الزهار: سنبحث بدائل لـ {حكومة التوافق الفاشلة} بعد انتهاء مدتها

قيادي حركة حماس طالبها بدفع رواتب الموظفين فورا ومن دون تأخير

الزهار: سنبحث بدائل لـ {حكومة التوافق الفاشلة} بعد انتهاء مدتها
TT

الزهار: سنبحث بدائل لـ {حكومة التوافق الفاشلة} بعد انتهاء مدتها

الزهار: سنبحث بدائل لـ {حكومة التوافق الفاشلة} بعد انتهاء مدتها

قال القيادي الكبير في حركة حماس، محمود الزهار، إن حركته ستنظر في بدائل حكومة التوافق الحالية التي اتفق عليها بين فتح وحماس، بعد انتهاء مدتها (6 أشهر)، في إشارة إلى أن الحركة لن تجدد للحكومة التي تنتهي مدتها بعد شهرين ونصف الشهر.
وأضاف الزهار في ندوة سياسية أقيمت في غزة: «سنعطي الحكومة فترتها، وبعد ذلك سنفكر في البدائل، ولا نستطيع أن نبقي الشعب وبرنامج المقاومة رهنا لهؤلاء الذين لم يحققوا أي إنجاز». كما هاجم الزهار حكومة التوافق، في الوقت الذي تطلب فيه السلطة تمكين الحكومة من السيطرة على غزة، بقوله: «هذه حكومة فاشلة ولم تستطع أن تحقق شيئا واحدا».
ويعد هجوم الزهار أعنف هجوم ضد حكومة رامي الحمد الله، التي تتهمها حماس بالتقصير بشأن غزة.
وأضاف الزهار: «عندما يقول رئيس الحكومة الحمد الله أنا موظف عند أبو مازن، فإذن هو ليس رئيس حكومة وفاق، وإنما حكومة فتح».
وكانت حماس قد شنت أكثر من هجوم على حكومة التوافق بسبب عدم صرفها رواتب موظفي حكومة الحركة السابقة، وأيضا بسبب اتهامات لها بالتقصير في معالجة شؤون الناس في غزة. وردت السلطة، من جهتها، باتهام حماس بالسيطرة على القطاع عبر حكومة ظل، وبعدم تمكين حكومة التوافق من أداء عملها.
ودعا الزهار مجددا حكومة الوفاق الوطني إلى دفع رواتب موظفي حكومة غزة السابقة فورا ومن دون تأخير. لكن الحكومة ترفض ذلك.
وكانت الحكومة قد أدت اليمين في الثاني من يونيو (حزيران) الماضي، بعد توقيع اتفاق مصالحة بين حماس وفتح، وجرى الاتفاق على أن يستمر عملها 6 أشهر فقط لحين إجراء انتخابات عامة.
واستبعد الزهار أن يجري الرئيس محمود عباس أي انتخابات في الوقت الحالي.. «نظرا لارتفاع شعبية المقاومة وحماس»، حسب تعبيره. وسخر من حديث الرئيس الفلسطيني بأن قرار السلم والحرب يجب أن يكون بيد السلطة. وقال بهذا الخصوص: «الذين ذهبوا إلى مدريد وإلى أوسلو (اتفاقات سلام) لم يستشيروا أحدا، والآن يريدون منا أن نستشيرهم». وتابع موضحا: «إذا كانت حركة فتح لا تؤمن بالمقاومة المسلحة، ورئيسها أبو مازن يجرّم الانتفاضة بالحجر، فكيف نستشيره في قرار الدفاع عن النفس أو الحرب والسلم كما يقول.. ثم إن حماس لم تشن حربًا على الاحتلال حتى تشاور أحدا، بل تم الاعتداء على غزة، وكانت المقاومة في حالة دفاع عن شعبها».
ونفى الزهار أن تكون حركته قد أعطت تصريحا للرئيس الفلسطيني محمود عباس بالموافقة على حدود فلسطين في عام 1967، قائلا: «نحن لن نؤيده حتى لا نتحمل مسؤولية فشله، ولكن لن نضع له العصا في دولابه كذلك».
