قبل عشرين عاماً، عيَّن الرئيس الروسي بوريس يلتسين، رئيس وزرائه الرابع في أقل من 18 شهراً، فلاديمير بوتين، الذي كان آنذاك رئيساً غير معروف نسبياً لجهاز الاستخبارات ومن دون خبرة واسعة في السياسة.
كان يلتسين قبل رحيله عن السلطة يبحث عن خلف له، وقلة توقعوا أن يكون بوتين لا يزال على رأس السلطة بعد عقدين ويلعب دوراً أساسياً في الشؤون العالمية.
لكنّ هذه الذكرى تحل في فترة صعبة للرئيس الروسي. فرغم أن معدلات شعبيته لا تزال عالية مقارنةً بمعظم نسب التأييد للقادة الغربيين، فإنها تراجعت بعض الشيء بسبب جمود الاقتصاد وتدني مستويات المعيشة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وكانت حركة الاحتجاج في موسكو قد أدت إلى توقيف آلاف الأشخاص في الأسابيع الماضية في أوسع حملة قمع منذ موجة التظاهرات ضد بوتين التي عمَّت العاصمة عند عودته إلى الكرملين عام 2012 بعدما كان رئيساً للوزراء.
ويواجه الرئيس الروسي البالغ من العمر 66 عاماً أيضاً معضلة تحضير خلافته. فهذه آخر ولاية رئاسية له، حسب الدستور، لكن بعدما استبعد كل منافسيه وهيمن على معظم وسائل الإعلام، يبدو أنه ليس هناك شخصية جاهزة لخلافته.
ويرى محللون أنه «من غير المرجح أن يسلم بوتين الذي تولى أطول فترة حكم في روسيا منذ جوزيف ستالين، السلطة بشكل كامل عند انتهاء ولايته في 2024».
وقال الصحافي نيكولاي سفانيدزي الذي أجرى مقابلات عدة مع بوتين حين تسلم السلطة للمرة الأولى في الكرملين إن «روسيا ورغم فقرها ومشكلاتها مع الجريمة، لا تزال دولة ديمقراطية وليبرالية». وأضاف: «بعد 20 عاماً في السلطة، هو لا يواجه أي قيود بأي شكل كان».
من جهته، قال المحلل السياسي كونستانتين كالاتشيف، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «بوتين بدأ كليبرالي مستعد للعمل مع الغرب لكن مع مر الزمن تحول إلى محافظ أكثر، متخذاً مواقف أكثر عدائية». ولفت إلى أن «موقف الغرب المستخفّ حيال روسيا وكذلك تدخله في العراق وليبيا وأماكن أخرى في العالم أديا إلى تغير موقف بوتين».
أما المحلل غريغوري بوفت، فرأى أن «بوتين وفريقه يسعيان الآن لإيجاد سبيل يتيح لهم الحفاظ على نفوذهم بعد الخروج من الكرملين»، موضحاً أن «هذا يمكن أن يتم عبر إقامة مؤسسة جديدة بدلاً من عودة قصيرة إلى دور رئيس الوزراء للالتفاف على القيود الدستورية على الرئاسة كما حصل في 2008». وأشار إلى أنه «يجري التفكير بإنشاء هيئة جماعية لإدارة البلاد، على أن يبقى بوتين رئيسها دائماً في نظام مماثل لنظام جمهورية كازاخستان السوفياتية السابقة، حيث تنحى الرئيس نور سلطان نزارباييف لكنه يحتفظ بنفوذه في البلاد. لكن إذا حصل هذا الأمر فإن بوتين سيكون بعيداً عن تسيير الشؤون اليومية لروسيا».
شعبية بوتين أمام اختبار التحديات المعيشية ومعضلة الخلافة
بعد 20 عاماً في السلطة
شعبية بوتين أمام اختبار التحديات المعيشية ومعضلة الخلافة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة