«الجيش الليبي» يدمر ثاني طائرة حربية... و«الوفاق» تعزز ميزانية الحرب

مسؤول أميركي يكشف عن سعي واشنطن لإعادة حفتر والسراج إلى طاولة المفاوضات

حكومة الوفاق تعلن تعزيز ميزانية الحرب وتقديم مكافآت سخية لجنودها (رويترز)
حكومة الوفاق تعلن تعزيز ميزانية الحرب وتقديم مكافآت سخية لجنودها (رويترز)
TT

«الجيش الليبي» يدمر ثاني طائرة حربية... و«الوفاق» تعزز ميزانية الحرب

حكومة الوفاق تعلن تعزيز ميزانية الحرب وتقديم مكافآت سخية لجنودها (رويترز)
حكومة الوفاق تعلن تعزيز ميزانية الحرب وتقديم مكافآت سخية لجنودها (رويترز)

أعلن «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، إسقاط ثاني طائرة حربية في مصراتة بغرب البلاد، تابعة لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، التي عززت في المقابل من ميزانية الحرب، وقدمت مكافآت سخية لجنودها، في مؤشر على عدم قرب التوصل إلى وقف لإطلاق النار، رغم أن مصدرا مسؤولا بوزارة الخارجية الأميركية أكد أن هناك مساعي ومشاورات أميركية مع أطرف النزاع العسكري والسياسي في ليبيا للعودة مجددا إلى طاولة المفاوضات.
وقال المسؤول الأميركي، الذي طلب عدم تعريفه، لـ«الشرق الأوسط» إن «المسؤولين الحكوميين الأميركيين يتشاورون مع مجموعة واسعة من القيادات الليبية، وكذلك مع شركائنا الدوليين للضغط من أجل تحقيق الاستقرار، وإعادة الأطراف الليبية، بمن فيهم السراج وحفتر، إلى طاولة المفاوضات».
وبعدما اعتبر أن «السلام الدائم والاستقرار لن يتحققا في ليبيا إلا من خلال حل سياسي»، أضاف المسؤول الأميركي «ندعو جميع الأطراف إلى العودة بسرعة إلى وساطة الأمم المتحدة السياسية، التي يعتمد نجاحها على وقف إطلاق النار في طرابلس وحولها». مشددا على أن الولايات المتحدة «تدعم الجهود المستمرة للممثل الخاص للأمم المتحدة غسان سلامة، وبعثة دعم الأمم المتحدة في ليبيا للمساعدة في تجنب مزيد من التصعيد، ورسم طريق للأمام يوفر الأمن والازدهار لجميع الليبيين».
ميدانياً، ولليوم الثاني على التوالي، نجحت قوات «الجيش الوطني» في إسقاط طائرة تابعة لحكومة السراج في مدينة مصراتة الواقعة (غربا). وقال المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»- التابعة للجيش الوطني- في بيان له أمس إن «نسور الجو دمروا طائرة مقاتلة من نوع L39 على مدرج مطار مصراتة العسكري، مشيرا إلى أن «هذه الطائرة كانت تقصف مدنيين في تخوم العاصمة طرابلس».
ولم يقدم البيان أي تفاصيل إضافية. لكن شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش، قالت في بيان مقتضب، إن استهداف الطائرة الحربية تم بعد هبوطها على مدرج القاعدة الجوية بمصراتة. بينما قال اللواء محمد المنفور، مسؤول غرفة عمليات القوات الجوية للجيش الوطني، إن مقاتلاته كانت في انتظار هذه الطائرة لدى عودتها إلى مصراتة، قبل إصابتها وتدميرها بالكامل.
وأكدت القيادة العامة للجيش الوطني في بيانها المقتضب أمس «منع استخدام مطار مصراتة العسكري للأعمال العسكرية»، في تطور لافت للانتباه.
وكان الجيش الوطني قد أعلن أول من أمس تدميره لطائرة نقل، كانت محملة بالذخائر والأسلحة في مطار مصراتة العسكري. بالإضافة إلى تدمير محطتي رادار بمحيط الكلية الجوية بالمدينة.
بدورها، أعلنت حكومة السراج، المعترف بها دوليا، أول من أمس، رسميا، أنها عززت إنفاقها العسكري للتصدي لهجوم «الجيش الوطني» المستمر منذ نحو خمسة أشهر على العاصمة طرابلس، وقالت إنها خصصت 40 مليون دينار ليبي (28.5 مليون دولار) لوزارة الدفاع. كما قررت أيضا منح 3000 دينار لكل جندي في صفوفها، مكافأة لتصدي لقوات «الجيش الوطني» في معارك طرابلس.
من جانبه، أكد المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي «عدم شرعية حكومة السراج، وفشلها في أداء عملها، وعدم منحها الثقة من مجلس النواب، وصدور أحكام قضائية من المحاكم الليبية ببطلانها». بالإضافة إلى تحالفها مع الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون والمتطرفين».
وأكد صالح في كلمة له أمام اجتماع رؤساء البرلمانات الأفريقية بمدينة جوهانسبرغ أول من أمس، على شرعية عمليات «الجيش الوطني» ضد الإرهاب والتطرف والخارجين عن القانون، مطالبا برفع حظر التسليح عنه، وإيقاف التدخل الخارجي في ليبيا، وكف أيدي الدول التي تمد الميليشيات المسلحة والمتطرفين بالسلاح والمال.
ودعا الاتحاد الأفريقي إلى دعم تشكيل حكومة وحدة وطنية، تنال ثقة مجلس النواب باختصاصات محددة، ولفترة محدودة للوصول لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
إلى ذلك، أعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، عن بالغ القلق إزاء استمرار الاختفاء القسري لعضو مجلس النواب سهام سرقيوة، التي قالت إنها اختطفت بصورة وحشية من منزلها في بنغازي الشهر الماضي على يد وحدة من المسلحين، الذين أصابوا أحد أقربائها وزوجها أثناء عملية الاختطاف. واعتبرت البعثة في بيان أمس أن الإعلان، الذي صدر مؤخراً عن أحد مسؤولي السلطات المعنية، والذي يفيد بأن «مجموعة مجهولة من الإرهابيين ربما تكون قد تسللت إلى بنغازي واختطفت سرقيوة» لا يحمل أي تطمينات حول سلامتها ومكان وجودها، ودعت مجددا السلطات المعنية إلى إجراء تحقيق شامل في الاعتداء على مسكن سرقيوة واختفائها القسري وإلى الكشف عن مكان وجودها.
وكانت سفارات ست دول أوروبية وكندا وبعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، قد طالبت أول من أمس بالإفراج الفوري عن سرقيوة، ودعت إلى إجراء تحقيق عاجل، وتقديم تفاصيل عن مكان وجودها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».