شروط أميركية لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب

ديفيد هيل: المجلس العسكري و«الحرية والتغيير» تعهدا تكوين حكومة انتقالية مدنية

ديفيد هيل خلال مؤتمر صحافي في السفارة الأميركية في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
ديفيد هيل خلال مؤتمر صحافي في السفارة الأميركية في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

شروط أميركية لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب

ديفيد هيل خلال مؤتمر صحافي في السفارة الأميركية في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
ديفيد هيل خلال مؤتمر صحافي في السفارة الأميركية في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

شدد مسؤول أميركي بارز يزور السودان على ضرورة الانتقال إلى حكومة مدنية تكفل حقوق الإنسان وتحقق السلام وتستجيب للانشغالات الأميركية بشأن مكافحة الإرهاب، ودعا السودانيين للعمل المشترك لصناعة المستقبل، وأن حكومة بلاده ترهن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بتحقيق التحول لحكومة مدنية، والاستجابة للانشغالات الأميركية المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وقال وكيل الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل في مؤتمر صحافي عقده بالخرطوم، إن توقيع الإعلانين الدستوري والسياسي يمثلان لحظة تاريخية مهمة بالنسبة للسودانيين، ودعا للعمل المشترك من أجل صناعة المستقبل.
وتعد زيارة الرجل الثالث في الخارجية، هي الأولى لمسؤول أميركي للبلاد منذ إسقاط نظام عمر البشير بثورة شعبية في 11 أبريل (نيسان)، وتأتي ضمن جولة قام بها الرجل إلى كل من الصومال وكينيا والسودان. وأشاد هيل بدور الاتحاد الأفريقي ودولة إثيوبيا من أجل الوصول بالسودانيين لتوقيع الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية، ودعمهم لفترة الانتقال للحكومة المدنية. وكشف عن لقاءات جمعته بممثلين عن قوى إعلان الحرية والتغيير ورئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، وممثلين عن المجتمع المدني، وأبلغهم أن بلاده مهتمة بالانتقال إلى حكومة مدنية وتحقيق مطالب الشعب السوداني.
وقال هيل إنه حث رئيس المجلس العسكري الانتقالي وقادة قوى إعلان الحرية والتغيير على العمل المشترك، وعلى إنفاذ الإعلان الدستوري وتكوين حكومة انتقالية مدنية، بما في ذلك تشكيل مجلس تشريعي، وإنه تلقى تعهدات قوية بتكوين حكومة انتقالية بقيادة مدنية. وأوضح المسؤول الأميركي أن الإدارة الأميركية تركز في علاقتها مع الحكومة المدنية على كفالة حقوق المرأة وتحقيق السلام والاستقرار، وإجراء تحقيق مستقل حول الجرائم التي ارتكبت في عهد النظام السابق، والجرائم التي أعقبت سقوطه، وصيانة العدالة والحيلولة دون الإفلات من العقاب، ومواجهة التحديات الاقتصادية، وكفالة حقوق الإنسان.
وأشار إلى أن واشنطن منشغلة الآن بالشؤون السياسية المتعلقة بالسودان، وبخطوات تكوين حكومة مدنية، وطريقة إدارة اقتصاد البلاد، وأنها ستنتظر لترى ماذا سيفعل السودانيون، وأن حكومته وأصدقاء السودان سيقدمون الدعم اللازم للسودان، متى استوفى هذه الشروط. وقال هيل: «الحقيقة السودان ما يزال ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، ونحن ننتظر ما ستفعله الحكومة المدنية، بشأن كفالة الحريات وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، والانشغالات الأميركية الأخرى، وتتضمن تحقيق الاستقرار السياسي وتصحيح مسار الاقتصاد» وتابع: «لكننا نركز على العملية السياسية في الانتقال إلى حكومة مدنية»، مضيفا: «الطرفان قدما تعهدات قوية بالعمل المشترك لنقل السلطة لحكومة مدنية، وإعادة بناء الثقة بينهما، لتصحيح المسار ووضع السودان في طريق التنمية المستدامة»، وتابع: «نتوقع تكوين حكومة انتقالية بقيادة مدنية تعكس إرادة الشعب السوداني».
ودخل السودان حقبة جديدة من الحكم المدني ليطوي بذلك صفحة الرئيس المخلوع عمر البشير الذي حكم البلاد بقبضة من حديد على مدى ثلاثة عقود. ويمهّد الإعلان الدستوري الذي وقّعه الأحد بالأحرف الأولى المجلس العسكري وقادة حركة احتجاجية غير مسبوقة في السودان، الطريق أمام حكم انتقالي مستندا إلى اتفاق تاريخي لتقاسم السلطة تم التوصّل إليه في 17 يوليو (تموز). ويحدد الاتفاق الأطر لتشكيل حكومة مدنية انتقالية وبرلمان سيقودان البلاد خلال فترة انتقالية مدّتها ثلاث سنوات بإشراف هيئة حكم تضم مدنيين وعسكريين. وبعد مظاهرات وأعمال عنف استمرّت لأكثر من سبعة أشهر، تم التوصل للاتفاق الذي لقي ترحيبا محليا ودوليا والذي سيتم توقيعه رسميا في 17 أغسطس (آب) بحضور شخصيات دولية. وفي اليوم التالي سيتم الإعلان عن تشكيلة المجلس السيادي ذي الغالبية المدنية. وفي 20 من الشهر ذاته سيتم تعيين رئيس للحكومة على أن يتم إعلان أسماء الوزراء في 28 من الشهر الحالي.
وسيعقد المجلس السيادي والحكومة أول اجتماع بينهما في 1 سبتمبر (أيلول)، تبلغ مدة الفترة الانتقالية 39 شهراً ابتداء من توقيع الإعلان الدستوري على أن تجرى انتخابات في نهايتها. وستُعطى الأولوية في الأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية إلى إرساء السلام بين الفصائل السودانية في المناطق التي تشهد نزاعات. وستُكلَّف الحكومة الانتقالية العمل على إعداد إصلاحات قضائية واقتصادية ووضع أسس سياسة خارجية متوازنة. سيتألف المجلس السيادي من 11 عضوا هم ستة مدنيين وخمسة عسكريين. وستتولى شخصية عسكرية رئاسته في الأشهر الـ21 الأولى على أن تخلفها شخصية مدنية للأشهر الـ18 المتبقية. وسيشرف المجلس على تشكيل إدارة مدنية انتقالية قوامها حكومة ومجلس تشريعي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».