أزمة السكن في لبنان... حلول مؤقتة في غياب سياسة إسكانية طويلة الأمد

اقتراحات قوانين لتمويل القروض المدعومة عبر «المؤسسة العامة للإسكان»

بلغ عدد الوحدات السكنية الشاغرة والمعروضة للبيع 50 ألف شقة في لبنان (الشرق الأوسط)
بلغ عدد الوحدات السكنية الشاغرة والمعروضة للبيع 50 ألف شقة في لبنان (الشرق الأوسط)
TT

أزمة السكن في لبنان... حلول مؤقتة في غياب سياسة إسكانية طويلة الأمد

بلغ عدد الوحدات السكنية الشاغرة والمعروضة للبيع 50 ألف شقة في لبنان (الشرق الأوسط)
بلغ عدد الوحدات السكنية الشاغرة والمعروضة للبيع 50 ألف شقة في لبنان (الشرق الأوسط)

فاقم توقيف صرف القروض السكنية المدعومة، الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، في ظل اعتماد «الحلول المؤقتة»، وغياب تام للسياسات الإسكانية طويلة الأمد، بموازاة مؤشرات تتحدث عن تضرر العمل في 60 قطاعاً اقتصادياً، وتراجع حركة العقارات والاستثمار فيها، حتى بلغ عدد الوحدات السكنية الشاغرة والمعروضة للبيع 50 ألف شقة.
وبدأت أزمة القروض السكنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، حين أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تعميماً منع بموجبه المصارف من استعمال جزء من أموالها المودعة، لدى المصرف المركزي كاحتياطي إلزامي لتمويل مشروعات لها علاقة ببعض القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، (ومنها السكن) بسبب قيام المصارف باستعمال الكوتا المخصصة لها من الحوافز التي قدمها مصرف لبنان بسرعة قياسية. وهو ما تسبب في نشوء أزمة سكنية، كان لها أثرها السلبي الكبير على القطاع العقاري ككل. وعلت الأصوات المنتقدة لغياب الدولة في هذ المجال، ولعدم وجود سياسة إسكانية عامة، تراعي وتؤمن حلاً جذرياً لسكن الطبقات الوسطى، بدل اللجوء إلى قروض غير متوافرة دائماً.
وفي ظل أزمة القروض السكنية المستمرة، يبدو أن الحل المؤقت الذي لا غنى عنه في المرحلة الحالية، هو المؤسسة العامة للإسكان التي تغطي 60 في المائة من القروض السكنية.
ويقول المدير العام للمؤسسة روني لحود لـ«الشرق الأوسط»، إن سبب وقف منح قروض من قبل المؤسسة العامة، هو فرط استعمال المصارف التجارية للاحتياطي الإلزامي، حيث منحت قروضاً مدعومة وصلت قيمتها إلى المليار ليرة (نحو 650 مليون دولار) في فترة قصيرة جداً. فضلاً عن التعميم 503 الصادر عن المصرف المركزي الذي منع أن يزيد صافي التسليفات الممنوحة من المصرف للقطاع الخاص بالليرة اللبنانية عن 25 في المائة من مجموع ودائع الزبائن لديه بالليرة اللبنانية.
ويشير لحود إلى أن مصرف لبنان تدخل بمنح رزم تحفيزية في آخر 2018 وأوائل العام الحالي، لحل الملفات العالقة من طلبات قروض الإسكان، عبر تعميم حمل الرقم 313 قضى بإعطاء 790 مليار ليرة (نحو الـ530 مليون دولار) لدعم القروض السكنية. لكن ما قيمته 490 ملياراً من هذا المبلغ كان استخدم في عام 2018، واحتسب من الدعم المخصص لعام 2019، ما أبقى فعلياً مبلغ 300 مليار ليرة لبنانية (200 مليون دولار)، وهو مبلغ غير كافٍ لتغطية الطلب الموجود على القروض.
ويعتبر لحود أن المبلغ المتبقي من الدعم الممنوح من مصرف لبنان، أي ما قيمته 200 مليون دولار، لا يغطي أكثر من ثلث حاجة المؤسسة التي تمنح وحدها 5 آلاف طلب سنوياً، مع إشارته إلى أن هذا المبلغ لم يكن مخصصاً فقط للمؤسسة العامة، بل كان يجب توزيعه على الجهاز العسكري للإسكان، ومصرف الإسكان والمصارف التجارية. وهو ما أبقى الأبواب موصدة أمام إنهاء هذه الأزمة، وتسيير أمور المواطنين العالقة.
تعميم آخر أصدره حاكم مصرف لبنان، حمل الرقم 515، صدر في 30 يناير (كانون الثاني) الماضي، لم يكن مرحباً به من قبل المصارف، ولم يعمل به إلا من قبل 10 مصارف فقط، بسبب الشروط التي وضعها حاكم مصرف لبنان، لتجنب الوقوع بفخ ما حصل سابقاً، حيث تمادت المصارف في منح قروض بمبالغ مرتفعة جداً، لكن فائدتها مدعومة. ومن أبرز الشروط التي وضعها مصرف لبنان في هذا التعميم، إيداع دولارات مقابل الليرة، والشرط الثاني هو سعر الفائدة التي حددها المصرف المركزي بـ9.5 في المائة، على أن يتحمل المواطن منها فقط 5.5 في المائة، فاعتبرت المصارف أنها في خانة الخاسرين إذا منحت هذه القروض، لا سيما وأن سعر فائدة السوق الاسمية، هو 13.5 في المائة، لذلك قامت بمنح قروض لموظفيها، وتجار الأبنية، من هذه الرزمة، الذين هم بالأساس مدينون بقروض بناء من قبلها. وحسب مصرف لبنان، استفادت المؤسسة العامة للإسكان بنسبة 25 في المائة من الـ300 مليار (200 مليون دولار)، وغطت، حسب لحود، 500 طلب لقرض إسكان مدعوم.
