سيندي تشاو... فنانة دخلت مجوهراتها المتاحف والمزادات

اقتحمت عالماً ذكورياً وتفوقت فيه بالفن

سيندي تشاو... فنانة دخلت مجوهراتها المتاحف والمزادات
TT

سيندي تشاو... فنانة دخلت مجوهراتها المتاحف والمزادات

سيندي تشاو... فنانة دخلت مجوهراتها المتاحف والمزادات

لا يُمكن تصور تكاليف الحراسة في معرض «ماستربيس» الذي شهدته منطقة «تشيلسي» الراقية بلندن مؤخرا. فالمعرض احتضن كل غال ونفيس في مجال الفن، من لوحات إلى منحوتات وأنتيكات ومجوهرات تُقدر بالملايين. فهذه الفعالية نخبوية موجهة للأثرياء فقط وعشاق اقتناء كل ما هو فريد. السؤال عن السعر غير وارد، بل يمكن اعتباره منافيا للإتيكيت. السبب أن قطعة مجوهرات، مثلا، استغرقت 5 سنوات لتنفيذها لم تعد مجرد قطعة للزينة. هذا على الأقل ما تؤكده أعمال الفنانة التايوانية الأصل، سيندي تشاو، التي أصبحت وجها مألوفا في مثل هذه المعارض، إن لم نقل إحدى نجومها. فقد حصلت على جائزة عن تصميم عقد «وينتر ليفس» أي أوراق الشتاء في عام 2016 باعتباره أفضل قطعة مجوهرات في معرض «بينالي باريس» الذي كانت فيه أول مصممة مجوهرات آسيوية تُدعى رسميا للمشاركة فيه. وفي هذه المرة أيضا دُعيت إلى معرض «ماستربيس لندن» حيث فازت بجائزة مماثلة عن بروش يحمل اسم «بيوني». كانت المرّة الأولى التي يُسلّم فيها المعرض هذه الجائزة إلى قطعة مجوهرات، لما يُجسّده من حرفيّة معاصرة وروعة في التصميم.
ما يجعل وجود سيندي تشاو في هذه المحافل، واعتراف صناعة الترف بها كواحدة من أهم مصممي المجوهرات في العالم مفهوما حيث إن إبداعاتها لا تُباع في المحلات، بل فقط في المعارض المتخصصة والمزادات العالمية. في المعرض اللندني الأخيرة، أطلقت على مجموعتها «فن المجوهرات» لتؤكد أنها فن أولا قبل أن تكون مجرد أحجار كريمة وتصاميم فريدة. في لقاء جانبي تشرح لـ«الشرق الأوسط»: «طبعا مجموعة (بلاك لايبل) هي طفلي الذي أصب فيه كل الحب وأطلق فيه العنان لخيالي وجنوحي للفن بكل أشكاله، لكني سعيدة أيضا بخطي الثاني (وايت لايبل). هو الآخر لا أبخل عليه بالفنية، لأني أدرك أنه هو الذي يمنحني ترف الإبداع بالطريقة التي أحلم بها».
كل قطعة في المجموعة الأولى، بلاك لايبل، تستغرق ما لا يقل عن 10 آلاف ساعة، وأحيانا قد تمتد إلى سنوات. السبب أن سيندي تُؤمن بأن الفن يجب أن يكون مثاليا. وربما هذا ما يجعلها تعيد عرض القطعة أكثر من مرة، تماما مثلما يُعاد عرض لوحة لـ«مونيه» أو فان كوغ في معارض متفرقة من العالم. قلادتها «وينتر ليفز» التي حصلت على جائزة الإبداع في عام 2016 في معرض «بينالي باريس»، كانت حاضرة في معرض «ماستربيس» اللندني الأخير. تفسير سيندي أن المناسبة لم تكن استعراضا للمجموعة فحسب، بل سردا لقصتها في عالم كان الرجل هو السيد المُطلق فيه. «لم تكن المرأة تلعب دورا كبيرا في عالم المجوهرات، وأتذكر أني وجدت محاربة شرسة في البداية من قبل العاملين في هذا المجال. لم يكونوا يتصورون أن تزاحمهم امرأة فيما توارثوه أبا عن جد، لكني استطعت أن أفرض نفسي، وهو ما أريد أن أحتفل به الآن». تقول هذا وهي تنظر إلى القلادة التي صاغتها بـ240 قيراطا من الماس الصافي وبأشكال وتقنيات تجعلها تبدو مثل أوراق غطاها الثلج لكن تنبض بالحركة والديناميكية، ما جعل رجال المهنة يستسلمون ويعترفون بموهبتها. تنتقل بعد ذلك إلى جديدها، مشيرة إلى «سكالتورا دي جيغليو» وهو سوار عريض يُجسد حبها للطبيعة، كما يُخلّد، حسب اسمه، الفنان مايكل أنجلو، مهندس عصر النهضة. استغرق ابتكاره ستّ سنوات كي يأخذ شكل لوحة مستوحاة من أجواء الربيع. استَخْدَمت فيه عدداً سخياً من الأحجار الكريمة الملوّنة، إذ إنه يتألّف من سبع وحدات تُشبه الأوراق الحقيقية، فيما رصعته بـ4428 ألماسة وألماسة ملوّنة وحجر سافير وزنها الإجمالي يفوق 180 قيراطا. تستكين بين الأحجار الكريمة الملوّنة 255 قطعة ألماس على شكل وردة تُضفي على التصميم الحياة.
