البشرية على بوابة البربرية

البشرية على بوابة البربرية
TT
20

البشرية على بوابة البربرية

البشرية على بوابة البربرية

ما الذي يحصل في تاريخنا المعاصر؟ هل يتخطى الأمر مداركنا العقلية والذهنية، فنقف عاجزين عن تحليله وفهمه، وبالتالي تجاوزه؟ أم إن الأمر متوقف على «عوامل موضوعية» تحرّك هذا التاريخ، ولا نملك إزاءها شيئاً؟ ولكن ما هذه العوامل الموضوعية، ولماذا تشكّلت الآن، وليس قبل؟ هل نحن قادرون على فهم قوانينها، ونحن لا نزال نتخبط في دوامتها؛ يميناً ويساراً؟
نعتقد أن المحللين والمفكرين سيملأون مكتباتنا في المستقبل درساً وتحليلاً لما حصل، ربما بعد فوات الأوان، فلحد الآن لا نلمس وعياً على مستوى جماعي بخطورة ما يحدث من تراجع مريع للقيم الإنسانية، ونمو مخيف لبربرية جديدة؛ أول أعدائها الإنسان، وكأن هناك عجزاً فكرياً ونظرياً في فهم هول ما يجري. وبالطبع؛ لا نعدم في أوروبا، بشكل خاص، أصواتاً تشير، وتحذّر، وتشخّص، ولكنها لا تزال أصواتاً ضائعة.
هل هي مرحلة طارئة هبطت علينا فجأة من السماء في غفلة منا، ومن التاريخ؟ أم إنها كانت كامنة في الأرض منذ أجيال طويلة، ونما عودها الآن، ثم استطالت لتظللنا ونحن لاهون؟
في روايته «الخنوع»، يفكك توماس مان روائياً الآليات التي تؤدي إلى هذه الغفلة؛ وأولها استلاب عقل ووجدان الجماهير عبر التضليل والكذب، حتى درجة الخضوع، الذي سيسكن في «لا وعيها» مع مرور الزمن.
وقبل ذلك، أطلق توماس مان عام 1930 تحذيره الشهير من «الديك الرومي الذي لا يرى إلا نفسه؛ عرقاً أفضل من الأعراق الأخرى»، داعياً لتشكيل جبهة عريضة لمواجهة اليمين المتشدد. بعد 3 سنوات فقط من تحذير مان، تحول الديك الرومي إلى أكبر وحش في القرن العشرين.
لم يدع مان إلى جبهة يسارية أو عمالية؛ بل إلى جبهة تضم «البرجوازيين والاجتماعيين الديمقراطيين»؛ أي، بعبارة أخرى، اليمين المعتدل، لأنه كان يعرف بحسّه التاريخي أن صعود اليمين المتطرف هو تهديد بالدرجة الأولى لقيم الطبقة الوسطى، التي حققت المنجزات الحضارية الكبرى منذ القرن الثامن عشر؛ قرن التنوير، ومن هذه القيم أن «لا عرق يعلو على عرق آخر»، وأن «الإنسان أخ للإنسان»، مهما كان لونه وجنسه ودينه، وأن «لا دم أنقى من الآخر».
هذه القيم تتعرض في هذه المرحلة الحرجة من عمر البشرية لخطر شديد، لا يقل عن صعود النازية والفاشية في تلك الفترة الحالكة من التاريخ، وفي غفلة منه أيضاً.
ومن هنا؛ يبدو أن دعوة توماس مان لا تزال صالحة لزمننا هذا، رغم مرور قرن إلا عشر سنوات.
لكن للأسف؛ مثل هذه الجبهة العريضة لا تزال حلماً لحد الآن في أوروبا وأميركا؛ اللتين تشهدان ولادة كثير من «الديَكة الرومية»؛ التي لا يعرف أحد متى تنتفخ حين تنضج الشروط المناسبة لتتحول إلى ذئاب بشرية، وإنْ بديكور مختلف، وثياب عصرية. التعويل على مجموعات حزبية، من اليسار واليمين في مواجهة هذا الانحدار المريع في القيم على يد الشعبويين، لم يعد مجدياً، لأننا لسنا أمام هيكل واضح المعالم لمصارعته في ساحة معلومة الأبعاد والزوايا، ولسنا أمام آيديولوجيا معينة يمكن محاربتها بسلاحها؛ بل هي ظاهرة سائلة جداً - إذا استعرنا تعبير عالم الاجتماع البولندي زيغموند باومان - سريعة الذوبان في حشايا الأفراد والمجتمعات حتى من دون أن يشعروا بأنها استقرت هناك لتستلب قلوبهم وعقولهم شيئاً فشيئاً.
ومن دون عمل اجتماعي وسياسي جبار ينجح في الوصول لهذه القلوب والعقول المستلبة، تبقى البشرية جمعاء واقفة على بوابة الدخول لبربرية عصور تَصَوَّرنا أنها صارت خلفنا، فإذا بها أمامنا فاتحة أفواهها الجائعة.



