شابّة من غزة تفتح مشتلاً خاصاً لإنتاج الورود

رواء النّجار أول فتاة تعمل في هذا المجال محلياً

رواء تروي مزروعاتها داخل دفيئتها الزراعية
رواء تروي مزروعاتها داخل دفيئتها الزراعية
TT

شابّة من غزة تفتح مشتلاً خاصاً لإنتاج الورود

رواء تروي مزروعاتها داخل دفيئتها الزراعية
رواء تروي مزروعاتها داخل دفيئتها الزراعية

لم تكن خطوة الشابّة الغزّية رواء النجار (22 سنة)، سهلة، حين قررت ترك تخصص التمريض الأكاديمي الذي درسته في سنواتها الجامعية واتجهت نحو العمل في زراعة الزهور، بعدما سئمت البحث عن فرصة للشغل في ظلّ واقع قطاع غزة المعقد، حيث تنعدم السُبل أمام الشباب والخريجين.
في بلدة بني سهيلا الحدودية الواقعة شرق مدينة خانيونس، تنشغل الشابّة لساعاتٍ طويلة يومياً، تقضيها داخل دفيئة زراعية تبلغ مساحتها 100 متر، استأجرتها قبل أشهر عدّة، وزرعتها وحدها بمختلف أنواع الورود ونباتات الزينة. تتنقل رواء بين الزهرات بعناية فائقة تهتم بها كلّ واحدة على حدة، كأنّ لها قصصاً خاصّة نُسجت تفاصيلها بالكدّ والتعب.
«بدأتُ التجربة من خلال الخوض في مجموعة دورات تدريبية قدمتها مؤسساتٌ تُعنى بمجال الزراعة والتنمية الريفية، خلالها اكتسبتُ مهاراتٍ متعدّدة، مكنتني لاحقاً من الإقدام على إنشاء مشروعي الشخصي وكان هذا في بداية العام الحالي»، تقول الشابّة في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»، موضحة أنّها جلبت البذور في شهر يناير (كانون الثاني)، ونثرتها في الأرض، وانتظرت أياماً طويلة حتّى نمت، وأنتجت أزهاراً جذابة. وتردف: «كان المفترض أن أكون في مثل هذا الوقت منشغلة بالعناية بالمرضى أمارس عملي الذي تمنيته منذ الطفولة، لكنّ القدر اختار لي العناية بالورود والأزهار»، مشيرة إلى أنّها وجدت فيها روحاً عشقتها كثيراً، وتعتقد أنّ الورود تحتاج لاهتمام لا يقل عن ذلك الذي ممكن أن يُمنح للإنسان.
تختلط أيدي الشابّة بالطين، بينما كانت تعمل في زراعة شتلات جديدة داخل الدفيئة. تُطلق العنان لضحكتها وتقول: «إيدينا لازم تتعفر بالتراب لحتى نعيش ونحقق أحلامنا، هذا هو حالنا في غزة»، منبهة إلى أنّها تستخدم صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي لترويج منتجاتها وتسويقها للجمهور الذي وجدت لديه قبولاً وترحيباً بالفكرة وما ينتج عنها من أزهار ألوانها زاهية.
«الجوري، والبتونيا، والكرتون بألوانه، وعُرف الديك، والأسترا، وزهور النخيل الأصفر والأحمر، والصبار»، هذه جميعها أنواعٌ لورود ضمّها مشتل رواء، الذي يعتبر فكرة ريادية حصلت على تمويلٍ خاص من مؤسسة محلية، وذلك لأنّه الأول من نوعه في قطاع غزة الذي تشرف عليه فتاة. تبيّن النجار أنّها لن تكتفى مستقبلاً بالورود وستذهب نحو توسيع المشروع من خلال زراعة أصناف جديدة مثل الحمضيات واللوزيات.
تتحدث رواء لمراسل «الشرق الأوسط» بينما تمسك بيدها «غالوناً» بلاستيكياً تروي به مزروعاتها وتشير باليد الأخرى إلى زاوية في الدفيئة قائلة: «سأعمل في الأيام المقبلة على إضفاء جمالية على المكان من خلال تصميم ديكور خشبي خاص، يحيط بجوانبه كافّة ويُضفي عليه لمسة جمالية تميزه عن غيره»، مكملة: «الورد لا يليق به إلّا الجمال وهذا المكان سيصير في وقتٍ قريب لائقاً به».
رواء ومثيلاتها من الشابّات اللاتي يقررن الخوض في مهنٍ يعدّها المجتمع الغزّي حكراً على الرجال، غالباً ما يواجهن انتقادات مجتمعية وتعليقات قد تكون محبطة أحياناً، عن ذلك تتابع قائلة: «لم يكن هذا الأمر سهلاً وهذه النّظرة موجودة للأسف، لكنّ تجاوزها يكون بسيطاً إذا أثبتت الشابّة قدراتها وأصرّت على أن تكون قصة نجاح»، لافتة إلى أنّ مهنتها تحتاج لجهد كبير، نظراً للحرارة المرتفعة داخل الدفيئة الزراعية، وحاجتها لإزالة الحشائش الضارة والأشواك.
واجهت الشابّة عقباتٍ كثيرة منذ البداية؛ أولاها الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2006، الذي يقيد عملية دخول بذور الورود والأزهار الحديثة، إضافة لأنّ هناك مشكلة في المياه التي بلغت نسبة ملوحتها حسب البيانات الأخيرة لسلطة المياه الفلسطينية 95 في المائة، وأيضاً أزمة الكهرباء المستمرة التي لا تصل في أحسن الأحوال سوى إلى 8 ساعات يومياً، الأمر الذي يؤثّر على المشروع بصورة كبيرة، مستدركة: «الوضع المعيشي المتردي للسكان يترك أثراً على التسويق ويهدّد استمرارية العمل كذلك».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.