وتوقع الزهار أن يكون هناك لقاء قريب بين فتح وحماس لبحث آخر تطورات المصالحة والاتفاقات الموقعة، كما تحدث أيضا عن الحرب الأخيرة، وقال إن المقاومة انتصرت بكل الطرق، وإن «غزة أصبحت محرمة على الاحتلال والمقاومة ستطور أدواتها». وأضاف بهذا الخصوص: «اليوم نقول إننا نستطيع أن نحرر فلسطين.. كل فلسطين، ومن حق الشعب الفلسطيني أن يقوم، وأن يجهز لبرنامج المقاومة بالترتيب مع كل الجهات الفلسطينية، حتى تبقى بندقيتنا نحو الاحتلال فقط».
ورأى الزهار أنّ كل من دفع قرشا واحدا للمقاومة هو شريك في الانتصار، سواء أكانت إيران أم غيرها، وقال في هذا الشأن «إيران دفعت من الأموال ما ثبَّت حكومة المقاومة والعمل العسكري وتقنية التطوير، وبالتالي فهي شريك في الانتصار».
ورفض الزهار أي تقليل من انتصارات المقاومة قائلا: «بريطانيا انتصرت وقد دُمر كل بيتٍ فيها، وكذلك فيتنام وغيرها من الدول التي تحررت.. نتائج الحرب ليست مرتبطة بحجم الدمار أو الخسائر، بل مرتبطة بدرجة التأثير الاستراتيجي والسياسي».
وتطرق عضو المكتب السياسي في حماس إلى المفاوضات المتوقعة في القاهرة بين وفد فلسطيني وآخر إسرائيلي بوساطة مصرية خلال الأسبوع المقبل، وقال بهذا الخصوص: «الوفد الفلسطيني لم يكن يخوض مفاوضات سياسية في القاهرة.. لم نكن نفاوض على قضايا سياسية، بل تفاوضنا على إجراءات رفع الحصار»، لكنه رفض تقديم أي توقعات بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار، وقال إن هذه المفاوضات لن تتضمن ما تطالب به إسرائيل بخصوص الإفراج عما لدى الحركة من أسرى وأشلاء جنود، مضيفا أن هذا ملف منفصل يجري حصرا بين الجهة الخاطفة وإسرائيل فقط.
كما أشار الزهار إلى موضوع إعادة إعمار غزة، وقال إنه سيحسم خلال أسبوعين، مضيفا: «إن الاحتلال قرر أن يلتزم بإجراءات رفع الحصار من خلال دخول الإسمنت، وهو يبحث فقط الآن عن جهة تراقب دخول الإسمنت، في محاولة لإظهار نفسه كجهة قوية بعد سقوطه في الحرب»، مضيفا أن حركته شرعت في إعادة ترميم وتطوير الأنفاق الأرضية عقب المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، وأنه «لا يوجد ما يمنع» حماس وفصائل المقاومة من إعادة ترميم قدراتها استعدادا لأي مواجهة قادمة.
وعد الزهار أن حماس «حققت نصرا استراتيجيا على إسرائيل التي فشلت في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، خاصة ما يتعلق بنزع سلاح المقاومة والقضاء كليا على الأنفاق»، وقال إن 400 جندي إسرائيلي قتلوا في المواجهة الأخيرة، منهم 120 جنديا في عمليات قنص، مضيفا أنه يتحدى إسرائيل أن تكشف عن الأرقام الحقيقية لعدد القتلى والجرحى من جنودها، وأن قطاع غزة بات محرما أن تدخله إسرائيل، كما دعا إلى تطبيق نموذج المقاومة المسلحة في الضفة الغربية «وفي حينها سنكون أقرب إلى تحرير كل فلسطين».
وأكد الزهار أيضا على أن حماس ستفاوض على الجنود الإسرائيليين الموجودين لديها، لكن بعد رفع الحصار، في إشارة إلى تضمين كل الملفات مرة واحدة خلال المفاوضات المرتقبة، وليس تجزئتها.