من القطع الجديدة التي كشفت عنها وكانت متحمسة لإبرازها، بروش «وردة دمشق» Damask Rose، التي استلهمتها حسب قولها من رحلة قامت بها إلى عمان «انبهرت بماء الورد المعطِر الذي يستخرج من الوردة الدمشقية». بعد عودتها، كان أول ما قامت به هو رسمها وردة ببتلات متعددة ساعدها الحرفيون على صياغتها بتقنية صبّ الشمع، التي كانت شائعة في القرن الثامن عشر. والنتيجة كانت بروش يتوسّطه حجر سافير وردي مربّع وزنه 8 قراريط، تُحيط به 65 سداة مطليّة بطلاء اللكّ الفرنسي بألوان تتراوح بين الأصفر والمشمشي والوردي والوردي الفاتح والأحمر، بينما تكسو البتلات قرابة الألفَي ألماسة وأكثر من 1500 قطعة من حجر السافير الوردي بـ18 تدرّجاً لونياً. معالجة البتلات المصنوعة من التيتانيوم تمّت باستعمال أكسيد الألمنيوم حتى تتألّق بطيف غني من الألوان، يتدرّج من الوردي إلى الذهبي فالبرتقالي. أما أحدث ابتكاراتها فكانت من مجموعة Ribbon وهو بروش تتوسّطه زمرّدة كولومبية خضراء نادرة بثمانية أضلاع وزنها 38.68 قيراط. تشمل هذه القطعة أربعة شرائط مرصّعة بنحو 2600 حجر كريم، مع حواف مرصّعة بالسافير والسافير الأخضر وأحجار الألكساندريت التي تتبدّل ألوانها. هي الأخرى تمّت معالجة قاعدتها المصنوعة من التيتانيوم بأكسيد الألمنيوم لتسطع بطيف غني من التدرّجات اللونية. ليس هذا وحده مكمن جمال البروش، فالطبقة العليا منه تتمتع بآلية مرنة، تجعله يتمايل ويرتجف بشكل واقعي كلما تم لمسه. كانت سيندي، البالغة من العمر 45 عاما، تشرح خاصية كل قطعة وأهميتها بالنسبة لها وهي لا تُخفي عدم تصديقها أنها تحتفل بـ15 عاما على انطلاقتها في عالم دخلته بمحض الصدفة. تقول: إنها تُرحب بتراكم السنوات، لأنها تعني تراكم خبرتها وزيادة ثقتها بنفسها «فثقتي بنفسي زادت في السنوات الأخيرة... أصبحت أكثر جُرأة، وأشعر بحرية أكبر واستعداد أقوى لخوض أي تحديات قد تواجهني» لكن نجاح الفنانة ليس وليد السنوات الأخيرة. فقد استطاعت بعد سنوات قليلة من بدايتها أن تقتحم أعمالها المزادات العالمية، لتُباع قطعة من مجموعتها «بلاك لايبل» بنحو 10 ملايين دولار أميركي في عام 2007 أي بعد ثلاث سنوات فقط من انطلاقها.
رغم النجاح الذي حققته وقدراتها الإبداعية، لم تدرس سيندي تشاو تصميم الجواهر. كان حلمها أن تصبح معمارية مثل جدها، زي زينان، الذي صمم الكثير من المعابد في آسيا. والدها أيضا كان نحاتا معروفا ورثت عنه حب الرسم وصياغة الصور في أشكال فنية. عندما كان جدها يصحبها معه إلى المعابد التي كان يبنيها، أو تراقب والدها وهو ينحت لساعات طويلة من دون كلل تحفا فنية، كانت تقف مبهورة بأحجامها وأبعادها الثلاثية. منهما تعلمت كيف تنظر إلى الأشياء من كل الزوايا. لكن والدتها رفضت أن تمتهن ابنتها مهنة الهندسة رفضا باتا. كانت لا تزال مهنة ذكورية، تتعارض مع التقاليد والطقوس الاجتماعية الآسيوية. بل رفضت حتى فكرة أن تعمل ابنتها في مجال الديكور المنزلي الذي درسته في نيويورك. لكنها تركتها تعمل في تصميم المجوهرات. لم تكن تعرف أن ابنتها ستدخل هنا أيضا عالما استحوذ عليه الرجل لقرون من الزمن، لكنه بالنسبة لها كان أكثر نعومة. لم تندم سيندي، فقد وجدت نفسها في عالم جديد لكنه مثير ويمكنها أن تحقق فيه كل أحلامها. وهكذا بدأت تُروض الأشكال الطبيعية والكائنات البرية والمائية، مستعينة بما خزنته ذاكرتها من طرق في النحت أو بناء مبان ضخمة بأبعاد ثلاثية. «لقد توصلت إلى المعادلة التي تُسعدني». معادلة تنحت فيها قطع مجوهرات أصغر من المباني والمعابد، وأكبر من قطع مجوهرات بالمفهوم التقليدي.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
TT

