الاقتصاد الروسي يترقب «استقبال البورصة» للعقوبات الأميركية

الروبل يتراجع بشدة تحت وطأة «الحزمة الثانية» وضغوط أخرى

متعامل في البورصة الروسية للأوراق المالية في العاصمة موسكو (أ.ف.ب)
متعامل في البورصة الروسية للأوراق المالية في العاصمة موسكو (أ.ف.ب)
TT
20

الاقتصاد الروسي يترقب «استقبال البورصة» للعقوبات الأميركية

متعامل في البورصة الروسية للأوراق المالية في العاصمة موسكو (أ.ف.ب)
متعامل في البورصة الروسية للأوراق المالية في العاصمة موسكو (أ.ف.ب)

أدى إعلان الولايات المتحدة عن فرض حزمة العقوبات الثانية ضد روسيا، على خلفية قضية تسمم ضابط الاستخبارات الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا العام الماضي، إلى تسريع تراجع العملة الروسية أمام العملات الصعبة نهاية الأسبوع الماضي، وذلك بعد تراجع طفيف سبق ذلك، حين تأثر الروبل بقرارات أميركية أخرى لم تكن موجهة مباشرة ضد روسيا.
ومع أن تأثير تلك القرارات الأميركية على استقرار الروبل ظهر جلياً خلال اليومين الأخيرين من الأسبوع الماضي، تبقى السوق الروسية بحالة ترقب اليوم (الاثنين)، الافتتاح الأسبوعي للبورصة، الذي سيتضح فيه مدى التأثير الفعلي لتلك العقوبات، بعد أن أكدت واشنطن مساء السبت أن الحزمة الثانية التي أقرتها شملت بما في ذلك سندات الدين العام الروسي. وفي تعليقه على تلك التطورات، أكد وزير المالية الروسي أن الاقتصاد الوطني اكتسب مناعة بوجه العقوبات، وسيتمكن من مواجهة تداعياتها.
الضربة الأميركية الأولى التي أصابت الروبل الروسي لم تكن موجهة ضده مباشرة، إذ تراجع متأثراً بتداعياتها. وكان ذلك مساء الأربعاء 31 يوليو (تموز)، حين أكد الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تمسكه بالسياسة النقدية المتشددة وعدم وجود نية للمضي في دورة طويلة لتخفيف التشدد، وذلك رغم إقراره تخفيض سعر الفائدة على الإقراض بمقدار ربع نقطة مئوية، لأول مرة منذ عام 2008.
على وقع تلك الأنباء، سجل الدولار صباح الخميس 1 أغسطس (آب) ارتفاعا طفيفا أمام الروبل. وفي النصف الثاني من النهار، تسارع هبوط الروبل أمام العملات الصعبة، متأثراً بتراجع أسعار النفط، على خلفية فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً تجارية جديدة بنسبة 10 في المائة على منتجات صينية.
وفي اليوم الأخير من الأسبوع الماضي، الجمعة 2 أغسطس، تسارع هبوط الرول أمام العملات الصعبة، حين تعرض لضربة مباشرة، جاءت بعد إعلان الولايات المتحدة فرض الحزمة الثانية من عقوبات ضد روسيا، على خلفية اتهامها باستخدام غاز «نوفيتشوك» في تسميم ضابط الاستخبارات الروسية السابق سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا. وحينها أعلنت الولايات المتحدة في مطلع أغسطس العام الماضي عن عقوبات من «حزمتين»، بدأ العمل بالحزمة الأولى منها في 22 أغسطس 2018، وشملت حظر تصدير المنتجات ثنائية الاستخدام (لأغراض مدينة وعسكرية) إلى روسيا. ومنحت الولايات المتحدة روسيا مهلة ثلاثة أشهر لتنفيذ جملة شروط بينها السماح بتفتيش منشآتها الكيماوية، وبحال عدم امتثالها لتلك الشروط يتم فرض الحزمة الثانية بعد 90 يوماً.
وعوضاً عن ثلاثة أشهر، قررت الإدارة الأميركية فرض الحزمة الثانية من تلك العقوبات بعد مضي عام تقريبا على الحزمة الأولى، وأعلنت عن ذلك يوم الجمعة، وقالت إن الحزمة الجديدة ستشمل الدين الروسي العام، ومطالبة البنوك الدولية بعدم إقراض روسيا. ومع أن واشنطن لم تكن قد كشفت بعد عن تفاصيل تلك الحزمة من العقوبات، بدأ الروبل ينهار بسرعة في النصف الثاني من النهار. وفي آخر جلسة في البورصة الأسبوع الماضي، ارتفع سعر صرف الدولار حتى 65.93 روبل، أي أن سعر صرف العملة الروسية تراجع أمام الدولار نحو 1 روبل و4 كوبييك، خلال ساعات قليلة. وتراجع كذلك أمام اليورو حتى 72.44 روبلا لليورو الواحد.
لاحقاً، كشفت الولايات المتحدة، مساء السبت، عن طبيعة تلك العقوبات، وأوضحت أنها تنص على حظر مشاركة البنوك الأميركية في الإيداعات الأولية للسندات «السيادية» الروسية غير المقومة بالروبل، مع استثناء المشاركة بالإيداعات في السوق الثانوية. ورفض منح المؤسسات الحكومية الأميركية للمنتجات الكيميائية والبيولوجية تراخيص تصدير منتجاتها إلى روسيا. ورفض تمديد أي قرض أو خدمة مالية أو تقنية لروسيا من قبل المؤسسات المالية الدولية، ومنع إقراض الأموال غير المقومة بالروبل للحكومة الروسية، وإضافة قيود على ترخيص تصدير السلع والتكنولوجيا التي تتحكم بها وزارة التجارة.
وفي أول تعليق رسمي على تلك المستجدات، سارع وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف إلى طمأنة السوق، وقال إن الحزمة الجديدة من العقوبات تلحق الضرر بالعلاقات الثنائية، لكنها لن تترك أثراً سلبياً على اقتصاد البلاد والنظام المالي، وأكد أن «الاقتصاد الروسي أظهر في السنوات الماضية قدرته على الصمود تحت ضغط القيود الخارجية»، لافتاً إلى أن «السياسة المالية المتوازنة المتبعة وهيكلية النظام الاقتصادي الكلي التي أنشأناها تتسم بالمرونة، كل ذلك يضمن تأقلم الاقتصاد بسرعة مع الظروف الخارجية غير المواتية».
وقلل سيلوانوف من تأثير العقوبات على الدين العام الروسي وديون الشركات، وقال إن «النظام المالي الذي طورته الحكومة يتيح تلبية احتياجات ميزانية الدولة والشركات في الموارد المالية المقترضة».
وبعد توضيح الولايات المتحدة طبيعة تلك العقوبات، تباينت التقديرات بشأن تأثيرها على الروبل خلال الفترة القادمة، لا سيما مع بدء عمل البورصة اليوم الاثنين. ورأى البعض أن التأثير سيكون محدوداً للغاية، نظراً لأن السوق أبدت «رد فعل مبكر» على الحزمة الجديدة نهاية الأسبوع الماضي. فضلا عن ذلك، فإن استثناء مشاركة البنوك الأميركية في إيداعات السندات المقومة بالروبل، والإيداعات في السوق الثانوية، عوامل من شأنها «تلطيف» تأثير هذه الحزمة على سعر صرف الروبل خلال الفترة القادمة.
وبالمقابل حذر آخرون من احتمال تراجع حاد على الروبل مطلع الأسبوع، فضلا عن تداعيات سلبية على الاقتصاد الروسي على المديين المتوسط والبعيد، لأن العقوبات شملت الدين الروسي العام، رغم أنها لم تكن شديدة كما كان متوقعاً. أما العامل السلبي الآخر فهو أن هذه الحزمة تفرض قيوداً إضافية على التعاملات المالية بشكل عام مع المؤسسات الرسمية الروسية.
وتشير بيانات رسمية إلى أن حصة المستثمرين الأميركيين من إصدارات سندات الدين السيادي الروسي خلال العام الجاري بلغت 22.4 في المائة. بما في ذلك شراء المستثمرين الأميركيين 29 في المائة من الإصدار الأخير لسندات الدين العام مستحقة السداد عام 2035.
وحسب آخر بيانات عن المركزي الروسي، فإن حصة «غير المقيمين» من إجمالي السندات الروسية (سندات الدين الفيدرالي، وسندات اليورو بوند) بلغت 35.7 في المائة، أو 60.7 مليار دولار من أصل 170.3 مليار، بما في ذلك 20 ملياراً حصتهم في سندات اليورو بوند. إلا أن تلك البيانات لم تحدد حصة المستثمرين الأميركيين على وجه الخصوص. وقالت وكالة «آكرا» الروسية للتصنيفات الائتمانية إن حصتهم تتراوح بين 8 و10 في المائة من إجمالي سندات الدين العام الروسي، أي ما بين 13 و17 مليار دولار أميركي.



وزير السياحة المصري: الاستقرار وثقة السائح مفتاحا نمو القطاع

وزير السياحة المصري: نعمل على تعزيز التكامل العربي في السياحة البينية
0 seconds of 1 minute, 45 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:45
01:45
 
TT
20

وزير السياحة المصري: الاستقرار وثقة السائح مفتاحا نمو القطاع

شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)
شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)

أكد وزير السياحة والآثار في مصر، شريف فتحي، أن الاستقرار السياسي في البلاد، وثقة السائح المتراكمة عبر عقود طويلة، ركيزتان أساسيتان في استمرار نمو القطاع السياحي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة.

وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في «سوق السفر العربي» في دبي إن مصر لطالما استعادت عافيتها السياحية سريعاً بعد الأزمات، ما يعكس متانة الوجهة، وثقة الأسواق العالمية في المقصد المصري.

وأوضح أن هذا النمو لم يكن مصادفة، بل نتيجة عمل مؤسسي طويل الأمد تقوده الدولة، مدعوماً ببرامج تسويقية متطورة، واستثمارات متزايدة في البنية التحتية، والخدمات الفندقية.

وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي (الشرق الأوسط)
وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي (الشرق الأوسط)

المنافسة الخليجية... تكامل لا تعارض

وحول المنافسة المتزايدة بين الوجهات السياحية في المنطقة، شدد فتحي على أن التنافس في السياحة العربية «صحي وضروري»، لكنه لا يلغي فرص التكامل.

وكشف عن لقاء جمعه مؤخراً بوزيرة السياحة البحرينية، تم خلاله الاتفاق على بحث إطلاق برامج سياحية مشتركة بين البلدين، بما يتيح للمسافرين العرب والأجانب زيارة وجهات متعددة ضمن حزمة واحدة.

وقال فتحي: «لدينا أيضاً تعاون مع السعودية، وقطر، والأردن، ونؤمن بأن السائح يمكن أن يستفيد من تنسيق عربي مشترك، بحيث تتكامل التجارب السياحية، وتُبنى على نقاط القوة لكل بلد».

وأضاف أن هذه المبادرات، وإن لم تحقق أرقاماً ضخمة مباشرة، فإنها تعزز من قيمة التجربة السياحية، وتفتح آفاقاً جديدة للسوق.

شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)
شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)

تنوع في المنتج السياحي

وتطرق وزير السياحة والآثار المصري عن رؤية الوزارة التي تركز على استثمار الميزة التنافسية الكبرى لمصر، والمتمثلة في تنوع أنماط السياحة، وقال: «لدينا منتج سياحي متفرد، يجمع بين التاريخ الفرعوني، والآثار القبطية والإسلامية، والسياحة الشاطئية والصحراوية، والواحات، والمنتجعات العالمية في شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالي».

وأشار إلى أن الوزارة أطلقت حملات تسويقية حديثة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، استهدفت أسواقاً أوروبية، وحققت أكثر من 100 مليون مشاهدة خلال أيام، مما ساهم في رفع معدلات الاهتمام بمصر على أنها وجهة متنوعة، وآمنة.

جانب من الجناح المصري في سوق السفر العربي (الشرق الأوسط)
جانب من الجناح المصري في سوق السفر العربي (الشرق الأوسط)

تمكين القطاع الخاص

وأكد فتحي أن الوزارة تعمل على تمكين القطاع الخاص، بوصفه المحرك الأساسي لصناعة السياحة، وأضاف: «نحن لا ندير رحلات السائحين، بل نهيئ البيئة التنافسية، ونرفع من جودة الخدمات»، لافتاً إلى أن مصر تشهد تطوراً مستمراً في مستوى الخدمات، من المطارات إلى الفنادق، والمزارات، نافياً أن تكون معدلات الازدحام مشكلة مقارنةً بدول سياحية أخرى.

كما أشار إلى أن عام 2025 يتوقع أن يشهد نمواً في أعداد السياح بنسبة تصل إلى 8 في المائة، بعدما سجل الربع الأول نمواً بنسبة 25 في المائة، واعتبر أن استمرار هذا الزخم ممكن في حال الحفاظ على الاستقرار، وتحسين القدرة الشرائية العالمية.

مشاركة سوق السفر العربي

وفي ختام حديثه، تطرق فتحي إلى مشاركة مصر بجناح ضخم في «سوق السفر العربي»، معتبراً أن الحضور المصري في هذه التظاهرة السياحية الكبرى يعكس الاهتمام الرسمي بالأسواق الخليجية، والعربية.

وقال: «الجناح يمتد على مساحة 800 متر مربع، ويضم 77 عارضاً، إلى جانب شركات كبرى لها أجنحة منفصلة. التصميم هذا العام يعكس التجديد، ويضم تقنيات الواقع الافتراضي، وأقساماً لعرض المقتنيات الأثرية».

وأضاف أن المشاركة ليست فقط للترويج، بل أيضاً لتعزيز الشراكات مع الأسواق الخليجية التي تُعد امتداداً طبيعياً للسياحة المصرية، وقال: «نحن لا نتعامل مع السائح الخليجي كزائر، بل كأحد أهل الدار».