حكمة المليارديرات... ميليندا غيتس تشارك نصائح وارن بافيت عن القسوة مع النفس

ميليندا غيتس (رويترز)
ميليندا غيتس (رويترز)
TT
20

حكمة المليارديرات... ميليندا غيتس تشارك نصائح وارن بافيت عن القسوة مع النفس

ميليندا غيتس (رويترز)
ميليندا غيتس (رويترز)

تُحبّ المليارديرة ميليندا غيتس، جمع النصائح لوقت شعورها بالحيرة، وفق تقرير نشرته شبكة «سي إن بي سي».

وكلما قدَّم لها أحدهم شيئاً مُفيداً، تُدوّن غيتس اقتباساته حتى «تُعيد قراءتها في ذهنها»، كما صرَّحت لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وأضافت أن إحدى نصائح صديقها القديم، الملياردير وارن بافيت - التي أهداها لها ولزوجها السابق بيل غيتس - كانت مُفيدةً بشكل خاص لعملها في شركتها الاستثمارية الخيرية «بيفوتال فينتشرز».

وقالت غيتس، البالغة من العمر 60 عاماً: «إذا كنتُ قاسيةً على نفسي بشأن العمل الخيري، أتذكر ما قاله لنا وارن بافيت في البداية، وهو: أنتما تعملان على حل المشكلات التي تركها المجتمع وراءه، وقد تركها الناس وراءهم لسبب وجيه. إنها صعبة، أليس كذلك؟ لذلك لا تكونا قاسيَين على نفسيكما».

ويُؤيد بعض الخبراء نصيحة بافيت. في حين أنه يجب عليك أن تكون مثابراً وواقعياً بشأن أهدافك، فإن التركيز على أخطائك أو عدم إحراز تقدم غالباً ما يكون له نتائج عكسية، كما صرَّح إيثان كروس، متخصص علم النفس التنظيمي في جامعة ميشيغان، لـ«سي إن بي سي».

وأضاف كروس أن الرياضي الذي يمرُّ بفترة ركود يكون أكثر قدرةً على التعافي إذا ركَّز على كيفية تحسين أدائه في المرة المقبلة، بدلاً من تخيل هدفه الفاشل مراراً وتكراراً. ونصح بأن «تتحدث إلى نفسك بوصفك مدرباً صارماً».

وقال كروس: «ليس الأمر كما لو كنت تقول: كل شيء سيكون على ما يرام، أنت رائع، أنت فريد من نوعك. قد يكون الأمر أشبه بـ(استعد لن تفشل أبداً)».

والتقى بيل وميليندا غيتس، بافيت لأول مرة عام 1991. وتعاونت عائلتاهما بانتظام في الأعمال الخيرية خلال العقود التالية: كان بافيت عضواً في مجلس أمناء مؤسسة غيتس من عام 2006 إلى عام 2021، وتبرع بمبلغ 36 مليار دولار لقضايا المؤسسة حتى عام 2022، وفقاً لموقعها الإلكتروني.

وشارك الثلاثي في ​​تأسيس حملة «تعهد العطاء» عام 2010، وهي حملة يلتزم فيها المليارديرات بالتبرع بمعظم ثرواتهم خلال حياتهم.

وقدّم بافيت نصيحةً أخرى لبيل وميليندا بعد فترة وجيزة من إطلاق الزوجين مؤسسة غيتس عام 2000.

وفي مقابلة لموقع لـ«ينكدإن نيوز» الشهر الماضي، قالت غيتس: «قال لنا وارن بافيت ذات مرة: ابحث عن هدفك فيما تعمل عليه، ودع الأمور الأخرى تتلاشى. ستشعر بتحسُّن إذا حافظت على مواهبك في هذا الهدف وواصلت العمل على تلك القضايا، وستشعر براحة أكبر عند التخلي عن أمور أخرى».

تشترك النصيحتان في موضوع مشترك: إذا كان نقدك الذاتي يمنعك من تحقيق هدفك، فحاول أن تتحلى بالصبر مع نفسك.