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ما الذي يمكن أن يجمع دوقة ساسكس، ميغان ماركل وكايلي جينر، صُغرى الأخوات كارداشيان؟ فالأولى ترتبط بالعائلة المالكة البريطانية بحكم زواجها من الأمير هاري، والثانية تنتمي إلى عائلة بَنَتْ شهرتها على تلفزيون الواقع. خبراء الموضة يجيبون بأن هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بينهما؛ فإلى جانب الجدل الذي تثيرانه لدى كل ظهور لإحداهما، بسبب ما تُمثلانه من ثقافة يرفضها بعض الناس ويدعمها بعضهم الآخر، فإن تأثيرهما على صناعة الموضة من الحقائق التي لا يختلف عليها اثنان. ما تلبسه ميغان يتصدر العناوين وصفحات المجلات البراقة وقد ينفد من المحلات، وما تنشره كايلي جينر على صفحاتها ينتشر انتشار النار في الهشيم، في دقائق، ويلهب رغبة متابعاتها في الشراء.

كايلي في فستان «فريز» من «غالفان» (خاص) وميغان في حفل بلوس أنجليس (أ.ب)

وهذا ما يجعل المصممين لا يمانعون ظهورهما بتصاميمهم، بغض النظر عما إذا اتفقوا مع الثقافة التي ترتبط بهما أم لا، على أساس أنه مهما وصلت نسبة الجدل والانتقادات؛ فهي نافعة تعود عليهم بالربح. أو، على أقل تقدير، تسلِّط الضوء عليهم.

في عام 2018، ظهرت كل منهما بفستان مستوحى من «التوكسيدو» باللون نفسه، ومن الماركة النيوزيلندية نفسها، ماغي مارلين. ظهرت به ماركل في زيارتها الرسمية لأستراليا ونيوزيلندا رفقة زوجها الأمير هاري، من دون أكمام، بعد أن طلبت من المصممة تعديله خصيصاً لها. كايلي، وبعد مدة قصيرة، ارتدته كما هو بأكمام، الأمر الذي يشي بأنها اشترته جاهزاً. في الحالتين، أسعدتا المصممة ماغي هيويت، التي تغنَّت بهما على صفحتها بالصورتين معبرة عن إعجابها بالشخصيتين؛ خصوصاً أن المبيعات زادت بشكل ملحوظ.

الجانب التجاري

لكن هناك أيضاً اختلافات بينهما؛ فكايلي تستفيد مادياً وترويجياً، لأنها تتلقى مبالغ طائلة لقاء منشور واحد، على العكس من ميغان التي لا تستطيع ذلك، لحد الآن على الأقل، لدواعي الحفاظ على صورة راقية تعكس لقبها كدوقة بريطانية، مع العلم بأن هذا اللقب لم يمنعها من دخول مضمار أعمال تجارية لم تحقق النجاح الذي تطمح إليه.

