رحلة مع الإعلامية راغدة شلهوب: باريس تشبهني ... وابنتي تعطي السفر طعماً ألذ

في بوسيتانو بإيطاليا
في بوسيتانو بإيطاليا
TT

رحلة مع الإعلامية راغدة شلهوب: باريس تشبهني ... وابنتي تعطي السفر طعماً ألذ

في بوسيتانو بإيطاليا
في بوسيتانو بإيطاليا

«السفر بالنسبة لي فرصة لشحن الطاقة والتخلص من ضغوط الحياة والعمل» هذا ما استهلت به الإعلامية اللبنانية المقيمة في مصر، راغدة شلهوب، حديثها مع «الشرق الأوسط». وللتأكيد على أهمية ذلك في حياتها تقول: إنها تُصبر نفسها برحلة خارجية، كلما شعرت بهذه الضغوط حتى تستمر وتحافظ على ابتسامتها. وتقول أيضاً:
> السفر فُرصتي للهرب من صخب الحياة ومتاعبها. أنتظره بفارغ الصبر. والحقيقة الأمر ليس جديدا لدواعي العمل، فأنا أهوى السفر منذ الصغر. الآن لا تحلو الإجازة أينما كانت من دون ابنتي ناي.
> أحب أوروبا بشكل خاص، وبالتالي أضعها دائما على رأس القائمة عندما أفكر في الإجازة. أصبح الأمر بالنسبة لي طقسا لا أستغني عنه. فحتى إذا سافرت إلى أي بلد في قارة أخرى، أشعر بأنه عليّ أن أزور بلدا أوروبيا ولو مرة في السنة. وتبقى لندن من أكثر المدن التي أحبها، لسبب مهم وهو أن صديقة طفولتي تعيش هناك وأذهب لزيارتها كثيرا، لذلك أشعر أنها بيتي الثاني. أعرف شوارعها ومطاعمها ومحلاتها، إلى حد القول إن هناك نوعاً من العِشْرة بيني وبينها الآن.
بعد لندن تأتي باريس، لأنها تشبهني في الكثير من تفاصيلها، كما أحب التسوق فيها. أنا مخلصة جدا بطبعي لهذا أتردد على نفس الأماكن في الغالب، ويمكنني القول إن هناك الكثير من الذكريات تربطني بهذه المدينة الساحرة.
> أفضل ذكرياتي في السفر هي الذكريات التي تجمعني مع ابنتي، فالسعادة بالنسبة لي أصبحت متجسدة فيها بشكل كبير. من أحلى هذه الذكريات رحلة قمت بها معها إلى ديزني لاند. كان يوماً ولا في الأحلام كما يقولون. فالسعادة التي رأيتها تقفز من عينيها أعطت لهذه التجربة مذاقاً خاصاً جداً، كاد أن يغطي على كل ذكرياتي الجميلة السابقة أيام الصبا والمراهقة عندما كنت أسافر مع صديقاتي في رحلات مشتركة. ابنتي أصبحت تعطي إجازاتي ورحلاتي طعما لذيذا. ثم لا بد أن أشير إلى أني من النوع الذي يُؤمن بأن السفر وسيلة لصُنع التجارب المميزة وتخزين الذكريات. وهذا ما أقوم به في كل رحلة: أجمع ذكريات جديدة أضيفها إلى القديمة وبالنتيجة أحصل دائماً على مشاعر من السعادة.
> كل عمر له حالاته، عندما كنت أصغر كنت أحب رحلات المغامرات أكثر، كنت مجنونة أحب تجربة كل ما هو جديد، الآن أفضل الراحة والرفاهية إلى حد ما، لا أبحث عن المغامرات لأني أصلا شبعت منها، وبالتالي لن أفتقدها. زرت أيضا الكثير من المتاحف في الماضي، لهذا لا أشعر بالذنب حاليا بعد أن أصبحت أقضي الكثير من الوقت في التسوق. لكن هذا لا يعني أني ألغيتها تماما من برنامجي السياحي، فعندما أذهب إلى أي بلد جديد، أحرص على زيارة الأماكن الأثرية والمتاحف. فهذا شيء أساسي بالنسبة لي.
> أول شيء أقوم به في أي رحلة هو شراء خط تليفون برقم البلد حتى أبقى على اتصال مع الكل. فرغم أن السفر فرصة لأخذ هدنة من وسائل التواصل الاجتماعي إلا أني أحب أن أظل على اتصال بالعالم. كما أحرص على شراء «المغناطيس» الذي يحمل صورة لرمز من الدولة التي أكون فيها، أضعه على الثلاجة ويوجد عندي واحد من كل البلاد التي زرتها.
> أسوأ تجربة لي في السفر كانت تأخري عن موعد إقلاع الطائرة، وقتها شعرت بأني محبوسة في المطار، ومن وقتها لم أعد الكرّة مرة أخرى، فأنا أتوجه إلى المطار قبلها بوقت. لقد تعلمت الدرس جيداً.
> أنا شخصية منظمة جدا ولا أحب أن أضيع أي دقيقة. أستيقظ مبكرا بعد أن أكون قد نظمت لبرنامج أمشي عليه بدقة وفقاً للتوقيتات التي وضعتها مسبقا، وهكذا يكون كل يوم مختلفا عن الآخر ومثيرا في الوقت ذاته، لا أشعر فيه بالملل أو التعب.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».