ويشير لحود إلى اقتراحات حلول عدة، وأكثرها فاعلية هو اقتراح قانون في مجلس النواب، يتمثل في طابق الواجهة الخامسة، حيث تعود نسبة 80 في المائة المستوفاة من رسوم العائدات منه، إلى المؤسسة العامة للإسكان، لمنح القروض. وأيضاً، يضيف لحود، هنالك القانون الذي صدر أخيراً وهو قانون تسوية مخالفات البناء، الذي يمنح المؤسسة 30 في المائة من الرسوم التي يستوفيها، والتقديرات تقول بأنه سيدخل إلى خزينة الدولة مليار دولار، تستفيد منها المؤسسة بـ300 مليون دولار، تغطي نحو 2500 طلب، بمنح قروض مباشرة عبر المؤسسة، أو من خلال المصارف، ولكن الكوتا والشروط تكون موضوعة من قبل المؤسسة العامة للإسكان.
أزمة اقتصادية
انعكس تداعي قطاع العقارات على الحركة الاقتصادية في البلاد. وتشير التقديرات إلى تضرر 60 قطاعاً جراء أزمة وقف قروض الإسكان، أكثرهم القطاع العقاري. ويقول أمين سر جمعية مطوري العقاري في لبنان مسعد فارس لـ«الشرق الأوسط»، إن أزمة القطاع العقاري بدأت عام 2011، لكنها تفاقمت عام 2017 حين عدّل مصرف لبنان رزم الدعم للقطاع العقاري.
وأزمة الإسكان كان لها تأثير على حركة العقارات، والاستثمار فيها. ففي لبنان يوجد حالياً 50 ألف شقة شاغرة، وغير مباعة.
وتتخطى الكتلة المالية المجمدة بالسوق العقارية الـ15 مليار دولار، حسب ما يكشف فارس، علماً بأن حجم القطاع العقاري اللبناني يصل إلى 20 مليار دولار، وحجم القطاع يمثل ثقلاً على الاقتصاد في حال جموده، في ظل ارتفاع كلفة القروض مع اشتداد الأزمة السياسية.
ويشير فارس إلى أن انخفاض أسعار الشقق في عام 2018 عما كانت عليه في عام 2010، بلغت نسبته 40 في المائة للشقق الفخمة، و20 في المائة للشقق المتوسطة وما دون المتوسطة.
ويفند فارس، الحركة العقارية، فخلال شهر يناير (كانون الثاني) 2019، تراجع النشاط العقاري في لبنان، بحيث انخفض عدد معاملات البيوعات بنسبة 39.16 في المائة، وانكمشت قيمة المعاملات العقارية، بنسبة 38.58 في المائة.
أساس المشكلة
فيما يتطلع اللبنانيون إلى حل جذري لأزمة القروض، يترقبون ما إذا كان عام 2020 سيحمل مفتاح الحل الملائم لقدرة الطبقة الوسطى والفقيرة على شراء الوحدات السكنية في ظل غياب أي رؤية لحل طويل الأمد حتى الآن.
وترى أستاذة الدراسات الحضارية والتخطيط في الجامعة الأميركية في بيروت منى فواز، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن لب المشكلة يكمن في اعتبار الأرض سلعة للعرض والشراء من دون النظر إلى قيمتها الاجتماعية، وتعززت نظرية الأرض - السلعة بعد عام 2008 حين تأمنت للمطورين العقاريين حوافز لتملك الأراضي، كما أن بعض الناس أصبحت تعتبر شراء الأرض وسيلة للحفاظ على أموالها.
وبالتوازي، لم تكن الدولة مهتمة بوضع سياسة إسكانية متكاملة تنطلق من اعترافها بحق السكن للجميع، مستعيضة عنها بإنشاء مؤسسات لإقراض الراغبين بتملك مسكن، وذلك خلافاً لما هو معمول به في الدول التي تتعاطى مع ملف السكن وفق مخطط إنمائي يشمل حوافز على العرض، ودعماً للطلب وتنظيم السوق السكنية وتحسين البيئة المؤسساتية والتدخل على مستوى قطاع البناء. وعددت فواز معطيات عدة فاقمت أزمة السكن منها: العشوائيات التي يتجمع فيها الفقراء، وذوو الدخل المحدود، والتي ساء حالها أكثر فأكثر مع أزمة اللجوء السوري، فضلاً عن قانون الإيجارات وطريقة التعاطي معه ما أدى إلى وضع المالك والمستأجر في صراع كل مع الآخر، واستفادة البعض من قروض المؤسسة العامة للإسكان، وليس أكثرية المواطنين، فضلاً عن عدم وجود إطار تنظيمي لقطاع السكن، وغياب الأدوات الضرورية لدعم بناء مساكن بتكلفة ميسرة.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»