تغريدة واحدة من كايلي جينر تحقق ما لا يحققه عرض بكامله من ناحية تسليط الأضواء (رويترز)

في المقابل، فإن كايلي جينر، ورغم سنها الغضة، تجاوزت في فترة من الفترات حاجز المليار دولار لتُصبح واحدة من أصغر سيدات الأعمال بفضل علامتها «كاي (KHY)» لمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة. أكدت، منذ بدايتها، أن الحس التجاري يجري في دمها؛ إذ شقت لنفسها خطأً مختلفاً عن أخواتها، ربما لأنها كانت تعرف أن منافستهن صعبة. ما نجحت فيه أنها استغلَّت اسم العائلة وشهرة أخواتها لتخاطب بنات جيلها بلغة تُدغدغ أحلامهن وطموحاتهن. وسرعان ما أصبحت نجمة قائمة بذاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. تغريدة واحدة منها يمكن أن تغير مسار علامة تماماً.

زِيّ من ماركة «ألتوزارا» الأميركية ظهرت بها خلال مناسبة خاصة بالصحة النفسية والعقل اعتبره كثيرون غير مناسب للمكان والزمان (رويترز)

ميغان ماركل، رغم استثماراتها ومغازلتها صُنَّاع الموضة، لا تزال تستمد بريق صورتها من ارتباطها بالأمير هاري. على المستوى الربحي، لم تنجح في أن تنتقل من رتبة مؤثرة إلى درجة سيدة أعمال، كما لم تنجح في كسب كل القلوب، وهذا ما يجعل شريحة مهمة ترفض وصفها بأيقونة موضة، وتصف اختياراتها بـ«غير الموفقة». هذه الشريحة تستشهد إما بارتدائها تصاميم بمقاسات أكبر أو أصغر من مقاسها الحقيقي، أو تصاميم من ماركات عالمية لا تناسب شكلها أو طولها، وهلمّ جرّا.

ميغان ماركل رغم تأثيرها تثير كثيراً من الجدل بين رافض ومعجب (كارولينا هيريرا)

بيد أن قوتها، بالنسبة للمعجبات بها، كانت، ولا تزال، تكمن في عيوبها؛ فلأنها لا تتمتع بمقاييس عارضات الأزياء، ولا تشبه «كنَّتها»، أميرة ويلز، كاثرين، رشاقةً وطولاً، فإنها تُعبِّر عنهن. كل فتاة أو امرأة، بغض النظر عن عيوبها ومقاييسها، ترى نفسها في إطلالاتها. فعندما ظهرت بصندل من شركة «كاستنر» الإسبانية مثلاً ارتفعت مبيعاتها بنسبة 44 في المائة مباشرة، لأنها خاطبت شرائح من الطبقات المتوسطة، نظراً لأسعارها المعقولة. علامات محلية كثيرة لم تكن معروفة اكتسبت عالمية بمجرد أن ظهرت بها، لا سيما في السنوات الأولى من زواجها، حين كانت بالنسبة للبعض بمثابة «سندريلا» معاصرة. ساهمت أيضاً في تسليط الضوء على علامة «Club Monaco»، بعد ظهورها بفستان مستوحى من القميص، أي بإزار من الصدر إلى الأسفل، حين ظهرت به أول مرة خلال زيارتها الرسمية لجنوب أفريقيا.

لم يكن التصميم ثورياً أو جديداً، لكنه فتح عيون المرأة عليه، ليزيد الإقبال عليه بنسبة 45 في المائة وينفذ من الأسواق خلال 24 ساعة. كان لها نفس التأثير الإيجابي على علامات مثل «جي كرو» و«جيفنشي» و«ستيلا ماكارتني» وغيرهم. منصة «ليست»، وهي أيضاً شركة تسوُّق أزياء عالمية تربط العملاء بتجار تجزئة الأزياء رشحتها «كأهم مؤثرة لعام 2018». بيد أن تأثيرها ظلَّ مستمراً حتى بعد خروجها من المؤسسة البريطانية في عام 2020، وإن خفَّ وهج صورتها بعض الشيء.

البحث عن الجاكيت الذي ظهرت به ميغان في ألمانيا لدى حضورها ألعاب «إنفيكتوس» عطل موقع «جي كرو» (رويترز)

موقع «جي كرو» مثلاً تعطَّل في سبتمبر (أيلول) 2023، بسبب البحث عن سترة بيضاء ظهرت بها لدى مرافقتها زوجها، الأمير هاري، إلى ألمانيا، لحضور ألعاب «إنفيكتوس».

ولأنها باتت تَعرِف قوة تأثيرها على الموضة، استثمرت مؤخراً في علامة «سيستا كوليكتيف»، وهي علامة حقائب تصنعها نساء من رواندا، وتكتمل تفاصيلها في إيطاليا، لتحمل صفة «صُنع باليد». قالت إنها اكتشفتها بالصدفة وهي تقوم بعملية بحث عبر الإنترنت على حقائب مستدامة. ظهرت بالحقيبة أول مرة في مايو (أيار) من عام 2023 لدى حضورها حفل عشاء مع كل من غوينيث بالترو وكاميرون دياز في لوس أنجليس.

