الاتحاد الأوروبي يتجّه نحو تغيير جذري في سياسة الهجرة

الاتحاد الأوروبي يتجّه نحو تغيير جذري في سياسة الهجرة
TT

الاتحاد الأوروبي يتجّه نحو تغيير جذري في سياسة الهجرة

الاتحاد الأوروبي يتجّه نحو تغيير جذري في سياسة الهجرة

لا أحد يعرف بالضبط، أو بالأرقام التقريبية، عدد المهاجرين الذين قضوا غرقاً في مياه البحر المتوسط، منذ أن راحوا يتدفقون مكدّسين في القوارب المطّاطية أو الخشبية نحو السواحل الأوروبية هرباً من البؤس والعنف والاضطهاد.
الوكالات الدولية، مثل المنظمة العالمية للهجرة ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين، تقدّر أن عددهم قد يزيد على 60 ألفاً. حكومات الدول الأوروبية المعنيّة تقول إنها لا تملك إحصاءات دقيقة وتحيل إلى تقارير أجهزة الإنقاذ التي تخفّض هذا العدد إلى 40 ألفاً، فيما تؤكد المنظمات الإنسانية غير الحكومية أن العدد يتجاوز 100 ألف، أو ربما أكثر.
ويفيد تقرير وضعه مركز البحوث الاجتماعية التابع للمفوضية الأوروبية بأن «عدم وجود معلومات دقيقة عن أعداد المهاجرين الذين يغرقون خلال محاولتهم عبور المتوسط أو الذين يباشرون رحلة الهجرة الشاقة إلى أوروبا، يعكس تراجع الإحساس الإنساني في المجتمعات الأوروبية التي لم تعد تكترث لهذه الظاهرة شبه اليومية، كونها تمسّ غير الأوروبيين، وتواصل حياتها اليومية كالمعتاد». ويلفت التقرير، الذي ستستند إليه المفوضية الجديدة لمناقشة ووضع سياسة الهجرة في أوروبا للسنوات الخمس المقبلة، إلى أن تقارير الأمم المتحدة الأخيرة تتحدّث عن «مأساة الهجرة المتفاقمة في المتوسط»، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخراً «اعتبار أزمة الهجرة في حكم المنتهية»، استناداً إلى الأرقام الرسميّة التي تبيّن تراجع عدد المهاجرين الوافدين إلى السواحل الإيطالية من 180 ألفاً في عام 2016 إلى 3 آلاف منذ مطلع العام الحالي.
ويحذّر التقرير من أن «ظواهر الأمور لا تعكس الوضع الحقيقي لأزمة الهجرة التي قد تعود إلى الانفجار بشكل آخر وفي أي لحظة»، لأن ما حصل في الواقع كان تكليف دول أخرى، مثل تركيا وليبيا، بإدارتها عن طريق المساعدات المالية والفنّية، ما أدّى إلى انخفاض عدد المهاجرين الذين يغادرون الأراضي الأفريقية باتجاه أوروبا، أو إلى وقوع معظمهم في قبضة خفر السواحل وإعادتهم إلى السواحل الليبية.
ومن الاستنتاجات اللافتة في التقرير الإشارة إلى أن نتائج الانتخابات الأوروبية الأخيرة «أظهرت اتجاه غالبية المواطنين في بلدان الاتحاد نحو مزيد من الاهتمام بالحقوق الأساسية والبيئة، ونهج سياسة إنسانية أكثر انفتاحاً بشأن أزمة الهجرة»، ويضرب من الأمثلة التي تؤكد هذا الاتجاه موجة التعاطف الواسعة مع قبطان سفينة الإنقاذ الألمانية كارولا راكيتيه التي تحدّت قرار الحكومة الإيطالية ودخلت عنوة إلى ميناء جزيرة لامبيدوسا في 29 يونيو (حزيران) الماضي، حيث أُلقي القبض عليها وأحيلت إلى المحاكمة لكن أفرج عنها بعد أيام، عقب إسقاط التهم التي كانت موجهة إليها. ويخلص التقرير إلى أن «سياسة الهجرة التي ينهجها الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن من شأنها أن تعمّق الشرخ مع المواطنين الذين تميل غالبيتهم لعودة الاتحاد إلى جذوره وعلّة وجوده، والدفاع عن الحقوق الأساسية التي ناضل كثيرون من أجلها والتي فيها وحدها سبيل إنقاذ المشروع الأوروبي من حالة الركود التي يمرّ فيها».
ويتضمّن التقرير انتقادات شديدة للاتفاق الذي وقّعه الاتحاد الأوروبي مع تركيا في عام 2016 حول الهجرة، ويعتبر أن «بنوده تشكّل انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان»، كما ينتقد اتفاقات التعاون الثنائية التي أبرمتها بعض الدول الأوروبية، خصوصاً إيطاليا مع ليبيا، لمنع تدّفق المهاجرين عبر سواحلها وإعادتهم إلى مراكز الاحتجاز التي تشهد انتهاكات متكررة لأبسط الحقوق الأساسية. ويشير في استنتاجاته إلى أن «تجريم عمليات الإغاثة والإنقاذ غير الحكومية في عرض البحر يخالف المبادئ والقيم التي تأسس عليها الاتحاد الأوروبي»، ويستغرب كيف أن محكمة العدل الأوروبية لم تتدخّل لردع مثل هذه الإجراءات القانونية أو لمنعها. لكنه يشير إلى أن الأحكام التي صدرت مؤخراً عن بعض المحاكم الإيطالية، مثل الإفراج عن القبطان كارولا راكيتيه، أو إبطال قرارات صادرة عن وزير الداخلية الإيطالي وطلب إحالته إلى المحاكمة بتهمة الامتناع عن مساعدة الذين يتعرضون للخطر، تدلّ على أن «بروكسل لا تصغي إلى المواطنين الذين يحتجون، بأعداد متزايدة وبشكل منظّم، ضد هذه السياسات التي تغذّي الجنوح نحو التطرّف، ويقررون التمرد على القوانين عندما تصبح هذه مجحفة وغير أخلاقية».
ومن التوصيات الرئيسية التي يخلص إليها التقرير دعوة «الاتحاد الأوروبي إلى قيادة جهود لوضع سياسة دولية لمعالجة أزمة الهجرة، وتوحيد سياسات الهجرة الوطنية أو تنسيقها، ودعم المبادرات المحلية مثل برامج إدماج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية... واستعادة النفوذ السياسي في البلدان الأفريقية التي يموّل الاتحاد الأوروبي فيها مشاريع للتنمية، من أجل فرض معايير احترام حقوق الإنسان، وبذل جهد أكبر لمعالجة الأزمة الليبية».



ماكرون يدعو ترمب وزيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»

TT

ماكرون يدعو ترمب وزيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»

اجتماع سابق بين ماكرون وترمب وزيلينسكي في باريس (أ.ف.ب)
اجتماع سابق بين ماكرون وترمب وزيلينسكي في باريس (أ.ف.ب)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيرَيْه الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»، عقب المشادة الكلامية في البيت الأبيض التي أثارت مخاوف من انسحاب الولايات المتحدة من الملف الأوكراني وحدوث قطيعة مع حلفائها الأوروبيين.

وقال الرئيس الفرنسي لصحيفة «لا تريبون ديمانش» الأسبوعية، وعدة صحف أخرى تصدر الأحد: «أرى أنه بغض النظر عن الغضب، فإن الجميع بحاجة إلى العودة للهدوء والاحترام والتقدير، حتى نتمكّن من المضي قدماً بشكل ملموس؛ لأن ما هو على المحك مهم للغاية».

وذكر قصر الإليزيه أن ماكرون تحدّث منذ مساء الجمعة مع الرئيسَيْن الأوكراني والأميركي، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحذّر ماكرون من أنه إذا لم يتمّ إيقاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فإنه «سيذهب بالتأكيد إلى مولدافيا، وربما أبعد من ذلك إلى رومانيا».

وقال ماكرون إن انسحاباً محتملاً للولايات المتحدة من الملف الأوكراني «ليس في مصلحة» واشنطن؛ لأن «ما تفعله الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات يتوافق تماماً مع تقاليدها الدبلوماسية والعسكرية».

وأضاف أنه إذا وافقت واشنطن على «توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار من دون أي ضمانات أمنية لأوكرانيا» فإن «قدرتها على الردع الجيواستراتيجي في مواجهة روسيا والصين وغيرهما سيتلاشى في اليوم نفسه».