بغداد تخوض الصفحة الثالثة من عملية «إرادة النصر» لمطاردة «داعش»

رغم تقارير أميركية تشير إلى معاودة التنظيم المتطرف الظهور من جديد في العراق وسوريا

TT

بغداد تخوض الصفحة الثالثة من عملية «إرادة النصر» لمطاردة «داعش»

في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، عن معاودة تنظيم «داعش» لظهوره في كل من العراق وسوريا، فإن القوات العراقية تخوض الآن ما سمته الصفحة الثالثة من عملية «إرادة النصر» ضد عناصره في أماكن وجوده بين محافظات ديالى والأنبار ونينوى وكركوك.
وبينما تعترف الجهات الرسمية العراقية بوجود خلايا نائمة لـ«داعش»، رغم الانتصار العسكري على التنظيم، أواخر عام 2017، واختراق منظومته، وتجنيد بعض عناصره طبقاً لما كشفه مؤخراً رئيس خلية الصقور الاستخبارية في وزارة الداخلية، فإن الخبراء والرسميين العراقيين يقللون دائماً من المخاوف الغربية والأميركية بشأن إمكانية عودته، مثلما كان عليه قبل عام 2017. وكان تقرير أميركي صادر عن مفتش عام في «البنتاغون» أعلن، أول من أمس (الثلاثاء)، أن «تنظيم (داعش) يعاود الظهور» في سوريا مع سحب الولايات المتحدة قوّاتها من البلاد، وأنه «عزز قدراته» في العراق.
وقال التقرير إنه «رغم خسارته خلافته على المستوى الإقليمي، فإن تنظيم (داعش) عزز قدراته في العراق، واستأنف أنشطته في سوريا خلال الربع الحالي من السنة». وأضاف التقرير أن «التنظيم استطاع توحيد ودعم عمليات في كلا البلدين، والسبب في ذلك يرجع بشكل جزئي إلى كون القوات المسلحة غير قادرة على مواصلة عمليات طويلة الأجل أو شن عمليات في وقت واحد أو الحفاظ على الأراضي التي استعادها».
وفي هذا السياق، يقول الخبير المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم أن شبكات فلول (داعش) عادت لتنشط بشكل فاعل في كل من مثلث غرب صلاح الدين وجنوب نينوى وشمال الأنبار، ومثلث شمال شرقي ديالى، وشرق صلاح الدين وجنوب كركوك، فإن عودته في غرب العراق تختلف عن عودته في شرق العراق».
ويضيف الهاشمي أن «بنيته في غرب العراق يغلب عليها الطابع العشائري المحلي على عكس شرق العراق الذي يشكل فيه الفلول من العشائر غير المحلية أغلبية واضحة أو قيادة مسيطرة». ويتابع الهاشمي أن «مقارنة اعترافات فلول تنظيم داعش الذين أُلقي القبض عليهم 2018 و2019، يظهر على نحو جلي، ارتفاع نسبة من اعترفوا بأن نظرتهم تجاه عقيدة ومنهج (داعش) نظرة سلبية عند فلول غرب العراق، لأن غالبهم كان انضمامهم لأسباب اقتصادية وليست عقائدية أو دينية فقهية، ويتضح هذا الأمر، على نحو جلي، لدى جميع اعترافات الموقفين أو المسجونين من تلك المناطق». ويؤكد الهاشمي أن «تطلع فلول (داعش) إلى كسر الحدود بين العراق سوريا، إنما يمثل قمة أهدافها المقبلة، وسعيها لإقامة الخلافة المزعومة التي تقوم على أساس البيعة للبغدادي، وعملياتهم هناك قد تمهّد إلى تخادم الولايات المتحدة كما تخادمت مع الفصائل السلفية في أفغانستان بالضد من السوفيات». ويمضي الهاشمي قائلاً إن «العراق بحاجة إلى سند استراتيجي واضح. ويبدو أنه رغم أن الحكومة العراقية لا تستطيع الإقرار بذلك صراحة، فالسند الاستراتيجي والعسكري الوحيد والعملي بالنسبة إليها هو التصالح مع الشعب العراقي»، حيث إن «النصر العسكري الذي تحقق بطرد (داعش) من المناطق ذات الغالبية السنية في غرب وشرق العراق ضرورة حيوية، لكن مجرد هزيمة (داعش) عسكرياً لم تحدث فرقاً جذرياً، إذا لم تنفذ برامج تمكين الاستقرار وإعادة الإعمار وإنهاء ملف النازحين كما هو مخطَّط». ميدانياً، أعلنت مديرية الاستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع اختراق وتفكيك خلية لـ«داعش» بجانب الموصل الأيمن، والعثور على وثائق مهمة.
وقالت المديرية في بيان لها، أمس (الأربعاء)، إنه «بعملية نوعية جريئة ومعلومات استخبارية دقيقة تمكنت مفارز قسم الاستخبارات العسكرية في قيادة عمليات نينوى، وبالتعاون مع استخبارات فوج المغاوير وفصيل استطلاع القيادة من اختراق وتفكيك خلية إرهابية في حي الكرامة بالجانب الأيمن من الموصل».
وأضافت أنه «تم القبض على جميع عناصرها الذين كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية وتضبط بحوزتهم بطاقات ذاكرة تحوي على معلومات ووثائق مهمة، بالإضافة إلى كتب تروج للفكر الداعشي المنحرف».
في السياق نفسه، أعلنت خلية الإعلام الأمني في بيان لها أن «قوة مشتركة ضمن قاطع قيادة عمليات ديالى وخلال عمليات إرادة النصر في مرحلتها الثالثة، لاحقت مجموعة من الإرهابيين في منطقة وادي الكلال». وأضاف بيان الخلية أن «القوة داهمت وكراً كان يختبئ بداخله أربعة إرهابيين من (داعش) حيث تم قتلهم جميعاً وتدمير الوكر».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».