دعوات سودانية للحوار مع «الجبهة الثورية»

عدد من قيادات «قوى الحرية والتغيير» يتعرضون لحادث سير

سودانيون يزيّنون حوائط المنازل برسومات تعبّر عما تعرضوا له خلال حراكهم الشعبي (أ.ف.ب)
سودانيون يزيّنون حوائط المنازل برسومات تعبّر عما تعرضوا له خلال حراكهم الشعبي (أ.ف.ب)
TT

دعوات سودانية للحوار مع «الجبهة الثورية»

سودانيون يزيّنون حوائط المنازل برسومات تعبّر عما تعرضوا له خلال حراكهم الشعبي (أ.ف.ب)
سودانيون يزيّنون حوائط المنازل برسومات تعبّر عما تعرضوا له خلال حراكهم الشعبي (أ.ف.ب)

دعا حزب «المؤتمر السوداني»، أحد الأحزاب الرئيسية في «قوى الحرية والتغيير»، إلى فتح حوار صريح وشفاف ومباشر بين «قوى الحرية والتغيير» والحركات المسلحة في تحالف «الجبهة الثورية»، قبل التوقيع النهائي على الوثيقة الدستورية، وذلك بعد أن أبدت الأخيرة بعض تحفظاتها على «الوثيقة الدستورية التي تم التوقيع عليها مؤخراً في الخرطوم. ودعا الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني، خالد عمر يوسف، إلى حوار صريح وشفاف ومباشر بين قوى إعلان الحرية والتغيير والحركات المسلحة في تحالف «الجبهة الثورية»، من أجل إدخال تعديلاتها على الوثيقة الدستورية، قبل التوقيع على الاتفاق النهائي في 17 أغسطس (آب) الجاري.
وقال يوسف في مؤتمر صحافي أمس، في الخرطوم، إن حزبه يدعم بقوة الاتفاق الموقّع مع المجلس العسكري الانتقالي، معتبراً الوثيقة الدستورية خطوة في طريق السلطة المدنية. وأصدرت الجبهة الثورية بياناً رفضت فيه تقبل الوثيقة الدستورية بـ«شكلها الراهن لأنها تجاوزت رؤية السلام العادل، ووضعت عراقيل أمام تنفيذ أي اتفاق سلام مقبل». وأشارت إلى أن رؤيتها للسلام وجدت القبول من المجلس العسكري والوسيط الأفريقي، بيد أن ممثلي «الحرية والتغيير» في قاعة التفاوض اعترضوا عليها «بشراسة»، مضيفةً أن أطراف «قوى الحرية والتغيير» التي عرقلت إدراج رؤية «الجبهة الثورية» لا ينتظر العمل معها مستقبلاً لصالح توقيع اتفاق سلام يوقف الحرب.
وقالت الجبهة الثورية إنها ستتواصل مع الوسيط الأفريقي والمجلس العسكري الانتقالي، وحلفائها في القوى السياسية، لتعديل الوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي لتضمين قضايا السلام. بيد أن يوسف أكد أن ورقة السلام الشامل المتفق عليها بين الحركات المسلحة و«قوى إعلان الحرية والتغيير» في أديس أبابا، أُدمجت في الوثيقة الدستورية مع إجراء بعض المعالجات التي اقتضتها طبيعة الوثيقة الدستورية. وأشار إلى أن الجبهة الثورية أصدرت بياناً، اعترضت فيه على بعض التعديلات التي تمت، مؤكداً موقف حزبه أخذ ملاحظات «الجبهة الثورية» بجدية وعين الاعتبار، وأنها فصيل مهم من فصائل «قوى التغيير». وقال: «انخرطنا في نقاشات مع الحركات المسلحة، والنتائج الأولية التي خرجنا بها إيجابية وسنسير في هذا الطريق». ومن ناحية أخرى أكد يوسف أن صلاحيات ومهام جهاز الأمن المحددة في الوثيقة الدستورية تتمثل في جمع المعلومات ورفعها إلى الجهات المختصة، ولا يحق له الاعتقال أو أي ممارسات شائهة خارج إطار القانون.
إلى ذلك، تعرضت سيارتان تقلّان عدداً من قيادات «قوى إعلان الحرية والتغيير» لحادث سير، في أثناء عودتهم من زيارة لأحد مشايخ الطرق الصوفية بولاية نهر النيل، لم تنتج عنه إصابات خطيرة، ومن بينهم القيادي مدني عباس مدني، ومحمد الحسن المهدي الشهير بـ«فول». وجرفت السيول والأمطار بمنطقة «حجر العسل» في ولاية نهر النيل شمالي السودان، سيارة تقل الصديق الصادق المهدي، نجل رئيس الوزراء الأسبق، وأدت إلى وفاة ثلاثة من مرافقيه في الحال.
على صعيد آخر، أكد قيادي في «قوى إعلان الحرية والتغيير» أن الأمن السعودي «خط أحمر»، وأن السودان سيقف مع المملكة «قاتلاً أو مقتولاً»، حال المساس بأمنها أو أي مخاطر تهدد سيادتها، بالاستناد إلى الحس الشعبي الذي يرفض أي تهديد لأمن المدينتين المقدستين «مكة المكرمة والمدينة المنورة». وقال القيادي بالحزب الاتحادي الديموقراطي الموحد محمد الصادق لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن السودانيين يُكنّون تقديراً خاصاً للمملكة العربية السعودية، ويرفضون أي مساس بأمنها وسيادتها، منطلقين في ذلك من ارتباطهم الروحي بالأراضي المقدسة، وعلى وجه الخصوص «مكة المكرمة والمدينة المنورة». وطالب الصادق بحل سياسي للنزاع في اليمن يضمن أمن الإقليم، ويبعد المخاطر عنه، وأضاف: «مثلما يتمسك اليمنيون بأمنهم الوطني، فإننا نطالبهم باحترام حدود الأمن القومي في الإقليم». وأوضح أن حكومة الثورة، ستعمل على بناء علاقات متوازنة مع دول الإقليم بشكل عام، والإقليم العربي على وجه الخصوص». وقال: «لن يقف السودان متفرجاً على أشقائه في المملكة العربية السعودية، حال تم عليهم أي اعتداء».
من جهته، دعا القيادي الاتحادي محمد عصمت يحيى، إلى وحدة القوى الاتحادية المشاركة في الثورة، وقال عقب مبادرة «الوحدة الاتحادية»، إنهم «بصدد التحضير لمؤتمر عام يجمع شتات الاتحاديين، دون إقصاء لأي تيار أو فرد».
يشار إلى أن عدد من الفصائل الاتحادية منضوية تحت لواء «قوى إعلان الحرية والتغيير»، ومنها «الحزب الاتحادي الموحد»، و«الحزب الاتحادي التيار الحر»، و«الحزب الاتحادي العهد الثاني»، و«الحركة الاتحادية». وحذّر عصمت ممن أطلق عليهم «المتاجرون بالثورة باسم نضالات الاتحاديين خلال ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة، وسعيهم نحو المناصب على حساب تضحيات الشعب والحزب».



مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
TT

مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

يترقب عاطف محمد (62 عاماً)، الموظف المصري المتقاعد، حزمة حماية اجتماعية جديدة نوهت الحكومة إلى إقرارها قريباً، متمنياً ألا تكون مجرد زيادة 200 أو 300 جنيه على معاشه البالغ 3 آلاف جنيه فقط (الدولار 50.57 جنيه)، فيما يعول أسرة تضم 3 أبناء، اثنان منهم في المرحلة الجامعية.

وأعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء، عن توجيه رئاسي للحكومة بـ«وضع تصور لحزمة حماية اجتماعية تقديراً للضغوط على المواطن»، واعداً بالانتهاء منها «في الفترة القصيرة المقبلة».

ويطالب رب الأسرة الستيني بمضاعفة قيمة ما يتحصل عليه كي يشعر بالفارق، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن تكون الزيادة 100 في المائة، المعاش لا يكفي أسبوعين في الشهر»، مشيراً إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات.

وكانت آخر حزمة حماية اجتماعية طبقتها الحكومة المصرية، في مارس (آذار) الماضي، بقيمة 180 مليار جنيه، تمثلت في رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 في المائة وزيادة المعاشات بنسبة 15 في المائة.

وقال مدبولي، الأربعاء، إن «توجيهات الرئيس لنا كحكومة هي أن نضع دائماً هموم وأعباء المواطن نتيجة للضغوط الموجودة اليوم، أولوية بالنسبة لنا».

