشباب، وأصبح الجوع يهدد لقمة عيشهم».
ولا يعد هذا النداء الأول الذي يصدر عن وسائل الإعلام، فقد أصدرت صحيفة «النهار» عدداً ورقياً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي اتشح بالبياض، لا يتضمن أي عبارة، وحمل شعار «نهار أبيض بوجه الظلمة»، أرادت منه دقّ ناقوس الخطر تجاه الأزمات، إثر التأزم السياسي السابق الذي دفع للتأخير في تشكيل الحكومة لمدة 9 أشهر.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.