بريطانيا تنضم لمهمة أمنية بحرية بقيادة أميركية في الخليج العربي

أعلنت بريطانيا أمس، انضمامها إلى تحالف أمن الملاحة بقيادة الولايات المتحدة في الخليج لحماية السفن التجارية التي تعبر مضيق هرمز وردع التهديدات الإيرانية، وذلك بعد مناقشات «دولية بناءة» جرت الأسبوع الماضي في البحرين، فيما دعت الحكومة الألمانية لدعم مهمة مراقبة أوروبية لحماية سفن تجارية في الخليج العربي.
وأكدت بريطانيا «مجدداً التزامها بحرية الملاحة وبتوفير المرور الآمن عبر الخليج من خلال لعب دور قيادي في مهمة أمنية بحرية دولية جديدة»، وقال بيان للحكومة إن «البحرية الملكية البريطانية ستعمل جنباً إلى جنب مع البحرية الأميركية لضمان أمن السفن التجارية في مضيق هرمز».
وباتت حركة مرور ناقلات النفط عبر المضيق محور مواجهة بين واشنطن وطهران وانجرت بريطانيا إلى تلك المواجهة أيضاً، فيما عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في الخليج منذ مايو (أيار).
ولفت بيان لوزارة الدفاع البريطانية إلى أن القرار جاء بعد «مناقشات بناءة» خلال مؤتمر دولي عقد في البحرين الأربعاء، وقال البيان إن بريطانيا «وافقت على الانضمام إلى مهمة دولية تعتمد إلى حد كبير على الأصول الموجودة بالفعل في المنطقة لزيادة التعاون البحري بين الدول».
وقد عرضت المملكة المتحدة أيضاً قيادة إحدى فرق المهمة البحرية، بحسب وزارة الدفاع البريطانية، التي أكدت أمس، أن تفاصيل المهمة البحرية «لم تحدد بعد»، لافتة إلى أن المهمة تهدف إلى رفع مستوى التنسيق بين جيوش الدول المختلفة وكذلك عمليات الشحن التجاري.
وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب في بيان: «من الأهمية بمكان تأمين الحرية لجميع سفن الشحن الدولية للتنقل في مضيق هرمز دون تأخير بالنظر إلى التهديدات المتزايدة هناك. من شأن عملية الانتشار هذه أن تعزز الأمن وتوفر الطمأنينة للسفن التجارية العابرة. هدفنا هو حشد دعم دولي واسع لحرية الملاحة في المنطقة وفق القانون الدولي»، مشدداً على أن الخطوة «لا تمثل تغييراً في النهج إزاء إيران وأن بريطانيا ستظل ملتزمة بالعمل مع إيران للحفاظ على الاتفاق النووي المبرم في 2015 مقابل رفع العقوبات عن طهران».
وفي السياق نفسه، أكدت الحكومة التزامها بالعمل مع إيران لتخفيف حدة التوترات الحالية وبالاتفاق النووي الإيراني كـ«أفضل وسيلة لمنع إيران من التسلح النووي».
من جهته، قال وزير الدفاع بن والاس للصحافيين، إن «بريطانيا عازمة على ضمان حماية عمليات الشحن الخاصة بها من التهديدات غير القانونية، ولذلك السبب ننضم اليوم إلى مهمة بحرية أمنية جديدة في الخليج»، مضيفاً: «نتطلع إلى العمل مع الولايات المتحدة وآخرين لإيجاد حل دولي للمشكلات في خليج هرمز».
وأضاف بن والاس أن «التمسك بالقانون البحري الدولي وحرية المرور يصب في مصلحتنا»، مضيفاً: «إننا نشهد، عبر البحار والمحيطات، كثيراً من الحوادث التي تسعى إلى تحدي هذه الحريات». وتابع أن «نشر السفن البحرية الملكية دليل على التزامنا بحماية سفننا التي ترفع علم المملكة المتحدة».
ونقلت «رويترز» عن مصدر أمني بريطاني أمس، أن المهمة الجديدة ستركز على حماية أمن الملاحة، وأن بريطانيا لن تنضم إلى العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران.
وبدأت الولايات المتحدة منذ 4 أسابيع تحركاً واسعاً لضم حلفائها الاستراتيجيين في تحالف عسكري يهدف إلى ضمان أمن الملاحة في منطقة تمتد من الخليج وتمر بمضيق هرمز وتشمل خليج عمان وتنتهي بالبحر الأحمر.
وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في آخر أيام رئيسة الوزراء تيريزا ماي قبل أسبوعين، أنها تسعى وراء تشكيل قوة أوروبية لمهمة ضمان أمن الملاحة في الممرات الاستراتيجية للطاقة في الشرق الأوسط. وأمرت قواتها البحرية بمرافقة سفن تحمل علم بريطانيا في الخليج العربي ومضيق هرمز. وتنشر بريطانيا حالياً المدمرة دنكن والفرقاطة مونتروز في الخليج لمرافقة السفن التي تحمل العلم البريطاني في المضيق. وأفادت «رويترز» عن مسؤولين بريطانيين بأن المدمرة والفرقاطة رافقتا 47 سفينة حتى الآن.
وتفاقم التصعيد بين إيران والولايات المتحدة منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو 2018 من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 الذي يقيّد برنامج إيران النووي، ثم إعادة فرض عقوبات مشددة على طهران بعد ذلك.
وارتفع مستوى التوتر مع إطلاق الإدارة الأميركية حملة «ضغوط قصوى» ضد طهران، ترافقت مع إسقاط إيران طائرة مسيرة أميركية وتعرض ناقلات نفط في الخليج لهجمات نسبتها واشنطن لإيران التي تنفي ذلك. وفي الشهر الماضي، احتجز الحرس الثوري الإيراني الناقلة البريطانية ستينا إمبرو قرب مضيق هرمز بزعم أنها ارتكبت مخالفات بحرية. وجاء ذلك بعد أسبوعين من احتجاز بريطانيا ناقلة نفط إيرانية قرب جبل طارق، متهمة إياها بانتهاك العقوبات على سوريا.
ورداً على تلك الهجمات، تسعى الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالف تحت اسم «عملية سانتينيل» تقول إن الهدف منه ضمان حرية الملاحة في منطقة الخليج الاستراتيجية.
وتلوح إيران منذ العام الماضي، بوقف كل الصادرات عبر مضيق هرمز الذي يمر منه خمس النفط العالمي، إذا استجابت الدول الأخرى إلى مطالب أميركية بوقف شراء النفط الإيراني.
ورفضت بريطانيا على دفعتين مقترحاً إيرانياً لتبادل الناقلتين منذ تولي بوريس جونسون منصب رئاسة الوزراء في وقت سابق من الشهر الماضي.
جاء الإعلان البريطاني بعد ساعات من دعوة ألمانية لمهمة مراقبة أوروبية لحماية سفن تجارية في الخليج. ولمح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى تراجع بريطاني عن مقترح تشكيل القوة الأوروبية، وقال للصحافيين: «في الوقت الحالي يفضل البريطانيون الانضمام إلى مهمة أميركية»، مشدداً على أن برلين «لن تنضم لمهمة بحرية بقيادة الولايات المتحدة في مضيق هرمز».
وقال ماس خلال زيارته لمدينة سلوبيتسه البولندية على الحدود الشرقية مع ألمانيا: «إننا نسعى لمهمة أوروبية»، لكنه حذر في الوقت نفسه من صعوبة إحراز تقدم في هذا الصدد. وقال: «نريد مهمة أوروبية»، مشيراً إلى أن هذا الأمر مطروح لكنه سيستغرق وقتاً لإقناع الاتحاد الأوروبي بالقيام بمثل هذه المهمة، مؤكداً أن الحكومة الاتحادية تعني مهمة مراقبة أوروبية.
وكانت الحكومة الاتحادية أعلنت رفضها الأسبوع الماضي لمطلب الولايات المتحدة بالمشاركة في مهمة لحماية النقل التجاري في الخليج، وأرجعت سبب ذلك إلى أنها لا تعتزم دعم الاستراتيجية الأميركية المتمثلة في «أقصى درجات الضغط» على إيران.
وقبل أيام، قالت السفارة الأميركية في برلين إن الولايات المتحدة طلبت من ألمانيا الانضمام إلى فرنسا وبريطانيا في مهمة لحماية حركة الملاحة عبر مضيق هرمز و«التصدي للاعتداءات الإيرانية». ورفضت ألمانيا الطلب.
من جهتها، قالت وكالة الأنباء الألمانية نقلاً عن أولريكه ديمر نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، أمس: «على نحو مبدئي ترى الحكومة الألمانية المقترح بقيام دول أوروبية بمهمة حماية بحرية (إلى الخليج) جديراً بالدراسة... نحن على تواصل وثيق مع الشركاء الأوروبيين حول هذا الشأن».
ومن المفترض أن تجرى مباحثات ألمانية - فرنسية على مستوى رفيع من المسؤولين حول هذا المقترح، كما من المخطط مناقشة الأمر داخل الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بحسب بيانات الخارجية الألمانية.
ومن جانبه، أكد متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية إمكانية مشاركة البحرية الألمانية في مثل هذه المهمة، وقال: «إذا افترضنا أن البحرية الألمانية استطاعت تلبية كل المتطلبات الموكلة إليها حتى الآن، فإنني لا أرى سبباً لعدم تحقيق ذلك في المستقبل أيضاً».