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

لكن السيدة الثلاثينية مروة، وهي ربة منزل تسكن في مدينة حدائق أكتوبر (جنوب العاصمة) تخشى من تبعات المنحة الحكومية القادمة، التي لا تشمل سوى القطاع العام، تقول لـ«الشرق الأوسط» فيما تشتري حاجاتها اليومية من الخضراوات، «كل مرة تزيد المرتبات 100 جنيه مثلاً، ترتفع الأسعار 200 وأكثر».

ويفسر الخبير الاقتصادي مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط»، العلاقة بين زيادة المرتبات وارتفاع الأسعار «التضخم»، قائلاً: «هناك أثر اقتصادي مباشر طردي بينهما، فزيادة الأموال في يد الناس ولو بشكل نسبي، دون زيادة الإنتاج تنعكس مباشرة في ارتفاع الأسعار، فيما يسمى (التضخم الحلزوني)».

مثل مروة، يشكو حمدي علي، الذي يعمل سباكاً، وينفق على 4 أبناء، لـ«الشرق الأوسط» من صعوبة المعيشة، وارتفاعات الأسعار المستمرة، وعدم القدرة على مجابهتها، مطالباً أن تنظر الدولة إلى فئة العمالة غير المنتظمة، وهي تفكر في «الحماية الاجتماعية».

ويتوقع العم أشرف، وهو بائع خضراوات في مدينة 6 أكتوبر (جنوب العاصمة) أن تشهد الأسعار ارتفاعات جديدة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الأسعار بتزيد مبتقلش، ومع اقتراب شهر رمضان ستزيد أكثر كما هو الحال في هذا الموسم كل عام».

أشرف بائع خضراوات في مدينة 6 أكتوبر (الشرق الأوسط)

وقدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة عام 2017 بأكثر من 5 ملايين شخص. ولا توجد إحصائية عن العاملين في القطاع الخاص، فيما قدرهم المتحدث باسم وزارة العمل في تصريح العام الماضي بـ15 مليون شخص. وتتراوح العمالة غير المنتظمة بين 8 إلى 11 مليوناً آخرين، وفق تصريحات سابقة لوزيرة التضامن الاجتماعي في عام 2022.

ويشير الباحث في وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، محمد رمضان، إلى أن حزم المساعدات التي تعلنها الحكومة لا تستوعب الزيادة في الأسعار ونسب التضخم.

وانخفضت نسبة التضخم على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2024، إلى 23.4 في المائة، بعدما سجلت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي 25 في المائة.

وأوضح رمضان لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمة الاقتصادية الكبرى ليست مرتبطة بالمرتبات، لكن بسعر صرف الجنيه أمام الدولار، الذي يؤثر بشكل مباشر على الأسعار.

وحررت الحكومة المصرية سعر الصرف في مارس الماضي، ليرتفع الدولار الرسمي إلى نحو 50 جنيهاً.

واعتبر رمضان أن الحكومة تعلن حزم حماية اجتماعية، لكنها لا تصل دائماً للموجهة إليهم، في ظل عزوف بعض مؤسسات القطاع الخاص عن تطبيق الحد الأدنى للأجور.

وبخصوص إجراءات مرتقبة تتعلق بخفض الدعم الحكومي في سلع وخدمات حيوية كالوقود والكهرباء، وهي إحدى التبعات المتوقعة بعد حزم الحماية المجتمعية، استبعد الخبير الاقتصادي مدحت نافع أن تحدث مباشرة بعد الزيادة هذه المرة، قائلاً «الحكومة تحاول حالياً استيعاب الآثار الاجتماعية للتضخم، وسبق ونوه وزير المالية قبل أيام أنهم لن يرفعوا سعر الكهرباء، على الأقل، قبل يونيو (حزيران) 2025».

ورفعت مصر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي المحروقات بنسب وصلت إلى 17 في المائة.

ومن جهته، يصف النائب في مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) أشرف أبو النصر توجيهات الرئيس المصري بوضع تصور لحزمة حماية اجتماعية جديدة بأنها «خطوة استراتيجية» تعبر عن «اهتمام القيادة السياسية بالمواطنين»، مشيراً في بيان له إلى أن الحكومة «توازن بين مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية».