الفرقة الرابعة تحصن وجودها في جنوب سوريا

مصادر قالت إن ذلك جاء «بعد تعرضها لهجمات»

TT

الفرقة الرابعة تحصن وجودها في جنوب سوريا

قالت مصادر محلية في جنوب سوريا إن قوات النظام السوري استقدمت مؤخراً تعزيزات عسكرية من قوات «الغيث» التابعة للفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، وتمركزت هذه التعزيزات عند وصولها في المربع الأمني بمدينة درعا المحطة، ليتم نقلها لاحقاً إلى مناطق متفرقة في ريف درعا الغربي ومحيط المدينة والريف الأوسط، وعلى حواجز ومقرات موجودة في مناطق التسويات أو في محيطها.
وأوضحت المصادر أن التعزيزات لم تنتشر في مناطق جنوب سوريا كافة، واقتصرت هذه التعزيزات على زيادة في عدد عناصر بعض الحواجز التابعة للفرقة الرابعة، أو دعماً لوجيستياً وتحصينات عسكرية لمواقعها، وانتشرت في مناطق التسويات جنوب سوريا أو عند محيط هذه المناطق، خصوصاً التي يسيطر عليها حالياً مقاتلون من المعارضة سابقاً الذين انضموا للفرقة الرابعة بعد إجراء اتفاق التسوية مع النظام السوري في يوليو (تموز) العام الماضي 2018. وأخرى كانت في المناطق التي تشهد أعمال مضادة ينفذها مجهولون، أو تتبناها ما يعرف باسم المقاومة الشعبية ضد وجود قوات النظام في المنطقة الجنوبية، حيث شهدت مناطق جنوب سوريا منذ دخولها في اتفاق التسوية قبل عام عمليات استهداف لحواجز ومقرات لقوات النظام السوري، خصوصاً في المناطق التي انتشرت بها قوات الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية.
ورجحت المصادر أن يكون الهدف من وراء إرسال تعزيزات من الفرقة الرابعة إلى جنوب سوريا تحصين مواقعها، وتثبيت نقاطها الممتدة في ريف درعا الغربي من ضاحية درعا إلى مناطق حوض اليرموك ومعسكراتها في زيزون، وزيادة العناصر الأساسية على عناصر التسويات التي انضمت للفرقة الرابعة في المنطقة الجنوبية لإحكام السيطرة على منطقة جغرافية واسعة تخضع لأوامر سلطة عسكرية واحدة، بهدف ربط المناطق التي تنتشر فيها قوات الرابعة منذ بدء اتفاق التسوية جنوب سوريا، ما يسهل خطوط الإمداد بين نقاط انتشارها في القرى والبلدات أو على أطرافها وبين مقرات تجمعهم، للحد من الهجمات التي تتعرض لها قوات الفرقة الرابعة في المنطقة، وإحكام السيطرة على المنطقة في حال عاد التوتر إليها، خصوصاً أن هناك مناطق في جنوب سوريا لم تدخلها قوات النظام السوري، وتخضع لسيطرة فصائل كانت معارضة وانضوت ضمن مناطق التسوية برعاية روسية، مثل مدينة طفس.
وأشار المصدر إلى أن حواجز الفرقة الرابعة ومقراتها تتعرض للاستهدافات المتكررة في المنطقة الجنوبية، كان أكبرها في الشهر الماضي عندما تعرضت قوات من الفرقة الرابعة إلى عملية استهداف هي الأكبر من نوعها منذ اتفاق التسوية الأخير، حيث استهدف مجهولون حافلة تقل ضباطاً وصف ضباط وعناصر من مرتبات الفرقة الرابعة على طريق مدينة درعا وبلدة اليادودة، غرب درعا، ما أسفر حينها عن مقتل 5 عناصر للرابعة، بينهم ضابط، وجرح ما يزيد على 10 آخرين.
وسادت حالة من القلق بين السكان في مناطق جنوب سوريا الخاضعة لاتفاق التسوية، خصوصاً في مناطق درعا الغربية، بعد الأنباء التي تحدثت عن استقدام الفرقة الرابعة لتعزيزات عسكرية إلى المنطقة، لا سيما أن تلك المناطق تحوي أعداداً كبيرة من المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية من أبناء المنطقة الرافضين للالتحاق، ومطلوبين للأفرع الأمنية، ملتزمين في مناطقهم وينتظرون إزالة مذكرات الاعتقال الصادرة بحقهم بموجب اتفاق التسوية، ما أثار مخاوف الأهالي في إعادة القبضة الأمنية على المنطقة، وعودة الاعتقالات على الحواجز، أو سوق أبناء المنطقة بشكل مباشر للخدمة الإلزامية.
يذكر أن قوات من الفرقة الرابعة في أواخر الشهر الماضي دخلت مناطق التسوية في ريف القنيطرة الشمالي، بهدف الانتشار ونصب حواجز لها في المنطقة. ورغم تجمع الأهالي في أول يوم لوصول التعزيزات العسكرية إلى المنطقة ورفضهم نصب الحواجز، تعنتت قوات الفرقة الرابعة ونصبت ثلاث حواجز عسكرية في المنطقة الخاضعة لاتفاق التسوية، على الطرق الواصلة بين بلدات جباتا الخشب وقرية أوفانيا، وعلى طريق عين البيضا، وهي طرق فرعية يستخدمها أهالي المنطقة للابتعاد عن الطرق الرئيسية التي تنتشر بها حواجز النظام، ولم يستمر وجود قوات الرابعة في تلك المنطقة إلا أيام قليلة، وانسحبت بعد ضغط شعبي أدى إلى اتفاق بين وجهاء محليين من تلك المناطق مع قيادة الفرقة السابعة التابعة للجيش السوري في القنيطرة التي طلبت انسحاب حواجز الرابعة من المنطقة على الفور.
يشار أن «قوات الغيث» التابعة للفرقة الرابعة قد شاركت قبل عام في المعارك التي جرت في مناطق جنوب سوريا قبل الاتفاق بين المعارضة والنظام برعاية روسية على اتفاق التسوية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.