عروض الأزياء العالمية

ومع ذلك، لم نرَ ميغان ماركل بأي عرض أزياء في نيويورك أو في باريس أو ميلانو حتى الآن، باستثناء حضورها في عام 2018 حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية ضيفةَ شرفٍ لتقديم جائزة العام لمصممة فستان زفافها، كلير وايت كيلر، التي كانت مصممة «جيفنشي» آنذاك. لكن كان هذا حفلاً وليس عرض أزياء.

اختتمت عرض «كوبرني» كسندريلا في فستان من التافتا أسود (رويترز)

كايلي جينر، ورغم رفض الثقافة التي تمثلها هي وأخواتها من قبل شريحة مهمة، أصبحت في السنوات الأخيرة وجهاً مألوفاً في عروض باريس. تُستقبل فيها استقبال نجمات الصف الأول. في الموسم الماضي، وخلال «أسبوع باريس لربيع وصيف 2025»، سجَّلَت في 3 ظهورات لها فقط ما يوازي ما قيمته أكثر من 20.3 مليون دولار، حسب بيانات «إنستغرام» وحده، إذا أخذنا أن «لايك» واحداً يساوي دولاراً.

لهذا ليس غريباً أن يتهافت عليها المصممون. نعم، هي مثيرة للجدل وأسلوبها لا يروق لكل الزبونات، لكنها في آخر المطاف توفر المطلوب من ناحية تسليط الضوء عليهم. ففي عالم الموضة والتجارة «أي دعاية حتى وإن كانت سلبية هي دعاية مجدية وأفضل من لا شيء». لم يقتصر حضورها في الموسم الباريسي ضيفةً فحسب، بل عارضة في عرض «كوبرني» المستلهم من عالم «ديزني». كانت هي مَن اختتمته في فستان من التافتا بإيحاءات قوطية تستحضر صورة «سندريلا».

تأثير إيجابي

3 مقاطع فقط من فيديو العرض، ولقطات من خلف الكواليس حققت 14.4 مليون مشاهدة؛ ما جعل علامة «كوبرني» تحقق 66 في المائة من إجمالي قيمة التأثير الإعلامي. كانت مشاركتها مخاطرة، لكنها أعطت ثماراً جيدة حسب تصريح الدار. تجدر الإشارة إلى أن «كوبرني» لمست تأثيرها القوي في عام 2022، عندما ظهرت في دعاية لمستحضرات التجميل الخاصة بها، وهي تحمل حقيبة من «كوبرني». ما إن نُشرت الصور، حتى زادت مبيعات الحقيبة بشكل كبير. في عرض الدار لخريف وشتاء 2023. لم تتمكن كايلي من الحضور إلى باريس، لكنها لم تغب؛ إذ نشرت صورة لها في زي من التشكيلة المعروضة، شاهدها الملايين من متابعيها، وحقَّقت ما لم يحققه العرض بالكامل من ناحية المشاهدات و«اللايكات».

كايلي جينر لدى حضورها عرض «سكاباريلي» بباريس (سكاباريلي)

وإذا كان الشك لا يزال يراود البعض على مدى تأثيرها على أساس أن علامة «كوبرني» لها شعبيتها الخاصة التي تستمدها من قدرة مصمميها على الإبداع وخلق الإثارة المسرحية أمام الضيوف، فإن تأثيرها الإيجابي على علامة «أتلين» الفرنسية الناشئة تُفند هذه الشكوك. وجودها في عرضها لربيع وصيف 2025 كان له مفعول السحر؛ حيث حققت لها ما يوازي 11.6 مليون دولار من المشاهدات واللايكات. طبعاً لا ننسى حضورها عرض «سكاباريلي» بتصميمٍ أثار انتباه العالم لغرابته وسرياليته.

رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

«كايلي» لا تقوم بأي حركة أو فعل من دون مقابل. حتى عندما تختار علامات ناشئة للتعاون مع علامتها الخاصة «كاي (Khy)»؛ فهي تؤمن بأنه لا شيء بالمجان. وهذا تحديداً ما يجعلها تتفوق على ميغان ماركل من ناحية التأثير التجاري حسب الأرقام والخوارزميات. الفضل يعود أيضاً إلى نجاحها في استقطاب شريحة مهمة من بنات جيلها تخاطبهن بلغة تُدغدغ أحلامهن. ماركل في المقابل لم تنجح لحد الآن في الخروج من جلباب لقبها كدوقة ساسكس.