«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)

رغم قناعتهم بأنه الملجأ وقت الأزمات، وأنه الطريق الذي «لا بديل عنه» عندما تعصف التحديات الاقتصادية بالدولة، تجمع شراكة «قلقة» مصريين بـ«صندوق النقد الدولي»، وسط مخاوف عميقة من تبعات الالتزام بشروطه وتأثيرها في قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية، حتى باتت صورة الصندوق لدى كثيرين أشبه بـ«الدواء المر»، يحتاجون إليه للشفاء لكنهم يعانون تجرعه.

على قارعة الطريق جلست سيدة محمود، امرأة خمسينية، تبيع بعض الخضراوات في أحد شوارع حي العجوزة، لا تعلم كثيراً عن صندوق النقد وشروطه لكنها تدرك أن القروض عادةً ما ترتبط بارتفاع في الأسعار، وقالت لـ«الشرق الأوسط» ببساطة: «ديون يعني مزيداً من الغلاء، المواصلات ستزيد والخضار الذي أبيعه سيرتفع سعره».

وتنخرط مصر حالياً في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي تم الاتفاق عليه في نهاية 2022، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، قبل أن تزيد قيمته في مارس (آذار) الماضي إلى ثمانية مليارات دولار، عقب تحرير القاهرة لسعر الصرف ليقترب الدولار من حاجز الـ50 جنيهاً. وتلتزم مصر في إطار البرنامج بخفض دعم الوقود والكهرباء وسلع أولية أخرى، مما دفع إلى موجة غلاء يشكو منها مصريون.

«دواء مر»، هكذا وصف الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، قروض صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى ما يثيره «الصندوق»، في نفوس المصريين من «قلق»، ارتباطاً بما تولِّده «الديون والقروض» في نفوسهم من «أعباء ومخاوف».

يقول بدرة لـ«الشرق الأوسط» إن «المصريين دائماً ما يتحفزون ضد الصندوق نظراً لمتطلباته التي عادةً ما تؤثر في حياتهم وتزيد من أعبائهم المالية». وفي الوقت نفسه يؤكد بدرة أنه «لم يكن هناك باب آخر أمام الدولة المصرية إلا الصندوق في ظل أزمة اقتصادية بدأت عام 2011، وتفاقمت حدتها تباعاً».

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد أكد خلال لقائه ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الأحد، في القاهرة أن «أولوية الدولة هي تخفيف الضغوط والأعباء عن كاهل المواطنين».

وتأتي زيارة غورغييفا للقاهرة عقب دعوة السيسي، نهاية الشهر الماضي، لمراجعة قرض صندوق النقد مع مصر «حتى لا يشكل عبئاً على المواطن» في ظل التحديات الجيوسياسية التي تعاني منها البلاد، وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن «المراجعة الرابعة للقرض ستبدأ الثلاثاء»، وهي واحدة من أصل ثماني مراجعات في البرنامج.

الوصفة الاقتصادية القياسية التي يقدمها صندوق النقد عادةً ما ترتبط بالسياسة النقدية والمالية، لكنها «لا تشكل سوى ثلث المطلوب لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والهيكلي»، حسب الخبير الاقتصادي هاني توفيق الذي أشار إلى أنه «لا ينبغي ربط كل الأعباء والتداعيات الاقتصادية بقرض صندوق النقد».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اشتراطات صندوق النقد أو متطلباته أمور منطقية لكن لا بد أن تمتزج بخطوات إصلاح هيكلي اقتصادي لتحفيز الاستثمار والنظر في الأولويات».

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط» إن «صندوق النقد كأي مؤسسة مالية أخرى هو جهة مقرضة، لديها شروط مرتبطة بحجم مخاطر الدين وبأجندتها التي قد لا تتوافق دائماً مع أجندة الدولة وأولوياتها الوطنية».

ولفت نافع إلى أن «دراسات عدة أشارت إلى أن برامج صندوق النقد عادةً ما تحقق أهدافاً جيدة على المدى القصير من حيث كبح جماح التضخم وتحرير سعر الصرف، لكنها على المدى الطويل قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على مستويات النمو الاقتصادي ونسب عجز الموازنة والبطالة».

لكن رغم ذلك يؤكد نافع أن «مصر كانت بحاجة إلى قرض صندوق النقد»، فهو على حد وصفه «شهادة دولية تتيح لمصر الحصول على تمويلات أخرى كانت في أمسّ الحاجة إليها في ظل أزمة اقتصادية طاحنة».

علاقة مصر مع صندوق النقد تاريخية ومعقدة، ويرتبط في مخيلة كثيرين بوصفات صعبة، تدفع نحو اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية، وربما كان ذلك ما حفَّزهم أخيراً لتداول مقاطع فيديو للرئيس الراحل حسني مبارك يتحدث فيها عن رفضه الانصياع لشروط الصندوق، حتى لا تزيد أعباء المواطنين، احتفى بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وهنا يرى بدرة أن «الظروف السياسية والاقتصادية في عهد مبارك كانت مغايرة، والأوضاع كانت مستقرة»، مشيراً إلى أن «مبارك استجاب لمتطلبات الصندوق وحرَّك سعر الصرف لتصل قيمة الدولار إلى 3.8 جنيه بدلاً من 2.8 جنيه».

واتفق معه توفيق، مؤكداً أن «الوضع الاقتصادي في عهد مبارك كان مختلفاً، ولم تكن البلاد في حالة القلق والأزمة الحالية».

ووفقاً لموقع صندوق النقد الدولي، نفّذت مصر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق، بقيمة 1.850 مليار دولار، لكنها لم تصرف سوى خمس المبلغ فقط، ما يعادل 421.3 مليون دولار. حيث تم إلغاء وعدم استكمال بعضها، بعد أن مكَّن الاتفاق مع الصندوق مصر من إلغاء 50 في المائة من دينها الرسمي في «نادي باريس».

ولتلافي التداعيات السلبية لقرض «صندوق النقد» أو على الأقل الحد منها، شدد نافع على «ضرورة الموازنة بين متطلبات (صندوق النقد) وبين أجندة الدولة الإصلاحية».

وقال: «تعديل شروط الصندوق أو تأجيل تنفيذ بعضها ليس صعباً في ظل أن الهدف الأساسي من الخطة، وهو كبح التضخم، لم يتحقق»، مشيراً في السياق نفسه إلى أن «الصندوق أيضاً متورط ويرى أن عدم نجاح برنامجه مع مصر قد يؤثر سلباً في سمعته، مما يتيح إمكانية للتفاوض والتوافق من أجل تحقيق أهداف مشتركة».

وانضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 1945، وتبلغ حصتها فيه نحو 1.5 مليار دولار، وفقاً لموقع الهيئة العامة للاستعلامات، الذي يذكر أن «تاريخ مصر مع الاقتراض الخارجي ليس طويلاً، وأن أول تعاملاتها مع الصندوق كان في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عامَي 1977 و1978 بهدف حل مشكلة المدفوعات الخارجية وزيادة التضخم».

وعقب أحداث 2011 طالبت مصر بالحصول على قرض من الصندوق مرة في عهد «المجلس العسكري» ومرتين في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، لكنها لم تحصل عليه. وعام 2016 وقَّعت مصر اتفاقاً مع الصندوق مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار. وعام 2020 حصلت مصر على 2.77 مليار دولار مساعدات عاجلة للمساهمة في مواجهة تداعيات الجائحة، وفقاً لهيئة الاستعلامات.