تبرز قضية السلام كأولوية للحكومة الانتقالية المدنية في السودان المزمع تشكيلها في أعقاب التوقيع على الاتفاق النهائي بين المجلس العسكري و«قوى إعلان الحرية والتغيير»، تليها الأزمة الاقتصادية المستفحلة منذ سنوات التي تلقي بظلالها على الأوضاع المعيشية البائسة لكثير من السودانيين. وورثت الحكومة الانتقالية تركة ثقيلة من النظام السابق، أهم ملامحها اقتصاد منهار، وبؤر نزاعات مسلحة وحروب مشتعلة في بعض الأقاليم، فضلاً عن التدمير الشامل الذي طال كل أجهزة الدولة المدنية والخدمية.
ويرى رئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، الذي كان آخر رئيس وزراء منتخب، قبل انقلاب عمر البشير عليه في عام 1989، أن الأوضاع في البلاد على درجة عالية من الهشاشة، وأن الفترة حساسة حرجة، وتحتاج إلى حكومة مهام وبرامج في فترة زمنية محددة، وأن أي خلل وقفز فوق المراحل سيترتب عليه انهيار مشروع «التغيير» الذي أتت من أجله الثورة. ويشير المهدي إلى أن هناك اتفاقاً بين «قوى الحرية والتغيير» على إقامة السلام الشامل والإصلاح الاقتصادي، والتصدي لفساد النظام السابق، وتحقيق العدالة الانتقالية، ورد الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة.
ويقول رئيس حزب الأمة، أحد أكبر الأحزاب السياسية، إن السودان في فترة الانتقال سيحتاج إلى دعم اقتصاده من دول صديقة في الخليج العربي، حتى يجتاز حالة الانهيار الاقتصادي التي يواجهها، كما على الأسرة الدولية أن تقدم محفزات لمساعدة السودان في هذا الوقت، بأن تقوم بإلغاء ديونه الخارجية التي تجاوزت 65 مليار دولار، ورفع كل العقوبات الاقتصادية، وإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ومن جانبه، يقول رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، إن أبرز القضايا الساخنة التي تواجه السلطة الانتقالية بعد تشكيلها مباشرة هي الاتفاق العاجل على تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي، وستكون من أهم أولويات الحكومة أيضا الاهتمام بقضية السلام، إلى جانب تعهداتها بتحقيق أهداف الثورة كاملة، وما التزمت به أمام الشعب السوداني، وفي مقدمتها تكوين اللجنة المستقلة للتحقيق في مقتل الشهداء الذين سقطوا خلال الثورة السودانية.
ويقول القيادي في «قوى إعلان الحرية والتغيير»، وجدي صالح، إن أبرز أولويات الحكومة قضية إحلال السلام، وإيقاف التدهور الاقتصادي عبر وضع برنامج إسعافي خلال العام الأول من عمر الحكومة الانتقالية، مع إعداد خطة اقتصادية للعامين المتبقيين من الفترة الانتقالية. وأضاف أن الحكومة ستسارع في تفكيك مؤسسات النظام السابق، وإزالة التمكين، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات العامة، بجانب محاربة الفساد، ومحاسبة رموز النظام السابق.
ويقضي الاتفاق بأن ترشح قوى الحرية والتغيير طاقم الحكومة بالكامل. ورغم أن الإعلان الموقع بين كتل قوى التغيير نص على أن يكون الوزراء من كفاءات مستقلة، والابتعاد عن المحاصصات الحزبية، فإن بعض القوى السياسية ترى أن القضايا التي تواجه البلاد خلال تلك الفترة تحتاج إلى كفاءات ذات مرجعية سياسية، خصوصاً ملف تصفية آثار النظام السابق. وفي هذا الصدد، يقول صالح إن الكفاءات التي سيدفع بها لقيادة الدولة خلال الفترة الانتقالية ستسند إلى حاضنة قوى الحرية والتغيير، ولا بد أن تتمتع بأفق سياسي يمكنها من التعامل مع القضايا المطروحة.
ومن جانبه، يرى الحزب الشيوعي أن من أهم الملفات التي ستقوم الحكومة الانتقالية بتنفيذها، مباشرة عقب أداء القسم، وقف الحرب فوراً في مناطق النزاعات في كلٍ من ولايات جنوب كردفان، والنيل الأزرق، ودارفور، عبر الاتفاق على الترتيبات الأمنية مع الحركات المسلحة، وترتيب عودة النازحين واللاجئين.
ويشير الحزب إلى أن القضايا الملحة التي ينبغي أن تقوم بها الحكومة الانتقالية أيضاً، الإلغاء الفوري للقوانين المقيدة لحقوق الإنسان وللحريات كافة، وسن تشريعات وقوانين بديلة لا تتعارض مع المواثيق الدولية. كما يرى الشيوعي ضرورة أن تقوم الحكومة الانتقالية بعقد مؤتمر اقتصادي عاجل، ترسم فيه سياسات تحدد أوجه صرف موارد الدولة، بما يحقق العدالة بين المواطنين، وتكفل محاربة الفساد والمفسدين، واسترداد ممتلكات الدولة المنهوبة.
السلام والاقتصاد مهمتان عاجلتان على طاولة الحكومة المرتقبة
بعد الاتفاق على الانتقال إلى السلطة المدنية في السودان
السلام والاقتصاد مهمتان عاجلتان على طاولة الحكومة المرتقبة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة