رئيس الوزراء السوداني المرتقب خبير اقتصادي بمسيرة أممية

حمدوك (الأمم المتحدة)
حمدوك (الأمم المتحدة)
TT

رئيس الوزراء السوداني المرتقب خبير اقتصادي بمسيرة أممية

حمدوك (الأمم المتحدة)
حمدوك (الأمم المتحدة)

برز اسم الخبير الاقتصادي الدولي، أحمد عبد الله حمدوك، كأوفر المرشحين حظاً لتولي رئاسة الوزراء في السودان خلال المرحلة الانتقالية التي ستبدأ قريباً وتستمر لمدة 3 سنوات، وهو أيضاً المرشح الرسمي من قبل تجمع المهنيين السودانيين، أحد أهم مكوّنات «قوى الحرية والتغيير» التي قادت الثورة. وظهر اسم حمدوك في أجندة السياسة السودانية للمرة الأولى في عام 2018، حين رشحته حكومة الرئيس المعزول عمر البشير وزيراً للمالية، لكنه اعتذر عن قبول المنصب، وهو ما جعل اسمه متداولاً بكثافة في الدوائر السياسية السودانية باعتباره موقفاً وطنياً في عدم القبول بالتعاون مع نظام البشير الذي كان متهماً بالفساد والفشل.
وارتفعت أسهم حمدوك وتزايد ترديد اسمه منذ عزل الرئيس البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي، إذ طُرح اسمه بطريقة غير رسمية رئيساً للوزراء من قبل «قوى الحرية والتغيير»، فيما أكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن المجلس العسكري وافق أيضاً على ترشيحه، مشيرة إلى الرجل أبدى موافقته المبدئية على قبول المنصب، مشترطاً «توافق الأطراف عليه». وأضافت المصادر أن حمدوك، الذي ظل يشغل مناصب دولية رفيعة وعاش خارج السودان لسنوات طويلة، يستعد للعودة إلى الخرطوم قريباً لتسلم مهام رئاسة الوزارة بمجرد اعتماد اسمه رسمياً لهذا المنصب.
والدكتور أحمد عبد الله حمدوك حاصل على بكالوريوس (مع مرتبة الشرف) في علم الاقتصاد من جامعة الخرطوم، وعلى ماجستير ودكتوراه في المجال نفسه من كلية الدراسات الاقتصادية بجامعة مانشستر البريطانية. وبعد تخرجه عمل في وزارة المالية في منصب كبير المسؤولين في الفترة من 1981 حتى 1987، وبعدها عمل في شركة مستشارين خاصة في زيمبابوي حتى عام 1995، ومن ثم مستشاراً في منظمة العمل الدولية في زيمبابوي حتى عام 1997. ثم عُين في بنك التنمية الأفريقي في ساحل العاج حتى عام 2001، وانضم بعدها إلى اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة لهيئة الأمم المتحدة ومقرها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وتنقل في عدة مواقع في الأمم المتحدة حتى أصبح نائب الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا. في الفترة من 2003 حتى 2008، عمل حمدوك في المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية (IDEA) بصفته مديراً إقليمياً لأفريقيا والشرق الأوسط، وفي 2016 تم تعيينه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة وقتذاك، بان كي مون، القائم بأعمال الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا.
وربما لن يجد حمدوك، حين تحل طائرته مطار الخرطوم، أرضاً ممهدة يسير عليها بسهولة، بل سيكون عليه تمهيد طريق الثورة من البداية، وسيجد نفسه يواجه أول اختيار في تشكيل وزارته الجديدة، إذ إن «قوى الحرية والتغيير» ستقدم له قائمة من 60 مرشحاً للوزارة ليختار من بينهم 20 وزيراً، هو حجم الحكومة الانتقالية التي تم التوافق عليها. وبحسب «قوى الحرية والتغيير» فإن مجلسها المركزي (القيادي) قد أعد قائمة من ثلاثة مرشحين لكل وزارة بحسب اختصاصات الوزراء، وعلى حمدوك اختيار أحدهم ليكون ضمن طاقمه الوزاري، الذي سيكون عليه إصلاح وضع اقتصادي واجتماعي وأمني خربته 30 عاماً من حكم البشير والإسلاميين في السودان.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم