«الحركة الشعبية» السودانية تطالب بإرجاء «السلطة الانتقالية» إلى ما بعد اتفاق السلام

محاكمة قادة الانقلاب الأخير بعد عطلة عيد الأضحى

TT

«الحركة الشعبية» السودانية تطالب بإرجاء «السلطة الانتقالية» إلى ما بعد اتفاق السلام

وصفت الحركة الشعبية لتحرير السودان الاتفاقات الموقعة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير بأنها «عرجاء»، وبأنها لم تفِ بمطلوبات الاتفاق بين «الجبهة الثورية» وقوى إعلان الحرية والتغيير، وتكوين هياكل سلطة انتقالية بـ«شكل محدد» خلال شهر من إنجاز اتفاق سلام شامل مع الجبهة الثورية.
وقال نائب رئيس الحركة، ياسر سعيد عرمان، لـ«الشرق الأوسط» إنهم في «الجبهة الثورية» مستعدون لإرسال وفد إلى الخرطوم، أو عقد اجتماع في أسرع وقت مع حلفائهم في «الحرية والتغيير» بإحدى دول الجوار. ووصف عرمان، الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري الموقعين بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، بأنهما «عرجاوان» ويحتاجان لعملية إصلاح، تخاطب قضايا السلام والديمقراطية وحقوق المواطنة. وأضاف: «اتفاق أديس أبابا تم إيداعه خلال المفاوضات بطريقة غير منهجية، رغم أن هنالك أجزاء إيجابية في الإعلان الدستوري، فإن الوثيقة لم تدرج في الاتفاق السياسي، ولم يتضمن الاتفاق رؤية واضحة وحاسمة لموضوع السلام المرتبط بالاقتصاد وإصلاح العلاقات الخارجية ومعاش الناس».
وقال عرمان إن عدم الالتزام بالاتفاق كاملاً نتج عنه خلل في العملية السياسية، و«يجب على قوى الكفاح المسلح، أن تدخل العملية السياسية وتعمل على توسيعها». وأكد نائب رئيس الحركة الشعبية، أن «الجبهة الثورية» جزء لا يتجزأ من «قوى الحرية والتغيير»، وعلى استعداد لدعم الحكومة الانتقالية خلال السنوات الثلاث، وفقاً لحزمة متكاملة ومتجانسة بين قضايا الديمقراطية والسلام. وكانت الحركات المسلحة المنضوية في تحالف «الجبهة الثورية» وقوى إعلان الحرية والتغيير، أجرت في أديس أبابا مشاورات استمرت نحو أسبوعين، تناولت قضايا السلام وترتيبات الحكم في الفترة الانتقالية.
وقال عرمان إن دخول «الجبهة الثورية» سيؤدي إلى الانتقال لترتيبات أمنية جديدة، تشمل القوات المسلحة والدعم السريع وقوات الجبهة الثورية والحركات المسلحة الأخرى، للوصول إلى «جيش سوداني موّحد ومهني، يعكس تنوع وتعدد الشعب السوداني، ويخدم مصالح البلاد العليا». وأضاف أن الحركة الشعبية تدعو إلى وحدة على أسس جديدة، وجيش واحد لا يخوض حروباً داخلية، ويحافظ على مصالح السودان ويدافع عنها في الخارج. وتابع: «نريد سلاماً مع مجتمعنا وفي الإقليم والمجتمع الدولي». واشترط عرمان لتصبح «قوى الحرية والتغيير» تحالفاً حاكماً، تكوين «مجلس قيادي» يدعم الحكومة الجديدة ويحاسبها، وتابع: «لا توجد قيادة لـ(قوى الحرية والتغيير)، وهي تتصدى للقضايا (رزق اليوم باليوم). حتى ملف التفاوض تم بلا قيادة». وأضاف: «اتفقنا على مجلس مركزي، وتوسيع مقاعده ليشمل جميع مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير».
وقال عرمان إن الثورات السودانية السابقة فشلت في بناء سودان جديد، ونظام ديمقراطي يقوم على المواطنة، ينهي التمييز، ويرسخ الديمقراطية، ويستحضر دور قوى الهامش والنساء والشباب الكبير والحاسم في الثورة.
ورأى نائب رئيس «الشعبية» أن على ثورة ديسمبر (كانون الأول) تحقيق تغيير نوعي وشامل، ينتقل بموجبه السودان لدولة المواطنة، قائلاً: «المجتمع لن يتوحد إلا بإقامة نظام ديمقراطي ورابطة ثقافية سياسية اجتماعية جديدة، تترك تاريخ الأنظمة التي مرت على البلاد وراء ظهرها، وتبني مواطنة حقيقية، تكافح العنصرية وتقضي على التهميش».
في غضون ذلك، أعلن السودان أن التحقيقات مع المشاركين في العملية الانقلابية الأخيرة، التي تزعمها رئيس هيئة الأركان السابق الفريق أول هاشم عبد المطلب، شارفت على الانتهاء، وأن محاكمتهم ستبدأ بعد عطلة عيد الأضحى المبارك. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» عن الناطق الرسمي باسم «جهاز المخابرات العامة» أن التحقيقات الجارية بشأن المحاولة الانقلابية الأخيرة شارفت على الانتهاء. وقال المتحدث باسم الجهاز إن المدانين سيقدمون لمحاكمات عادلة، عقب انتهاء عطلة عيد الأضحى، وإطلاق سراح من لم تدنهم لجان التحقيق، أو لم تتوفر البينات القانونية الكافية لمشاركتهم.
وعيّن المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول هاشم عبد المطلب رئيساً لهيئة أركان الجيش السوداني في أبريل (نيسان) الماضي، قبل أن يلقي القبض عليه بتهمة المشاركة في انقلاب ضد المجلس العسكري الانتقالي. وألقت السلطات القبض على عدد من القيادات التابعة للحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني، واتهمتهم بالمشاركة بالتخطيط للمحاولة الانقلابية. أبرزهم القيادي بحركة الإصلاح الآن أسامة توفيق، والوزير السابق أسامة عبد الله. وأطلقت سراح الصحافي الصادق الرزيقي، ومدير التصنيع الحربي محمد الحسن عبد الله، بعد اعتقال دام أيام. وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان قد أكد للتلفزيون الرسمي ضلوع المدنيين الموالين للنظام المنحل في المحاولة الانقلابية بالتخطيط وتدبير أماكن الاجتماعات، وأرجع تكرار المحاولات الانقلابية إلى التلكؤ في تكوين الحكومة المدنية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.