استئناف المفاوضات بين «طالبان» والمبعوث الأميركي

مروحية عسكرية أميركية فوق المنطقة الآمنة في كابل (أ.ف.ب)
مروحية عسكرية أميركية فوق المنطقة الآمنة في كابل (أ.ف.ب)
TT

استئناف المفاوضات بين «طالبان» والمبعوث الأميركي

مروحية عسكرية أميركية فوق المنطقة الآمنة في كابل (أ.ف.ب)
مروحية عسكرية أميركية فوق المنطقة الآمنة في كابل (أ.ف.ب)

استؤنفت في الدوحة الجولة الثامنة من المفاوضات بين المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد ووفد من المكتب السياسي لحركة «طالبان» بهدف التوصل لاتفاق سلام ينهي تدخلاً عسكرياً أميركياً في أفغانستان عمره نحو 18 عاماً تنسحب بموجبه القوات الأميركية وقوات حلف الأطلسي من البلد الذي مزقته الحرب، فيما تتعهد «طالبان» بعدم السماح باستخدام أفغانستان منطلقا لأي هجمات جديدة ضد أميركا والدول الغربية. وأكد المتحدث باسم حركة «طالبان» في الدوحة سهيل شاهين: «اليوم بدأت المحادثات». وقال لـوكالة الأنباء الألمانية: «من المأمول أن يتم التوصل إلى حل في شكله النهائي في هذه الجولة»، مضيفاً أن هناك بعض التفاصيل العالقة لا تزال قائمة لبحثها في المحادثات المقبلة. ورغم عدم وجود تأكيد على حدوث انفراجة، فإن الخلافات بين الجانبين محدودة، بحسب مصادر الوكالة. وتعقد الولايات المتحدة وحركة «طالبان» اجتماعات منذ الصيف الماضي على أمل إيجاد حل سلمي للنزاع الأفغاني الذي بدأ قبل عقدين تقريباً. في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2001، بعد أقلّ من شهر على اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة التي أسفرت عن ثلاثة آلاف قتيل، نفذت واشنطن وحلفاؤها عملية عسكرية واسعة النطاق في أفغانستان.
وتريد واشنطن قبل كل شيء ضمانات من حركة «طالبان» بأن أفغانستان لن تصبح ملاذا آمنا للإرهابيين، في حين تركز الحركة على ضمان انسحاب جميع القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة من أفغانستان. وفقا للولايات المتحدة، ينبغي أن يشمل الاتفاق أيضا وقف إطلاق النار ومحادثات مباشرة بين الحكومة الأفغانية و«طالبان». ووصل زلماي خليل زاد، المبعوث الأميركي للسلام في أفغانستان الذي يعقد اجتماعات مع قادة من «طالبان» منذ العام الماضي، إلى الدوحة مساء الجمعة. وقال مصدران مطلعان على المحادثات إن من المتوقع إبرام اتفاق بانسحاب القوات الأجنبية مقابل ضمانات أمنية تقدمها «طالبان» قبل 13 أغسطس (آب). وأعرب المبعوث الأميركي عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع نهاية هذه الجولة. وقال خليل زاد بعد وصوله للدوحة إنه مستعد لاتفاق جيد مع «طالبان». وأشار في تغريدة له: «إن (طالبان) أشاروا إلى رغبتهم في إنهاء المفاوضات باتفاق»، مضيفا أن «الولايات المتحدة تسعى لاتفاق سلام وليس اتفاقية انسحاب. اتفاق سلام يمهد للانسحاب»، معتبرا أن «الوجود الأميركي في أفغانستان مبني على شروط والانسحاب سيكون مبنيا على شروط».
وينتشر بأفغانستان حاليا نحو 20 ألف جندي أجنبي، معظمهم أميركيون، في إطار مهمة لحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة لتدريب ومساعدة القوات الأفغانية وإمدادها بالمشورة. وتسيطر حركة «طالبان» حاليا على مساحات أكبر من أي وقت مضى منذ أطاحت بها الولايات المتحدة من الحكم في عام 2001.
وجاءت هذه الأقوال في وقت بدأت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعد الخطط لسحب عدة آلاف من الجنود من أفغانستان ضمن اتفاقية مع «طالبان». ونشرت صحيفة واشنطن بوست خبرا عن أنه سيتم خفض عدد القوات الأميركية إلى ثمانية أو تسعة آلاف من مجموع 14 ألف جندي. وقالت الصحيفة إن هذا الانسحاب سيمهد الطريق أمام «طالبان» والحكومة الأفغانية لبدء مفاوضات بينهما تتضمن اتفاقا لوقف إطلاق النار وإنهاء لعلاقة «طالبان» بـ«القاعدة».
وقال الرئيس الأميركي الجمعة إنّ هناك «الكثير من التقدّم» في محادثات السلام مع «طالبان»، لكنّه حذّر في الوقت نفسه من أنّ لديه القدرة على أن يمحو جزءاً كبيراً من أفغانستان في غضون أيّام، ما سيؤدي إلى مقتل الملايين. وصرّح ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: «حقّقنا الكثير من التقدّم. نحن نجري محادثات». وقال إن القوات الأميركية المنتشرة منذ نحو عقدين من الزمن «يُمكنها الانتصار في أفغانستان في غضون يومين أو ثلاثة أو أربعة، لكنّني لا أتطلّع إلى قتل 10 ملايين شخص». وكان ترمب أدلى في يوليو (تموز) المنصرم بتصريحات مماثلة حول 10 ملايين قتيل، غير أنّه أوضح هذه المرّة أنّ الأمر لن يشمل أسلحة نوويّة، وقال: «أنا أتحدّث عن أسلحة تقليديّة». غير أن ترمب لم يكن واضحا في الرد على سؤال حول تقرير في صحيفة واشنطن بوست، عن اتفاق يجري التفاوض بشأنه يتضمن خفض الولايات المتحدة عدد قواتها في أفغانستان من 14 ألف عنصر حاليا إلى 8 آلاف.
ونقلت وكالات أنباء أميركية عن مساعدين للرئيس الأميركي قولهم إن ترمب أبلغهم عزمه سحب القوات الأميركية من أفغانستان قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. وجاء هذا بعد إعلان مصادر أميركية إمكانية سحب عدة آلاف من الجنود من أفغانستان مقابل وعد من «طالبان» بإجراء مفاوضات مباشرة مع الحكومة الأفغانية، وأن إدارة الرئيس ترمب تسعى للتوصل إلى اتفاق مع «طالبان» قبل مطلع الشهر القادم. ونقلت قناة «إن بي سي» الأميركية عن مساعدين للرئيس الأميركي قولهم إنهم يرغبون لسحب كافة القوات الأميركية من أفغانستان قبل الموعد الذي وضعه ترمب قبل الانتخابات الرئاسية القادمة.
وقبل مغادرته إلى الدوحة، قال خليل زاد إنه يجري وضع اللمسات الأخيرة لتشكيل فريق التفاوض الأفغاني ومجموعة الدعم الفني. وترفض «طالبان» حتى الآن إجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية، التي تصفها بأنها «نظام دمية».
وأظهر أحدث بيان للأمم المتحدة أن معدل الخسائر البشرية بين المدنيين جراء الصراع في أفغانستان عاد ليسجل مستويات قياسية في يوليو (تموز) الماضي؛ حيث سقط أكثر من 1500 مدني بين قتيل وجريح، وهو أعلى رقم لأي شهر هذا العام. وتزامن مع بدء الجولة الثامنة من المفاوضات اشتداد المعارك والمواجهات في أنحاء أفغانستان بين «طالبان» والقوات الحكومية المدعومة من قوات حلف الأطلسي.
ونقلت وكالة باختر الحكومية الأفغانية مقتل ثمانية من قوات الحكومة بعد هجوم شنته قوات «طالبان» على مراكز أمنية للحكومة في ولاية دايكوندي وسط أفغانستان، وقالت الوكالة إن قوات «طالبان» اقتحمت مواقع القوات الحكومية في منطقة باتو حسب قول مسؤولين أمنيين في الولاية، ما نتج عنه مقتل ثمانية جنود وجرح عشرة آخرين، كما نقلت الوكالة عن حاكم الولاية قوله إنه تم إرسال تعزيزات من القوات الحكومية لاستعادة المواقع التي سيطرت عليها قوات «طالبان».



«الجنائية الدولية» ترفض طعن منغوليا في قرار يدين عدم توقيفها بوتين

لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» ترفض طعن منغوليا في قرار يدين عدم توقيفها بوتين

لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)

رفضت المحكمة الجنائية الدولية، الجمعة، طلب استئناف تقدمت به منغوليا ضد قرار أكد انتهاكها التزاماتها بعدم توقيفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء زيارة أجراها للبلاد.

وزار الرئيس الروسي منغوليا في أوائل سبتمبر (أيلول) رغم صدور مذكرة توقيف بحقّه من المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرّاً، بشبهة الترحيل غير القانوني لأطفال أوكرانيين بعد غزو أوكرانيا عام 2022.

وقالت المحكمة في قرارها: «إنها رفضت طلب منغوليا بالحصول على إذن بالاستئناف»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، اتهمت المحكمة الجنائية الدولية منغوليا، وهي دولة عضو، بالفشل في اعتقال بوتين، وأحالت المسألة على جمعية الدول الأطراف لاتخاذ مزيد من الإجراءات.

وينص نظام روما، وهو المعاهدة التأسيسية للمحكمة التي وقّعتها جميع الدول الأعضاء، على التزام الدول بتوقيف المطلوبين.

مسؤول عن «جريمة حرب»

وبعد أيام من صدور القرار، تقدّمت منغوليا بطلب للحصول على إذن باستئنافه، فضلاً عن استبعاد اثنين من القضاة، لكن المحكمة رفضت، الجمعة، طلبي منغوليا.

وقال القضاة إن قرار المحكمة، وإحالة المسألة على جمعية الدول الأطراف، لا يمكن استئنافهما، لأنهما «لا يُشكلان حكماً رسمياً للمحكمة بشأن جوهر القضية أو بشأن مسألة إجرائية».

وأضاف القضاة أن القرار كان «تقييماً للامتثال في ما يتعلق بواجب التعاون مع المحكمة».

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين في مارس (آذار) 2023. وقالت حينها إن هناك «أسباباً معقولة» للاعتقاد بأن بوتين «يتحمل المسؤولية عن جريمة الحرب المتمثلة في الترحيل غير القانوني» لأطفال أوكرانيين إلى روسيا.

ورفضت موسكو مذكرة التوقيف وعَدّتها باطلة، لكن زيارة بوتين إلى منغوليا كانت الأولى لدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية خلال 18 شهراً منذ صدور المذكرة.

وألغى الرئيس الروسي العام الماضي زيارة إلى قمة مجموعة «بريكس» في جنوب أفريقيا، العضو في المحكمة الجنائية الدولية، بعد ضغوط داخلية وخارجية على بريتوريا لتوقيفه.